جلست متربعة بقدميها أرضًا يحتوي حجر جلبابها البيتي صحن كبير بداخله حبات أرز أبيض.. تلتقط حصاه وكتله السوداء بشرود حزين.. وعقلها يُنقب عن مخرج لتلك الأزمة التي سقطت بها منذ تلك الليلة! لاعنة ضعفها وتهاونها لرغبة جامحة جرها إليها گ وسوسة شيطان..فأصبحت بين محاذير عقلها بعواقب إستسلامها بتوقيت خاطيء.. وبين ضعف غريزي أجج عشقها له گ أمواجه الثائرة لتشاركه الغرق وينزلاق من قاربهما الآمن ويقع بينهما المحظور! نعم هو بحكم الشرع والقانون زوجها.. ولكن بعُرف المجتمع وعاداته الصارمة والمورثات خاصتًا الشعبية منها.. لا يحق لهما ما فعلا.. عقد القران يندرج تحت ميثاق الخطبة وضوابطها لا أكثر..
والدها فقير الحال يلضم الجمعيات واحدة تلو الأخرى لدفع أقساط جهازها.. أما " ناصر" مازال يكنز الجنيهات لتجهيز شقة تناسب الحال.. غير طلبات ألزمه بها والدها ليؤمن لها زيجة جيدة! بينما تكافح الأم بطريقتها وترعى بعض الطيور القليلة التي تقوم بتثمينها لتبيعها فيما بعد كنوع من الأستثمار البسيط لجلب بعض الجنيهات الإضافية كإعانة لمعيشتهم الشاقة!
_ بقالك ساعتين بتنقي حبة رز يا ست جنة.. أخلصي عشان تكنسي وتمسحي السلم وتطبخي قبل ما يجي ابوكي!
نهضت بوهن لا تصطنعه.. والأثار الجسدية المتعبة لتلك الليلة تحل عليها، متمتمة: حاضر "يامه" قايمة اهو مستعجلة ليه.. هو في حد غيري هينضف ويمسح ويطبخ..!
لوت الأم شفتيها بتهكم: مش عاجبك يا برنسيسة.. قومي يابت فزي بطلي لكاعة.. النهار قرب يعدي علينا.. وماتنسيش تحطي أكل للطيور.. وانا ساعة زمن هستقضى حاجات من السوق واجيب أكل للفراخ واجي! إياكي تستغلي غيابي وتنامي زي عوايدك الماسخة الأيام دي!
راقبت رحيلها تاركة العنان لدموعها ولومها لذاتها يتفاقم ويزيدها قهرًا وصوت ضميرها يهذي:
( لو كنتي عروسة في بيتك دلوقت ياجنة.. مش كان زمانك بتدلعي وامك خايفة عليكي وفرحانة بيكي! مين حاسس بيكي دلوقت؟ لو جازفت وصارحتها باللي حصل هي ولا ابويا هيعملوا فيا إيه؟ طب هيصدقوا إن المحظور وقع بنا بعد كتب الكتاب؟ ولا هيظنوا إني سلمت نفسي قبلها وجبتلهم العار؟)
تنهدت بحزن وعادت تندب حطها العاثر:
آه يابنت " رحيم " على البلوة اللي وقعتي نفسك فيها..! كان هيجرى إيه لو كنتي صبرتي على حلالك وانتي بين حيطان بيتك معززة مكرمة!
عديها على خير وكملها بالستر يارب!____________________
نشوة تحتل خلاياه وتتغلغل في روحه بعد أن نال وصالها ونهل من رحيقها وأطفأ نار شوقه..لم يصيبه أي شعور بذنب على ما فعل.. جنة زوجته بشرع ربه.. وحبيبته بشرع القلب.. لن يجعل ما حدث أن يهديء عزمه في استعجال استقرارهما بمنزل الزوجية.. وربما يكون حافزًا أقوى ليتحرك بل يركض ليصل لنقطة التقاء دائمة لتصبح ملكة بيته وأنيسة أيام عمره القادمة!