جزء2 من الروايه

1.8K 14 2
                                    

انتقت فستانا قصير بلون أحمر، لا تحب اللون الأحمر، اختارته لأنه لون الجرأة، امرأة تقوم با عداد حفل لطلاقها تستحق أن تتقلد وسام الجرأة. وضعت فوق شعرها الأسود تاجا مرصعا بأحجار لامعه براقه، أحجار لقيطه لاتنتمي لأي عائله كريمة، لكنها لا تهتم، يكفي أنها تؤدي واجبها في عالم الزينه. لم تعد وضع مساحيق التجميل، ولا تجديد ما تفعله الفتيات للعناية بأجسادهن، تجهل كيف ترعى أرض أنوثتها الحدباء، وكيف تهدي ثمارها إن انعيت؟ دائما تشعر أنها مختلفه عمن تلاقيهن من الفتيات، وكأن بداخلها رجلا لا امرأه، رجل لا يمنحها من صفاته سوى العضلة والخشونه، حاولت مرارا استدعاء الأنثى بداخلها، لكنها لم تستجب لها يوما؛ فالاموات لا يستجيبون لنداء لإحياء. أمسكت بشعرة بيضاء اطالت من بين جاراتها السوداء في محاوله خبيثة لشن غاره على مزاجها الرائق، شعرة لئيمه قادره على تبديد راحتها يوما كاملا، لكن ليس اليوم، لن نسمح لها. التفت الأنامل بقيود حول الشعرة التي تحمل توقيع الزمن؛ ونزعتها من جذورها في حركه سريعه قاسيه، ألقاها ارضا، ثم خطت بقدميها فوق كل شيء يلبسها سعادتها هذه الليله. تذكرت يوم ان كانت طفله في الثامنة تعقد أن افلام الأبيض و الأسود ترصد زمنا يعيش فيه الناس حقيقه في عالم خال من الألوان، لم تكن تنضر للابيض كرمز للخير والأسود رمز للشر، بل الأبيض هو السعاده، والأسود هو الحزن، في أنقى صوتها، يومها تمنت لو عاشت في هذا العالم الصريح الذي لم يتبق من آثاره سوى ذكرى في التلفاز، عندئذ لم تكن لتعيش بالتيه و الغربه وسط كل هذه الألوان المتناقضة.. كبرت وعرفت أن العالم ليس حزنا وفرحا فحسب، هناك حزن تشويه بقايا ضحكه محتضره وضحكه تنعكس فوق الثغر والقلب مهموم، هناك سعاده مجهضه متشحه بالسواد، وفرحه خدج لم يكتب لها أن تكمل في رحم السعاده قط. خرجت صاحبه التاج من غرفتها لتستقبل في حجرة الصالون ثماني مدعوات من صديقاتها، جميعهن من النساء المقاربات في العمر، لا تقل صغيرتهن عن الثالثة والعشرين، ولا تزيد كبيرتهن عن الخامسه والثلاثين، أما هي فتقف على الصراط بين الرابعه والعشرين، والخامسة والعشرين. - خمسه.. اربعه.. ثلاثه.. اثنان.. واحد. أخرجت صاحبه التاج سلسله زفير متواترة كافيه لإطفاء ثلاثمائة وخمس وستين شمعه؟ لم تكف الكعكه لدس هذا العدد الكبير من الشموع فألصقت صديقاتها الشمعات بلطاوله الخشبية الكبيره.. ثم ألقت بجسدها فوق أحد المقاعد تاركه لهن مهمه تعبئه اطباقهن بما قالت قيمته الغذائيه وزادت سعراته الحر اليه. جذبتها احدهن من ذراعيها، ورفعت أخرى اصوات موسيقى شعبيه اهتزت من ذبذباتها الجدران، وقفت، ورقصت، وضحكت، واكلت، ثم جلست.. جذبتها أخرى فوقفت، ورقصت، وضحكت، واكلت، ثم انفتح الباب؟ دخلت البيت امرأه خمسينيه ترتدي السواد كأنها في حداد، تطل الدهشه من عينيها القويتين لكنهما تحملان أثر بكاء. أشارت فيما حولها وهي تجيل بأنضارها في وجوه الفتيات تاره، وفي وجه صاحبه التاج تاره أخرى وتتساءل: - ما هذا؟؟ تقدمت صاحبه التاج لتواجه المرأه صاحبه الحداد، وفي يدها طبق امتلأ بالحلوى للمره الثالثه ضاربه بنضامها الغذائي الصارم عرض الحائط، وقالت ببساطه شديده وهي تمرر ببطء طعاما بين شفتيها: - حفل طلاقي يا أمي. راحت المرأه تتطلع إلى وجه ابنتها كمن يراقب مجنونا فقد عقله، وتجعد جبينها منذرا بعاصفة عاتيه من الغضب، ثم صاحت: - هل تريدين فضحنا أمام الناس، إلا يكفينا كارثه طلاقك؟ - طلاقي ليس باكارثه، والناس عندي مقامهم مثل هذا. رفعت طرف فستانها الناري بلون الجرأه؛ تكتشف عن ساق خمريه تنتهي بحذاء ذي كعب عال تكرهه كما تكره اللون الأحمر.  بدأت المهمات تتصاعد من أفواه المدعوات وكل منهن تميل على رأس الأخرى، تعلق على الحدث مباشره، ثم تحولت الهمهمات إلى شهقات إذ نزلت كف المرأه صاحبه الحداد على وجه ابنتها بقوه تركت آثار فوريه فوق الوجنه الورديه.أتت العاصفة من وجهه صاحبه التاج: - اضربيني ثانيه؟ وقفت بثبات ترفع للتحدي رايه، وتتخذ من العزيمه غلبتها، وكف مرتعش تحرك لتغطي به فما أكثر ارتعاشا، لا يدري الرائي هل الكف الذ صفع ابنتها امام صديقاتها ام تورايه خجلا. لم تتوقف العاصفه عند الحد، أخذت الرياح تمزج من جديد: - اضربيني لكن أبد لن تجبريني على العودة اليه، لقد تحررت اخيرا، صرت اليوم حره يا أمي من زواج كان كالقيد، لن أعود إليه، قل سمعت؟ لن أعود اليه، وإن أردت أن تتبراي مني كما هددتني صباحا.. حسنا افعلي لأن، نكست الرؤوس، وانعقدت لالسن، تقدمت من لأم إحدى صديقات ابنتها واحاطتها بذراعيها، تخرجها من البيت لتحميها من تبعات عاصفه لن تهدأ، أحاطت صديقات بصاحبه التاج، تقطف احدهن دمعاتها، وتسكب أخرى كلمات براقات في اذنها: - كل شيء سيكون أفضل في الغد.. لقد اتخذت القرار الصحيح..((حواء)) كوني قويه. قال أحد الحكماء ان القرارات لا تختبر صحتها إلا أربع وعشرون ساعه، استيقظت ((حواء)) بذهن صاف وبال رائق مضى في اثرهما بسمه هادئه؛ فتأكدت أنها قبضت على زمان قرار صحيح، لايزال الفراش الكبير يحمل آثار رجل اعتاد النوم فوقه حتى أول امس، ازعاجها ذالك، أرادت  صباحا خاليا من الماضي؛ بارزت رائحه عطر بسلاح التجاهل. لم تبد السماء هي نفسها،ولا الشمس ولا السحاب، حتى رائحه الهواء بدت مختلفه وكأن الربيع كسا الكون فجأه.. لكن عيون الناس أيضا كانت مختلفه، وكأنها تستكثر عليها هذا الربيع، تلاقت نضراتها بنضرات شفقه في عيني جارتها، او لعلها سهام الشماته، لا تعرف ولا تهتم بأن تعرف؛ اعرضت عنها تولي وجهها لتمنحها امالا صغيرة، نولد معها من جديد، تركت الشرفه ثم غرفتها، حال البيت على ما هو فوضى؛ نتجت عن الساعات المجنونة التي قضتها برفقه صديقاتها ليله أمس - ((حفل طلاق))؟ نطقت بها ثم ضحكت وهي ترسل شعرها من قيده، وتتوجه إلى الحمام لتترك للماء مهمه انعاشها. لا تحب اللون الأحمر، لكنها خرجت من الحمام وقد صبغت شعرها بالكامل بلون ناري، بدا كشعر كائن الماء فأخذ غفوه، تركت للمجفف الكهربائي مهمه ايقاضه. قطعه كيك، وحلوى شرقية ملأت طبقا متوسط الحجم، وزجاجه مياه غازيه، كان هذا هو فطورها، اجهزت عليه لتبدل ثياب النوم بأخرى تصلح لمعركه اليوم، جيت واسعه سوداء يعلوها قميص أبيض، وحجاب هو مزيج من اللونين، قطعه شطرنج يلعب فريقان فوق ارضها، الفرح، والحزن.. ستحدد بنفسها اليوم الغالب والمغلوب. نضرت إلى نفسها في المرآه كمحارب يتمم على زيه وسلاحه قبل ملاقاة العدو. قبل ان تخطو خطوه واحده خارج البيت نزعت من بصرها الأسير قيدا ذهبيا يطوقه منذ ثلاثمائة وستين يوما، دسته في حقيبه يدها.. وخرجت للحرب. تقول لأسطورة إن المرأه التي لا تحتاج إلى رجل، فرض عليها ان تتحول إلى رجل، تصبح محصنة ضد الهجمات العاطفية، تنبذ من قاموسها المفردات الأنثوية، وتستعين عنه بقانون النديه؟ بعد زوجها، لم يكن حصولها على عضويه جمعيه((شوارب المرأه العربيه)) ليتم بسهولة لولا إيمان راسخ بالمساواه، جرى على قلبها ولسانها وهي تجيب على اسأله استماره التقديم للجمعيه. كان سوال لاخير هو الصعب، وغالبا ترفض مئات الطالبات بسبب اجاباته المنقوصه، او المشوهة. ((ما رأيك في دعوتنا لأن تطلق المرأه شواربها، او ترتدي واحد مستعارا؟)) الإجابات المضحكه، والساخره، والساذجه، والسطحية.. تستبعد، وحدها تقبل الإجابات الاستثنائية، وكان جوابها كذالك. تخلفت للمره لأولى عن أحد اجتماعيات الجمعيه، وركبت سياره أجره إلى أرض المعركه، وصلت بيت والدتها الذي تقيم فيه بمفردها، احتفالها بالطلاق الذي تعد أمها((كارثه)) بالتأكيد ايقض بداخلها وحشا عليها الآن مواجهته. كانت حربا ضروسا، شنتها الأم ببراعه فائقة تثير الحسد، ثالوثها المقدس هو كلام الناس، والعيب، والطلاق أبغض الحلال.. لم ينجح أي ضلع في الثالوث في ان ينتقص من عزيمه ((حواء)) كلام الناس لا يساوي ثمن نعالها، والعيب لا يخرج سوى من أهل العيب وهي ليست من اهله، أما الطلاق لمشروع حتى إن كرهه جميع أهل لارض، أين المشكله اذن؟ - ستقل فرصك في الزواج الثاني، ستضطرين إلى القبول بأي رجل يطرق بابك؟ عن أي زواج ثان تتحدث امها؟ شبح الوحده لا يثير مخاوف امرأه تحررت من قيدها للتو، وتنعم باولى نسمات الحريه. حتى هذا السلاح لم ينجح في هزيمتها، ضلت تبارز في صبر جندي يسكن الإيمان قلبه، ويلهج بالدعاء لسانه؛ فكيف يهزم من اعتصم من الناس برب الناس؟ - لن أتزوج ثانيه. هزم العدو وولى الدبر، سكتت أمها مرهقة و مرهقه، غاضبه على ابنتها التي أفسدت حياتها بنفسها، سألتها أمها كمن يبحث عن ضوء في جوف الظلام ليهتدي به: - ماذا حدث في المصعد؟ سكتت ((حواء)) عن الجواب، لأنه أبد لن يروق لأمها.. أبدأ. أرض المعركه الثانيه بدت أكثر هدوءا، لكنه هدوء يحمل الصواعق في ادباره، عليها تقديم استقالتها من عملها في المصنع تعود اصوله إلى الجد طليقها وليس الى طليقها نفسه. تخيفها مواجهه الجد(( سلطان)) أكثر مما فعلت مواجهتها بأمها، للجد ((سلطان)) مكانه خاصه في قلبها لم يصل اليها رجل قط، ترى فيه تجسيدا لكل معاني الابوه التي حرمت منها؟ رجل قوي لا يخشى في الحق لومه لائم، يحمل في قلبه حنانا يسبغه على كل العاملين بمصنع حفض وتمليح لأسماك الذي يمتلكه، حنان مشروط لا يهديه إلا لمن أستحقه، لذالك يحمل له الجميع في صدورهم مزيجا عجيبا من الحب والرهبه. ما أصعب ان تقوم بكل هذه المواجهات في اليوم التالي من الطلاق، لكنها ارادت أن تقطع
