المقدمة

348 9 0
                                    


فيكتور هيجو ( 1802 - 1885 ) و البؤساء
يحتل فيكتور هيغو مكانة مميّزة في تاريخ الأدب الفرنسي ، فقد القى ظله على القرن التاسع عشر بكامله ، سواء بنتاجه الأدبي الضخم أاو بمواقفه السياسية.

ولد في 26 شباط ( فبراير ) 1802 في مدينة بيزنسون الفرنسية وكان والده ضابطاً عالي الرتبة ، ثم نال لقب كونت . قضى الكاتب طفولته وفتوته في باريس باستثناء مدة قصيرة اصطحبه فيها أهله للإقامة في إيطاليا ثم في إسبانيا التي احتفظ منها بذكريات وتأثيرات ، وفي باريس تلقى دروسه بتفوق ، وفي سن مبكرة ، الف قصائده الأولى ، وارتسم طموحه البعيد ، وكان مثاله الأعلى في الشهرة والمجد الأدبي مواطنه الكاتب والشاعر شاتوبريان . وكان ما يزال في الخامسة عشرة عندما نال جائزة من الأكاديمية الفرنسية ، وجائزة أخرى من مدينة تولوز بعد ذلك بسنتين ، وبهذا التقدير الأدبي الذي لقيه ، استطاع أن يقنع والده بصحة اتجاهه إلى الأدب ا متخليا بذلك عن الدراسات العلمية أو الحقوقية التي كان يريدها له أبوه.

سنةة 1819 ، أصدر هيجو مجلة أدبية تمرس فيها بالعمل الصحفي والأدبي .
وفي العشرين من عمره ترويج فرزق أربعة أولاد . وابتداء من سنة 1822 بدأ ينشر مجموعاته الشعرية وبعض أعماله القصصية ، وبرز هيغو في طليعة أدباء عصره ، وبات منزله مركز الندوة التي ضمت رواد و الحركة الرومنطيقية ، وترسخت أعماله القصصية بنشر رواية نوتر دام دو باري ( 1831 ) التي ظهرت من خلالها مهارته التعبيرية وقوة خياله وقدرته على إحياء التاريخ.

كان لوفاة ابنته ليوبولدين غرقاً مع زوجها في نهر السين ( سنة 1844 ) اثر هائل في نفسه ، فانصرف جزئياً عن الاهتمام الأدبي إلى معترك السياسة . وإتخذ مواقف متشدّدة رافضاً عقوبة الإعدام ، وناقماً على الظلم الاجتماعي . تميز في المرحلة الأولى من حياته بمجاراة النظام القائم ، وتقربه من أصحاب السلطة ، فعيّنه الملك لويس - فيليب عضواً في مجلس الأعيان ( 1945 ) . ثم تبدل موقفه السياسي وانتخب نائباً عن مدينة باريس في الجمعية التأسيسية ( 1848 ) ، ثم في الجمعية التشريعية ( 1849 ) ، وحاول إثارة الشعب الباريسي ، لكن دعوته فشلت ، ففر إلى ما وراء الحدود ، إثر محاولة انقلاب 1851 قضي هيجو تسع عشرة سنة في المنفى ( 1851 - 1870 ) ، وفي منفاه ( بلجيكا ) كتب القسم الأهم من نتاجه الأدبي ، فضلاً عن القصائد ذات المنتدى السياسي المعارض التي كان الفرنسيون يتداولونها خفية عن أعين السلطة ، ونشر رواية البؤساء سنة 1862 ثم عمال البحر والرجل الضاحك .

وعاد إلى باريس فور إعلان الجمهورية، استمر هيغو مبرزاً في الحقل السياسي ، وانتُخب نائباً في الجمعية الوطنية ( 1871 ) ، وأصبح عضواً في مجلس الشيوخ لمدى الحياة منذ 1876 والسياسي الذي استقطب أنصار الحكم الجمهوري ، والكاتب الأوسع شعبة في قرنه . فبمناسبة عيد ميلاده الثمانين ، قام مواطنوه بمسيرة حاشدة لا ليكرموا ثمانية عقود من الشعر والإبداع الأدبي والعبقرية وحسب ، بل ليحيوا قرناً كاملاً من تاريخ فرنسا ، كان هيجو شاهده الأكبر في مؤلفاته ، وأحد أبرز مناضليه السياسيين.

توفي في 22 أيار ( مايو ) 1885 ، وأقيم له في الأولى من حزيران (يونيو) مأتم رسمي وشعبي حاشد ، وسار الباريسيون خلف جثمانه من قوس النصر إلى مبنى البانتيون حيث يرقد عظماء الأمة الفرنسية . وفي و صف هذا المشهد المهيب كتب مورايس باريس ( Bartla ) ( ان نهرنا الفرنسي تدفق ، من منتصف النهار إلى السادسة مساء ، بين ضفتين هائلتين من الشعب المتزاحم على الأرصفة ، المتعالي على السلالم ، المتراكم الى الشرف ، المحتشد على السطوح . إن حدثاً تتجسد فيه الوحدة والحماسة ، هائلاً كأعظم مشهد في الطبيعة ، يتحقق عرفاناً لشاعر - ادبي، لعجوز استعطاع ، طوال حياته ، بنزعته المثالية وتطلعاته الطوباوية ، أن يلهب قلوب الناس انه حقاً لأمر جدير بأحياء أكثر الأمال).
ترك فيكتور هيجو نتاجاً ضخماً متنوع الفنون الأدبية ، ومن مؤلفاته المسرحية والشعرية والقصصية : هرناني ( 1830 ) نوتر دام دو باري ( 1831 ) ، أوراق الخريف ( 1831 ) أناشيد العشق ( 1835 ) ، الأشعة والظلال ( 1840 ) ، العقاب ( 1853 ) ، التأملات ( 1856 ) ، أسطورة العصور ( 1859 - 1883 ) ، البؤساء ( 1862 ) عمال البحر ( 1866 ).

البؤساء ( فكتور هيجو ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن