قل يا حسين وقم
الحاج اسمه " ما شاء الله "
الحاج " ما شاء الله " رجل من مدينة كرمان عمره حوالي سبعين سنة ، وهو من المداومين على إطعام الطعام بثواب الإمام الحسين { عليه السلام } في كرمان .
هذا الحاج يقدم الطعام لمدة ثمانية عشر يوماً كل سنة في مدينته ، وموائده كموائد الملوك ، فهو يقدم كل أصناف الأطعمة على سفرته .
أحد أساتذة الحوزة العلمية في قم يقول : ذهبت يوماً الى بيت الحاج " ما شاء الله " لألتقي به واسأله من أين له كل هذه الثروة التي تسمح له بإقامة موائد بهذا المستوى !
ذهبت الى بيته وطرقت الباب ، فخرج لي رجل كبير في السن ومحاسنه يشع منها النور ، فقلت له : أأنت الحاج " ما شاء الله " ؟
قال : نعم . قلت : هل تعرفني أنا العالم الفلاني ؟
فعرفني لرؤيته أياي على التلفاز وأدخلني الى بيته ، فدخلنا وجلسنا فسألته من أين له القدرة على تقديم كل هذا ؟ ومن أين له كل هذه الثروة ؟ ثمانية عشر يوماً يقدم الموائد بهذه الطريقة ، وتكفي لأكثر من عشرة الآف شخص .
قال : يا شيخ ، حقيقة الأمر في شبابي كنت مصاباً بالحصبة ، وانتشر المرض في جسمي وتدهورت صحتي ، عرضوني على أطباء أصفهان وشيراز وطهران بلا فائدة ، ورجعنا خائبين الى كرمان ، ويوماً بعد يوم يشتد المرض ، وأوصى الطبيب بعدم زيارتي لكي لا تنتقل العدوى ، وبعد ذلك لم يأت أحد لزيارتي ، ووالدي متوفى وأمي كبيرة في السن ، وهذه المرأة العجوز تعتني بي في مرضي ، وكل ما أقوم بتحذيرها من الأقتراب تقول : لا تخف سأموت قبلك إن شاء الله .
لم تتوقف أمي عن زيارتي وقبل محرم بثلاثة أيام أخبرنا الطبيب ، بأنني أعتبر ميتاً ولن أعيش أكثر من عدة أيام ، فقال لأمي : خذيه الى البيت وأعتني به ليموت بجوارك ، فأرجعتني أمي الى المنزل .
مضت ستة أشهر وأنا مشلول ، فوضعتني في الفناء وذهبت لحوض الماء ، وكان بيدها منديل من كربلاء كانت تأخذه في كل مجلس لتمسح به دموعها ، وضعته في الماء وبدأت تغسله وهي تناجي الإمام الحسين { عليه السلام } وهي تقول :
(( يا حسين محرمك أقبل ، يا حبيبي يا حسين اذا لم يحن موت ابني إما أن تشفيه ويذهب بنفسه الى العزاء ولا يشغلني ، أو تأخذ روحه لأقيم عزائه ليومين وثم أتفرغ للعزاء في عاشوراء ))
وأثناء مناجاتها وبكائها وفي هذه الأثناء وأمي تبكي إنكسر قلبي ايضاً فقلت : (( حسين ، إذا شفيتني سأطعم الطعام لعشرة أيام ))
وكنا لا نملك شيئاً لأن كل ما لدينا أنفقته أمي على علاجي ، وبعدما فرغت أمي من مناجاتها أنزلتني الى السرداب ، وذهبت الى الطابق العلوي .
يا سماحة الشيخ كنت نائماً لا أعلم متى ، فرأيت رجلاً ينزل من الدرج وأضاء نوره كل السرداب وجلس بجنبي ، وبدأ يمسح على وجهي ويسألني : كيف حالك يا " ما شاء الله " ؟ أبعد الله عنك كل سوء .
وأخذ يتحدث ، كنت أريد أخباره بمرضي ، في الأخير تمكنت من إخباره فقلت : حاج أنا مصاب بالحصبة ، لا تقترب مني كي لا تصاب بالعدوى .
فقال لي : لا تخف مرضك لا يضرنا نحن ، وقال لي : قف على قدميك !
فقلت له : لا أستطيع ، لي ستة أشهر وأنا مشلول .
قال : قل يا حسين وقم !
فصرخت يا حسين وشعرت بقوة تسري في قدمي وتمكنت من الوقوف ، وعلمت أن هذا النوراني هو مولاي الحسين { عليه السلام } ، وبدأت ألتف حوله وأبكي بشدة وأصرخ : مولاي أنا عبد لتراب قدمك ، تلطفت علي وقطعت كل هذه المسافة .
فأمرني أن أجلس بجواره ، فجلست ، فقال لي : يا " ما شاء الله " هل تتذكر وعدك بأن تطعم الطعام لمدة عشرة أيام ؟ فقلت : نعم سيدي .
فقال : (( أمي الزهراء غريبة ، بعدد سنوات عمر أمي الزهراء { عليها السلام } ثمانية عشر ، أقم المجالس والموائد ثمانية عشر يوماً ، ثمانية أيام أتحمل نفقتها ، وعشرة أيام عليك ، لنتشارك في إقامة العزاء )) .
قلت : يشرفني ذلك مولاي ، أنا حاضر بالرغم من فقري .
وفجأة ذهب مولاي ، فأخذت أصرخ وأصيح وأبكي ، وكل المدينة عرفت بما حصل لي ، وفي اليوم التالي كنت بفناء المنزل وأتسائل كيف سأوفي بوعدي غداً لثمانية عشر يوما .
فسمعت الباب يطرق فتحت الباب ورأيت أمامي سيارة مليئة بالرز ، وسألني : هل هذا بيت " ما شاء الله " قلت : نعم .
قال : هذا من تاجر رز ويقول لك : (( الرز على عهدتي ما دمت حياً ، ولا تحمل همه )) .
وهكذا حصل مع باقي المستلزمات ، وكل ما على المائدة يصلنا ولا نعرف من أين يأتي !
يا سماحة الشيخ : صباح ليلة الوفاء بالعهد كنت نائماً تحت أشعة الشمس لأنني مدة ستة أشهر لم أتحرك ، ورأيت الباب يُفتح ، وإذت به ذلك النوراني الذي شافاني البارحة دخل الى المنزل وقال : (( " ما شاء الله " ألن تقيم اليوم مجلساً ؟ قم اكنس البيت وهيئه )) .
فرأيت المولى الحسين { عليه السلام } ذهب وأخذ المكنسة وبدأ يكنس فناء المنزل ، فقمت وقلت : (( يا بن رسول الله { صلى الله عليه وآله } دعني سأنظفه بنفسي ، فرفض وقال : أريد أن أكنس ما تحت أقدام معزين أمي الزهراء { عليها السلام } بنفسي )) .
أنت تقرأ
سانتظرك حتى وان ذبلت اوراقي
General Fictionاللهم أرِحْ قلبَ صاحب العصر والزمان عج و أزِل عنه الغمّ و الهمّ و أدخل عليه السرور بحق ضلع أمه فاطمة (ع). .!💔