وقد انقسمت العرب في طقوس عبادتها وحجّها ونسّكها إلى ثلاث قبائل وهي الحمس والحلة والطلس وسنذكر عن كل منهم نبذة مختصره فقبائل الحمس من العرب كانوا يُسمّون أهل الله وهم قريش كلها وخزاعة لنزولها مكة ومجاورتها قريشاً وكل من ولدت قريش من العرب وكل من نزل مكة من قبائل العرب وكان الحمس قد شددوا على أنفسهم في دينهم فكانوا إذا نسكوا لم يسلؤوا سمناً ولم يطبخوا أقطاً ولم يدّخروا لبناً ولم يحولوا بين مرضعة ورضاعها حتى يعافه ولم يحلقو شعراً ولا ظفراً ولا يبتنون في حجّهم شعراً ولا وبراً ولا صوفاً ولا قطناً ولا يأكلون لحماً ولا يمسّون دهناً ولا يلبسون إلا جديداً، ولا يطوفون بالبيت إلا في حذائهم وثيابهم ولا يمسّون المسجد بأقدامهم تعظيماً لبقعته ولا يدخلون البيوت من أبوابها ولا يخرجون إلى عرفات وكانوا يقولون: ”نحن أهل الله“ويلزمون مزدلفة حتى يقضوا نسكهم ويطوفون بالصفا والمروة إذا انصرفوا من مزدلفة ويسكنون في ظعنهم قباب الآدم الحمر
اما قبائل الحلة من العرب وهم تميم بن مرّ كلها غير يربوع ومازن وضبّة وحميس وظاعنة والغوث بن مرّ ومن ذكرنا هم لايفعلون مايفع بقية تميم واما قيس عيلان بأسرها فهم من الحله ويفعلون مايعل الحله ماعدا ثقيفاً وعدوان وعامر بن صعصعة وربيعة بن نزار عن بكرة ابيهم لايفعلون فعل الحله وقضاعة كلّها تفعل ما خلا عكلافاً وجناباً والأنصار وخثعم وبجيلة وبكر بن عبد مناة بن كنانة وهذيل بن مدركة، وأسد وطيء وبارق
فأما طريقة حجهم كالتالي فالحلة يحرّمون الصيد في النسك ولا يحرّمون في غير الحرم ويتواصلون في النسك ويمنح الغني ماله أو أكثره في نسكه فيسلأ فقراؤهم السمن ويجتزّون من الأصواف والأوبار والشعار ما يكتفون له ولا يلبسون إلا ثيابهم التي نسكوا فيها ولا يلبسون نسكهم الجدد ولا يدخلون من باب دار، ولا باب بيت ولا يؤويهم ظل ما داموا محرمين وكانوا يدهنون ويأكلون اللحم،ة وأخصب ما يكونون أيام نسكهم فإذا دخلوا مكة بعد فراغهم تصدّقوا بكل حذاء وكل ثوب لهم ثم استكروا من ثياب قبائل الحمس تنزيهاً للكعبة أن يطوفوا حولها إلا في ثياب جدد ولا يجعلون بينهم وبين الكعبة حذاء فهم يباشرونها بأقدامهم
فإن لم يجدوا ثياباً طافوا عراة وكان لكل رجل من الحلة حرمى من الحمس يأخذ ثيابه فمن لم يجد ثوباً طاف عرياناً وإنما كانت الحلة تستكري الثياب للطواف في رجوعهم إلى البيت لأنهم كانوا إذا خرجوا حجاجاً لم يستحلوا أن يشتروا شيئاً ولا يبيعونه حتى يأتوا منازلهم إلا اللحم وكان رسول الله صلّى الله عليه حَرَمِيّاً لعِياضَ المُجاشِعيّ لأنه عندما قدم عياض مكة طاف في ثياب رسول الله صلّى الله عليه
اما قبائل الطلس
قبائل الطلس هم سائر أهل اليمن وأهل حضرموت وعك وعجيب وإياد بن نزار وكانت الطلس بين الحلة والحمس يصنعون في إحرامهم ما يصنع الحلة ويصنعون في ثيابهم ودخولهم البيت ما يصنع الحمس وكانوا لا يتعرّون حول الكعبة ولا يستعيرون ثياباً ويدخلون البيوت من أبوابها وكانوا يقفون مع الحلة ويصنعون ما يصنعون........مصادر هذا الكلام معجم الهة العرب لجورج كدر
والمنمق في اخبار قريش وكتاب المحبر وكلاهما لمحمد ابن حبيب البغداديانتهى