كل صله تربطها بحياتها السابقه، حياه انتهت بالأمس، واليوم تقف على أعتاب حياه جديده خاليه من القيود. فكرت((حواء)) ان انفصالها عن العمل لن يسبب أي مشكله في سريان العمل داخل المصنع، بإمكان الجد ((سلطان)) ان يحصل خلال ساعات قليله على مدير المكتبه بديل عنها، يحمل نفس مؤلها، بكالوريوس خدمه اشتماعيه، بل بإمكانه أن يحصل على الأفضل. بضبط كما ان خروجها من حياه ((يونس))  لن يشكل أي مشكله في سريان الحياته، كان ينضر اليها كعقبه في طريقه، هو أسعد الناس لأن بإزاحتها عن الحياته. ارجأت مواجه الجد، لم تملك القوه الكافيه لتفعل، متعطشه إلى الدعم النفسي توجهت من فورها إلى نادي جمعيه((شوارب المرأه العربيه)) مابين مندهشات لقدومها بعد حفله الطلاق بالأمس وما ال اليه، وقلقات عليه، استقبلنها صديقاتها بالترحاب. - ((حواء))ماذا فعلت مع امك، كان حال المرأه مريب بالأمس -((حواء)) إياك ان يكون الحاحها بالعودة اليه قد اضعفك، كل لأمهات يفعلن ذالك لكن يصيبهن اليأس بعد حين.-اتركنها لتأخذ انفاسها.. ((حواء)) عليكي ان تكوني قويه، سيحاول الجميع الضغط عليك بأساليب قذره وأولهم طليقك. كانت هذه  هي البذره التي انبتت في صدر ((حواء)) سحريه مريره: - ((يونس))؟ لا اضن ذالك، هو سعيد يتخلص من قيد زواجنا مثلما انا سعيده باخلاص منه. كان هذا لتنفعل أحد صديقاتها محتده: - دعيه، وليبتليه الله بامراه  تحيل حياته جحيما لا يبرد. كان قلب ((حواء)) رأي اخر، إذا انتفض لما لتلك الكلمات عليه من وقع لم تحبه. لعلها كرهت ((يونس)) حينا من الدهر، وفضلت من احايين اكثر، لكنها لم تتمن يوما هلاكه، ثم لماذا تفكر فيه لأن؟ لقد أصبح رجلا لا يملك شبر واحد في ارضها، لا فرق بينه وبين عابدين السبيل يمرون بجوارها في الطرقات، او يجلسون بجوارها في الحفله، ومزقت هي كل صك ملكيه كان يخصها في ارضه، لم يبق ما يجمعهما سوى الحدود الفاصله بين لارضين، وبعض الذكريات، وما اسهل تبخر الذكريات، بيديها ستحمل كل الصوره، وكل كلمه في قلب الغنام، ولن تسمح ابدا بسقوط المطر. سينساها  ((يونس))، سيطويها كصفحه قديمه في كتاب، وسيسمح لآخر بان تحبر صفحاتها الناقصه، ستحتل لآخر من قلبه ما لم تستطيع جيوش قلبها احتلاله، لن يتخطى في اسمها ابدا، لن يزل قلبها ويدعوها ((حواء)) ، لن تنتبه حواسه إذا تشمم عطرها يتلصق بالآخر، بل لربما سالها احدهم عنها فيجب، لا اتذكرها. بدا انفعالها جاليا وهي ترتشف  قوتها الساخنة بحرارة أفكارها، الصديقات ما زالن يطوقن طاولتها، كل واحده تدلي بدلوها، وما ان يفرغ حتى يذهبن إلى المكان الذي تتفجر فيه ينابيع الكلمات حساب؛  لتعبئنه ثانيه.- هل ستتركين البيت؟ انتبهت(( حواء)) من شرودها على هذا السوال، فأجابت بقتضاب:- بطبع، البيت له.  كل تفصيله في هذا البيت كان لذوقها دور فيه،  حلمت انه سيكون عشاها الدافئ إلى الأبد، ما أسخف الاحلام، العيش سيضل دافئا  عندما يجد (( يونس)) ولي له اخرى، لكن هي لن تشعر  بالدفء بعد الآن. - وأين ستقيمين، هل تعودي العيش مع امك؟ سألت صديقه، وتطوعت أخرى بالإجابة وكأنها ادرى ((حواء)) من نفسها: - ((حواء)) لن ترتاح في العيش مع امها، بعد الزواج اعتادت على ان تكون سيده أمرها.- لكن أمها تعيش بمفردها، فهي لآخر مطلقه كما تعلمون، و.... رفعت (( حواء)) كفيها تقاطعهن، وقالت متعبه: - كل شيء حدث بسرعه، وما زلت أحتاج وقت للتفكير، وحتى أصل إلى القرار يجب أن أترك بيتي اليوم  وأقيم مع أمي. هربت لفض((بيتي))دون رقابه من شفتيها، فبدا غريبا على اذنيها، او لعلها اجبرتهما ليستشعرا رغباته. في طلاق المرأه.. كسرها، وفي طلاق ابنتها انهيار الحياه بأسرها؟هكذا فكرت ام ((حواء)).. ابله ((عفت)) معلمه لأجيال، مديره المدرسه التي تعد نفسها قدوه للجميع، فشلت في حمايه زواجها، بل وزواج ابنتها كذالك، أي فضيحه تلك؟ ستصبح مضغه في الأفواه، إذا تقاربت الرؤوس في حضورها ستعرف انهم يشتمون فيها، وإذا حدثتها احدهن ستكون على ثقه من انها تلمزها وابنتها بما تكره، سيصبح طلاق ابنتها وجبه دسمه فوق مائدة المعلمات والطالبات في الممرات والزوايا الفصول، وجبه شهيه يسيل لها لعاب كل مغتاب.. وابله ((عفت)) قررت إلا تسمح بهاذا ابدا مهما كلفها ذالك؟ الثمن لم يكن باهضا، فقط خمس ألف جنيه، سحبتها من حسابها بالبنك ودستها في الحقيبه يديها، ضمنها إلى صدرها بشده وهي تقترب من بنايه قديمه في أحد لإحياء الشعبيه، ثم تلج بابا تعلو لوحه مهترئه كتب فوقها((نقرب البعيد)).. استقبلها رجل بنضرات زاءغه، وشعر اشغث، وجلباب متسخ، طلب منها عشرين جنيه؛ ففعلت بغير سوال، ثم حثها على مرافقته في ممر طويل بين صفين من
القطط السوداء،والرماديه، بعضها فقد عينيه، وبعضها تساقط عن جسدها الشعر في مواضع متفرقات..رائحه كريهه لازمتها منذ أن دخلت البنايه وحتى وصلت إلى طابق الثاني منها.. لكنها ليست اسوا من رائحه الشماته وهي تفوح من أفواه من حولها، ما ان ولجت ردهه ضيقه حتى قابلها خمس ابواب مغلقه يجلس امام كل منها رجل شبيه بذالك الذي يرافقها،إلى أنهم اكثر حيطه واتزانا.. دنت من أوسط الأبواب، تعلو لوحه مكتوبه بخط يد رديء((رد المطلقه)).. ثم طافت بعينيها فوق باب يجاوره من اليمين كتب فوق ((رد الغائب ))، ومن اليسار((تزويج العانس))؛ فمر بخاطرها حكايه فراشه المدرسه والتي سبق لها المجيء  إلى هذا المكان، فعاد زوجها المغترب إلى البيت خلال أسبوع واحد فحسب بعد بعد أن فارقها لخمس سنوات، ثم زوجت ابنتها التي جاوزت الأربعين في أقل من شهرين، لو لا انها شهدت على الواقع بنفسها ما جرؤت على مهاتفتها لتأخذ منها العنوان. انتقدت حارس الباب((رد المطلقه)) مءه جنه كما طلب، ففتح في وجهها الباب.. ثم اغلقه بسرعه قبل ان يتسلل دخان المبخره نفاذ الراءحه من الغرفه ويفر هاربا؟ ساعه إلا ثلثها ونفتح الباب مره أخرى لتخرج من الغرفه مسرعه، نزلت الدرج ومنه إلى البوابه ثم الشارع.. وهناك علت شفتيها بسمه مطمئنة، خفت حموله قلبها بمقدار نصف، وخف وزن حقيبتها بمقدار خمس الف ومءه وعشرين جنيها،  لكنها فازت بل مقابل بوعد لا يزال صداه يتردد في اذنيها :- عودي الى بيتك وكوني مطمئنة، ساجمعهما خلال أيام قليله، ولن تجسر اي قوه في الكون على التفرق بينهما مره اخرى، لقد جئت إلى المكان الصحيح. بقايا من ضمير يقض ناشدها لا تلقي با بنتها إلى تهلكه، لكن الجزء الذي يغض في سبات عميق تحرك ليسكته بقوله (( أخرس انت، إنما تفعل ذالك لصالحها، بضع ايام وسيكون كل شيء على مايرام، ثم لأن، وساوقضك اذا ساء الحال؟ أجلت ((حواء)) الجوله الثانيه بما يكفي، وعليها لأن خوض  غمار المعركه.. ايماء سكرتيره الجد ((سلطان)) برأسها دون كلمه، جلسته خلف المكتبه دون نضره، الحركه الرتبيه ليده وهي تطرق بعصا التي يتوكا عليها، فأصدر فوق لأرض اصوات نقرأ تترا،كل ذالك دل على انه كان في انتضارها، يعلم انها تكن له ما يكفيه من لاحترام وتقدير لتودعه قبل مغادرته المصنع، وشرح أسباب الطلاق، رغم ثقتها ان حفيده ((يونس)) قد قام بهاذه المهمه على وجهها لأكمل، وهل يرضى ((يونس)) بوجه غير الكمال؟؟ جلست في المقعد أمام المكتبه، تشتهي معه وصلا لا ينقطع بطلاقها، لم تملك طاقه كافيه لتحدث، وكأنها، طفله تتعلم الكلام للمره لأولى،  تستطيع ان تواجه الجميع وتملا الدنيا صراخا تدق بقدميها ارضا،لكنها لا تقوى على ذالك أمام الجد (( سلطان))، لا يربط بينهما قرابه دم، لكن استطاع خلال عام كزوجة لحفيده، وعامين قبله كموضفه في مصنعه، أن يحتل جزء بارزا من ارضها، ويرفع فوقه رايته،برغبتها ورغبته، وجدت فيه لأب الذي فقدته، ووجد فيها لابنه التي يحض بها، فجمعها الفقد.  استجمعت شتات شجاعتها لتقول:-جدي، أعلم أنك غاضب، لكن هاذا هو الفضل لي وله، زواجنا كان خاطأ، فادحا ان او ان اصلاحه. لا يزال الجد يلتزم الصمت، لا يتحرك عيناه سوى لينضر ليتكلم،بعد ثلاث دقائق من دخولها مكتبه عرفت بنفسها جواب سوالها؟ طرقت على الباب تحفض وقعها؛ انباتها بهويه ابطارق،تقهقرت شجاعتها، وتقدمت جيوش القلق. فتح طارق الباب والقى السلام، رد الجد جهرا، واضمرت هي السلام سر، احتل ((يونس)) المقعد المواجه لها، يفصلهما في عرف المسافات متران، لكن الصوت انفاسه خرق قانون المسافات، فبدا قريبا منها، وتقدمت جيوش القلق أكثر.  دق الجد بعصاه مرتين فوق الرض، يفعل هاذا غالبا عندما يتصف ما سيقوله بجديه، تفهم ((حواء)) الجد اكثر مما تفعل مع الرجل الجالس امامها، والذي يفوح منه العطر نفس الذي بارزته في فراشها هذا الصباح، تحدث الجد ((سلطان)) وعندما يتحدث الجد يسكت الجميعذ:-ردها.أشار الجد إلى حفيده، ثم إلى((حواء))، تطلع إليه كلاهما وصدمه تحتل مكانا بارزامن وجيهيهما، وكان يتوقعون حديثا ونقاشا، بحده او بدونها، لكنهما لم يتوقعا منه أمر نافذا ك ((ردها)) حرب نأتي دائما بأسوأ سيناريو، ايقنت ((حواء)) انها لن تستطيع الصمود وحدها، تحتاج إلى حليف في الحرب، ومن المضحكات المبكيات ان الشخص الوحيد الذي يصلح لهاذا الدور هو ((يونس)) نفسه؟ بكلمه منه ستعود إليه زوجه، بدون رغبتها، هكذا نص الدين والشرع ما دامت فتره عدتها لم تنقض؛ فالوصل كلمه مرهونة برغبة الرجل، اغتاضت كثيرا، وبحركات لا اراديه طعن كعب حذاءها الأرض بعصبيه. الخوف قواد، لذا حاولت تبديده سريعا؛ بأن رفعت وجها إلى ((يونس)) تستطلع خبره، ورفع هو اليها وجها يكتب قدره قالت عيناها ((إياك ان تفعل)) وقالت عيناه((اياكي ان تضني بأنني سأفعل)) فتراجع قلقها خطوه إلى الوراء. هل يبدو متعبا ام خيل اليها؟؟أين أمضي ليلته؟وكأن الأوراق كان رفيقه هذه الليله، هل احزنه فراقها؟ طردت هاذه الأوهام من عقلها، فلسعاده كاحزن، كلاهما توائم ملتصق بالأوراق؟ قال (( يونس))؛- اعذرني يا جدي، لا أحب مخالفه اوامرك، لكنني لا اريدها. سحقا له، وكأنه يراهن تنحر الشوق على اعتابه، وتدعوه لقبول اضحيتها، يستطيع ((يونس)) ان يعذب انسانا ويشعر في الوقت نفسه بالرضا التام، بددت((حواء)) زهوه بنفسه صاءحه؛- وأنا ايضا لا اريدك. عقلها مره تلو لأخرى، وتتخيل في كل مره انها تعيشها للمره الأولى، ليس هاذا بطبع الجديد، بل عاده قديمه لازمتها منذ فقدت اباها في عمر الثامنه، تعثرت في جلد روحها على لذه فريده؟ سمعت ((حواء)) عن نوع من الضفادع يدعى ((ضفدع الرعب)) يقوم بكسر تضامن بنفسه حتى يستخدمها كاسلحه يدافع بها عن نفسه أوقات الخطر، توما ترى نفسها كضفدع الرعب، تكسر من روحها،وطاقتها، واحلامها، لتستخدمهم في مواجهه غريمها؛ لذلك لم يكن مستغربا أن تقرر في اللحضات الاخيره ان تترك كل شيء وراءها، تحررت من كل غرض بلتصق يذكرها تجمعها ((يونس)) لم تحمل معها وهي تفتح الباب وتغادر البيت للمره الاخيره سوى لأم فحسب، وهل تستطيع العيش بدونه؟؟ قبل رحيلها أتت بكل شيء اشتراه لها، تعلم انه ما اشتراه إلا بأمر من جده،او بتحريس من امها،كسرت ومزقت وهشمت، صنعت منهم تل ذكريات في منتصف الردهه، كانت انفعالات مكتوبه عندما التقته في مكتب الجد ((سلطان))، ترى هل سيصل محافضا على اتزانه عندما يرى هديه الوداع الاخيره؟ لقد ألمها اليوم بكلماته اللاذاعيه، فلماذا لا ترد له الصاع صاعين؟ ((ما رأيك في دعوتنا لأن تطلق المرآه شواربها، او ترتدي واحد مستعار؟)).. عثرت بين اغراضها على استماره التقديم للجمعيه تذيله اجابتها:((الشوارب حكر على الرجل؟لابد أن اواضع هاذا القانون الرجل، وهاذا سبب كاف للثروة ضده.. يطلق الرجل شاربه دون مساله جماليه او اخلاقيه، فلا ماذا لا يكون

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Dec 13, 2019 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

ثاني أكسيد الحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن