التناغم السادس

299 15 0
                                    


مر أسبوع كامل وهم في ذلك الخندق ...علمت سالي بعد أسبوع كامل أنها لن تستطيع أن تعيش هناك بقية عمرها أما مراد فقد علم من أول يوم انه يجب عليهم الخروج بطريقة ما لكنه وجد سالي سعيدة فآثر صمت الفرح على حديث اليأس الإنسان بطبيعته اجتماعي وقد أثبتت تجربة سالي ومراد على استحالة العيش في عزلة بعيدا عن كل شئ....وأخيرا أفصحت سالي عن رغبتها في الخروج فوافقها مراد دون أي تردد ...شحنوا جهاز التنفس..يتم شحنه عن طريق أخد الأكسجين الذي في الهواء وتخزينه...كانت الخطة هي أن يخرجوا ويجروا بأقصى سرعة ممكنه شرقا حتى يصلوا إلى (دوامي)...ويعيشوا هناك حتى لو اضطروا للعيش كلاجئين
مراد:مستعدة
سالي:نعم لكني أفكر في اخذ هذه الفسيلة معي عندي فكرة خارقة سآخذها وستنتج لنا الأكسجين وسنكون الوحيدين الذين نتنقل بدون جهاز ضخ أكسجين مثبت على ظهورنا
مراد:حسنا ولكن خبئيها تحت درعك لا تعلم ما قد يحصل
فتحت سالي الباب فهبت عليهم ريح قوية ...عادت للداخل
سالي:أظن أن في الخارج عاصفة
مراد:أنها مجرد ريح بسيطة وليست عاصفة ...في نييمار لم يكن هنالك أي رياح لذا لا تخافي وانطلقي بأقصى سرعتك
كانت أسوأ نصيحة قدمها مراد على الإطلاق ...خرجت سالي وأطلقت رجليها للريح وجرت بسرعة ولكن الرياح كانت توقفها بين فينه وأخرى ...كان الظلام دامسا إلى أن لاح لهم ضوء من بعيد علموا أنها أضواء (دوامي) أسرعوا من خطاهم لكن تبين أنها ابعد مما ظنوا ....بدأت رجليهما بالضمور وبدأت بالتهالك...حتى وصلا وأخيرا ...طرقا الجدار العازل ولم ينتبه لهم احد ...ضرب مراد الأرض لأنه لم يحسب حساب ذلك حتى وان رأوهم هل سيسمحون لهم بالدخول؟؟...وبعد جهد مضن استنزف طاقاتهما انتبه لهما احد المارة ونادي بأعلى صوته:هل يعقل هذا؟ ..كيف لهم أن يقفوا من الجهة الخارجية!!
واتصل بالنجدة ولم يعرف ماذا سيقول لهم وعندما سألوه عن نوع الطارئ أجاب :إنها حالة خطرة لا استطيع أن اجزم قبل أن تصلوا ...احتاجت النجدة دقيقة كاملة للوصول ...انتهى الأكسجين لديهم فحبسوا أنفاسهم ...وصلت النجدة وأخيرا ولكن بعد أن سقط الاثنان مغشيا عليهم
*****************
-هيه أنت أيها الدخيل افتح عينيك
-هيه أنتي لا تتماوتي هيا قومي
صوت غليظ صرخ في وجوههم بهذه الكلمات ...فتحت سالي عينيها فأكتسحهما ضوء ساطع ...كررت المحاولة مره أخرى وفتحت عينيها فوجت نفسها على كرسي غير مريح ويديها مصفده والغرفة غارقة في الظلمة إلا من عمود أناره يكشف عن وجه جامد فوق جسم مفتول العضلات لا يبشر بالخير أبدا قال لها بغلظة:
ما الذي أتى بك إلى هنا؟
لم تعبأ سالي بسؤاله مع كمية الرعب التي عاشتها قالت :أين مراد
صرخ في وجهها فكأن الأرض ارتجت من صوته:أنا الوحيد المسموح له بالسؤال وعليك أن تجيبي باللين لا أريد أن استعمل الشدة مع فتاة صغيرة مثلك
انصاعت له وأخبرته عن قصتها باختصار ...كانت خيالية تماما بالنسبة له وكلما أرادت أن تكمل اتهمها بالكذب والتلفيق ...كانت تأخذ نفسا بين الكلمة وأختها وصداع يعتصر رأسها ...وأعصابها مشدودة ...وعندما انتهت ولم يصدق أي كلمة مما قالت لم تجد بدا من سترها أكثر فقالت:ماذا إذا أتيت لك بالدليل القاطع؟ قال:وما هو؟ أخرجت فسيلة الشجرة من درعها وكانت متهالكة تماما وضعت الشجرة على الطاولة وسقطت من فورها على الأرض
**********************
أضواء ورؤؤس فضولية من حولهم وحجرة على عكس سابقتها تغرق في البياض قال احدهم :أنت أيتها اللاجئة إذا كنت تسمعينني فأشيري برأسك كعلامة نعم ...أومئ برأسك فقط
ومن داخل صداعها المزمن حركت رأسها ....نظرت بجانبها فوجدت سريرا يوازي سريرها عليه مراد فقد حصل مع مراد نفس الشئ ...وأول ما نطقت به سالي هو:أين الشجرة؟
بحثت سالي في درعها ولم تجد الشجرة !! استعادت الأحداث الماضية وقالت: لقد أجريتم تحقيقا معي أليس كذلك؟
قال الطبيب:بلى لقد أجروا تحقيقا معك وفي نهايته سقطت مغمى عليكِ ...خرج المحقق مسرعا وقال لي :أخبرها عندما تستيقظ أننا سوف نأخذ الشجرة إلى مركز الأبحاث لنتحقق من مصداقيتها ...
أراحت سالي هذه الكلمات ونظرت بجانبها فقال لها مراد:انظري إلى الزجاج المقابل كان الزجاج يكشف عن جمع غفير من الناس وكثير من الكاميرات علمت أن الصحافة قد وصل الخبر إليها لكن يا ترى ما مقدار التفاصيل التي يمتلكونها؟ بالتأكيد ينتظرون شفاءنا ليقوموا بالتحقيق ويكتبوا الأخبار الجبارة !!
بعد أن استعادت سالي عافيتها قال:يجب أن نجتمع مع مجلس العلماء لنرى ماذا فعلوا بالشجرة!!
وفعلا بعد عدة ساعات وبعد جهد مضن في تخطي الصحافة وتجاهلهم وصلوا أخيرا إلى مجلس العلماء وطلبوا مقابلتهم ...تم الاعتراض ولم يجدوا أي طريقة للدخول وكادت سالي أن تفقد الأمل ...تحسست مكان الشجرة فوجدت-لحسن حظها- ورقة شجر كانت عالقة في درعها وبمجرد أن أخرجتها أدخلوهم الحراس في لمح البصر إلى قلب المكان
دلفوا غرفة واسعة يوجد وسطها طاولة ضخمة وفي وسط الطاولة شاشة تصل إلى السقف ..التف حول الطاولة أكثر من تسعة علماء يرتدون معاطف بيضاء ويتناقشون في موضوع مهم...وعندما فتح الباب توقفوا ...تكلم الذي كان يترأس المجلس: من أدخلهم إلى هنا؟ ألا تعلمون أن هذا اجتماع مهم؟
وقبل أن يدافع الحارس عن نفسه قالت سالي:رويدك لدي ما هو أهم من اجتماعكم اللعين وأخرجت ورقة الشجر وقالت:أنا من أتيت بتلك الفسيلة! وبمجرد تصريحها عم صمت الذهول للحظات
ثم قام احدهم وقال:لقد فحصناها والموضوع الذي كنا نتحدث فيه هو موضوع تلك الشجرة ومدى استفادتنا منها ولكن كيف أتيت بها ؟
قالت:حكاية طويلة أجاب:اجلسي واحكي لنا ما حصل لك بالتفصيل وبعد أن اتضح كل شئ ...كانوا يتلاكزون ويتهامسون عن مدى مصداقيتها فالقصة غريبة وخيالية جدا بالنسبة إليهم
وأخيرا قال الدكتور جون-وهو الذي كان يتحدث معها طوال الوقت-: سواء أكانت قصتك حقيقية أم خيالية أنا أظن إننا نشهد بداية عصر جديد ...ولم يخطئ أبدا في ظنه
***************************
بعد ذلك الاجتماع تناثر العلماء في كل المركز ...وكل منهم يقوم ببحوثه وإجراءاته كان هم سالي هو أن يجدوا طريقة للعيش في الخارج ...قبل أيام كانت فكرة العيش بالخارج ضربا من ضروب المستحيل ...أما الآن ومع وجود الشجرة دب الأمل في قلوبهم جميعا وما لبث خبر وجود شجرة وبدأ الأبحاث بالانتشار ...ولم يكن احد محتاج إلى أي ذكاء ليربط حضور اللاجئين وظهور الشجرة في نفس الوقت
عامل أهالي دواني سالي ومراد كأنهم ملوك بتوصية من المركز ...وبعد عدة أيام قرروا -سالي ومراد- أن تعود للمركز ليروا آخر المستجدات في بحوثهم وهذه المرة دلفوا إلى الداخل بدون أن يوقفها الحراس ورحب بها كل من في الداخل ...وعندما قابلوا الدكتور جون قالوا له:ما أخر ما وصلتكم إليه؟تمعر وجهه وتلون ألوانا لا تنبئ بخير وقال :أخشى وللأسف مع كل هذا العلم الذي لدينا وبعد كل هذا البحث أننا مجتمعين لم نستطع التوصل إلى حل ...كان الخبر كالصاعقة أصاب سالي في مقتل :لماذا لم تستطيعوا اخبرني السبب ؟
الدكتور: في الخارج يوجد الكثير من الملوثات لا نعلم أين يمكن تصريفها حتى وان صرفناها لن نحيا كما كنا فلم يعد هناك أي مخلوقات حية وأي حشرات تحافظ على الشجرة...ستموت الشجرة قريبا وسنعود كما كنا ...شجرة واحدة لا تكفي..
لم تستطع سالي سماع أكثر من ذلك وخرجت مسرعة
***********************

تناغمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن