*يوم من حياتي*

383 78 92
                                    

                * لحظة لقائك *                                         

كعادتها. تقف أمام نافذتها تطالع ميلاد أول خيط للنور يشق طريقه في السماء المظلمة ، بعد أن أدت صلاة الفجر.

تتنهد و تنظر إلى الشوارع التي تكاد تكون مظلمة ، و إلى المساجد التي انصرف المصلون منها إلا من عدد قليل.
تستمع إلى صوت العصافير التي تسبح ربها بإشراقة صباح جديد .

إمرأة في العقد الرابع من عمرها، بيضاء البشرة حسنة الملامح،سوداء العينين ذات شعر طويل اسود تخلله بعض الشيب زاد لونه جمالا و بريقا، متوسطة الطول، تمتاز بجسد متوسط الحجم. إنها..... أنا زهراء.

سرحت بمخيلتى إلى الوراء.

حين كنت أقف على شاطئ البحر متأملة و مسبحة لله على بديع صنعه ، هائمة متذكرة والدى المتوفى منذ فترة وجيزة، الذى كان يمثل لي الأمان و الاحتواء و السند حيث وافته المنية متأثرا بمرضه الشديد.

و كنا نأتى سويا إلى نفس المكان فيما يشبه العادة لنا ، و بدون أن أدرى أحطت نفسى بذراعاي متلمسة شعورى بالحضن الأبوى الدافئ، فى نفس الوقت إمتلأت عيناي بالدموع و تمردت دمعتان إلا أن ينسدلا على خدى فى حنان و كأنهما تخبرانى نحن معك و نشعر بك.

و فجأة دون سابق إنذار..
وجدت من يقف بجانبى و يهمس لى بصوت ملأه الحنان: "هل تعلمين أن أصعب أنواع الدموع تلك التي تنهمر دون صوت! ".

فالتفتت له مسرعة، فقابلت عينيه بنية اللون التي تتمتع بنظرات قوية أحسست بالقشعريرة و التوجس منها، حيث شعرت لحظتها أن سهامها قد نفذت إلى روحي بل إلى قلبى فتبدل لون وجهي إلى اللون الأحمر.

و عندما وجدت نفسي أطلت النظر فيه خجلت منه و نظرت للجهة الأخرى مستغفرة..
و التفتت له مرة أخرى  بعصبية وانا اقطب جبينى : "يا أستاذ عيب عليك ان تقطع خلوة الناس أليس لديك ذوق؟".

هممت أن أذهب مسرعة ظنا منى أنه أحد المتحرشين.
لكننى فوجئت به يقف أمامى مقاطعا ناظرا لي في حدة: "أهذه غلطتى حين أحسست انك بحاجة للمساعدة؟!" .
ثم أردف مكملا: "إلى أين انتي ذاهبة؟"

فنظرت له بأعين متسعة مهاجمة:" ليس من شأنك يا هذا".
عندما بدأت بالتحرك مرة أخرى بادر هو مقاطعا و لكن مطأطأ رأسه علي نظرا لفارق الطول بيننا: "محمود.. إسمى محمود نقيب فى البحرية ، و غير متزوج و أرغب في الزواج عما قريب".

بدون أن أشعر ارتسمت على شفاهى ابتسامة رقيقة و هززت رأسى يمينا و يسارا قائلة: "و هل طلبت منك تقريرا مفصلا عنك؟.. لو سمحت لا تتعرض لى ثانية و إلا.. فرد فعلي سيكون معاكسا لتوقعاتك فأنت لا تعرفنى ، و لا أريد معرفتك".

قصص قصيرة 1حيث تعيش القصص. اكتشف الآن