يمر العديد منا بتجارب قاسية ، قد يتحملها البعض ، وقد لا يتحملها آخرون ، وتترك في أرواحهم ونفسوهم ، ندوبًا لا تلتئم أبدًا .
ونتيجة لما قد يمر به أغلب البشر من أحداث قاسية ، قد يدخل المريض في دائرة غير منتهية من الأمراض النفسية ، التي قد تستدعي احتجازه داخل إحدى المصحات ، لتلقي العلاج وتجاوز تلك الاضطرابات التي يمر بها .
وللعلاج النفسي طرق عدة ، منها ما هو مباح ومصرّح به على مستوى العالم ، ومنها ما هو بشع وقاس ، ولا يتم للإنسانية بصلة ، وتقوم به العديد من لمراكز التأهيلية غير المرخصة ، من أجل جنيّ المال فقط .
قبل الحديث عن إحدي طرق العلاج النفسي الأكثر بشاعة ، وقصة تداولها وانتقالها وانتشارها ، من مكان إلى آخر ، يجب أن نعلم سريعًا كيفية تكوين المخ ؛ يتكون المخ من عددٍ من الفصوص ، ونختص بالذكر والحديث هنا الفص الأمامي أو الفص الجبهي ، وهو يوجد في مقدمة الرأس أو الجمجمة .
ويٌعد هذا الفص هو المسئول الأول عن السلوك ، والشعور ، والذكريات ، والعاطفة ، والأفكار ؛ أي أنه هو المسئول الأكبر عما يختص بتكوين شخصية الإنسان المعنوية .
في أحد الأيام وأثناء إحدى جلسات العلاج النفسي بالصدمات الكهربية ، وأحواض الثلج الباردة ، لأحد المرضى بمصحة عقلية للمرضى النفسيين ، تحت إشراف طبيب يٌدعى جون فولتن ، والذي لمعت في رأسه فكرة جديدة للعلاج أثناء مراقبته للمرضى ، فاقترح مع طبيب آخر داخل المشفى أن يشاركه فكرته ؛ التي تمحورت حول قتل الجزء الأمامي من المخ ، أي تدمير الفص الجبهي المسئول عن الأفطار والشعور ، معتقدًا أنه بذلك سوف يقضي على المشاعر السيئة التي تسببت في سوء حالة المريض النفسية .
بالفعل قام الطبيبان بتنفيذ الفكرة ، وبدؤا في تجربتها على القردة ، وذلك بإحداث شق صغير داخل جبهة القرد ، ثم إدخال عصا رفيعة تحتوي على الكحول الذي ثبت أنه يقضي على خلايا المخ .
وفي عام 1935م ، لجأ طبيب برتغالي الجنسية يٌدعى “أنطونيو مونيز” ، إلى طريقة تدمير الفص الجبهي ، للمرضى النفسيين ، وشرع في استخدام تلك الطريقة لمرضى الشيزوفرنيا ، والاضطراب ثنائي القطب ، والوسواس القهري وغيرها من الأمراض النفسية القوية .
لما تتعد التجارب الأولى للطبيب جون ، الاختبارات التي أجريت على القردة ، وأقر الطبيب أنها قد لا تصلح للبشر ، ولكن الطبيب مونيز ، قرر أن يلجأ إليها مستخدمًا لها على البشر ، فكانت أولى ضحايا الطبيب مونيز ، مريضة بالوسواس القهري ، أخضعها مونيز للعلاج ؛ بأن قام بوضعها حية بدون تخدير ، وأحدث شق في جانب جمجمتها ، ثم قام بإدخال إبرة رفيعة مليئة بالكحول إلى الفص الجبهي من أجل تدمير خلاياه ، أعقب ذلك إدخال إبرة صغيرة معقوفة ، قام باستخدامها لقطع كافة الوصلات العصبية التي تفصل الفص الجبهي الأمامي عن باقي خلايا المخ .
هل لقيت المريضة حتفها ؟ لا ، ظلت المريضة لمدة عشرة أسابيع متتالية لا تعاني من أية أعراض للوسواس القهري ، مما شجع الطبيب مونيز على استكمال تجاربه لسبعة مرضى آخرون .
وبحلول عام 1936م ، كان الطبيب مونيز قد أجرى تجاربه لشخص مريضًا لديه داخل مشفاه الخاص ، ولكنه ظل محتفظًا بمرضاه داخل المشفى لفترة طويلة ، ورغم اعتراض العديد على تلك الطريقة البشعة ، إلا أن مونيز قد حصل على جائزة نوبل ، في مقابل تلك التجارب الناجحة ظاهريًا ، ثم اختفى بعد ذلك .
ظلت التجارب قائمة ، وتبناها مرة أخرى ، طبيب آخر يُدعى والتر فريمان ، هذا الطبيب الذي أراد أن يحقق سبقًا آخر ، وأن يٌعرف كمطوّر لعلاج المرضى النفسيين ، فماذا فعل فريمان ؟ ، قام فريمان باختراع عصا صغيرة ودقيقة للغاية ؛ هدفها ألا يلجأ الطبيب لعمل ثقب في جانب رأس المريض ، أو جمجمته .
ولكن يمكن إدخال العصا من محجر العين نفسه ، مع الطرق عليه بأداة تشبه الشاكوش أو المطرقة ، فتدخل لعصا إلى الفص الجبهي ويبدأ الطبيب بتحريكها يمنًا ويسارًا ، من أجل قطع كافة الخلايا التي تصل الفص الجبهي بالمخ ، وبالطبع لا يخضع المريض للتخدير في كل مرة !!
وعلى مدار السنوات التالية ، كان الطبيب فريمان قد أجرى أكثر من ثلاثة آلاف جراحة لمرضاه ، المسجونين داخل مصحته الخاصة بدعوى علاجهم ، ولكن هل شفى المرضى بالفعل ؟
لم تحقق تلك الطريقة غير الآدمية أي نوع من الشفاء للمرضى ، بداية من مونيز وحتى والتر ، وكافة الأطباء ممن استخدموا تلك الطريقة فيما بعد ؛ فالجانب المظلم والخفيّ في هذا الأمر ، أن المرضى كانت تختفي لديهم الأعراض الظاهرية للمرض .
ولكن مع ظهور أعراض أخرى تجعل المريض النفسي ، يشبه ما يُعرف بالزومبي ؛ حيث يتحرك المريض بشكلٍ عشوائيّ ، دون تحديد اتجاهه ، فبعضهم جلس صامتًا لأسابيع ، ثم تحدثوا بلغات غير مفهومة ، وقاموا بانتحار بعدها ، ومنهم من قتل زملاء له بالمشفى عقب تصرفات عشوائية غير محكمة .
وبلغ عدد المنتحرون من المرضى الذين خضعوا لتلك العمليات غير الآدمية ، ما يقارب 90% منهم ، وكان مصير من بقي منهم على قيد الحياة ، أن خضع مرة أخرى للعلاج بالصدمات الكهربية .
جدير بالذكر ، أن هذا النوع من العمليات غير الآدمية قد أدت لمقتل حوالي خمسون ألف مريض نفسي ، داخل الولايات المتحدة الأمريكية فقط ، إلى أن تم منعها تمامًا على مستوى العالم في عام 1970م . ولكن هل توقفت تلك العمليات بالفعل ؟
حاليًا في عام 2017م ، يتم إجراء تلك العمليات بواسطة أطباء ضعاف النفوس ، بالمصحات غير المرخصة ، وذلك بالنسبة للمرضى فاقدي الأهلية .
أنت تقرأ
قصص وحكايات
Ficción Generalقصص موعظه وعبر تم نقلها من برنامج (قصص وحكايات) لم اقوم بتحسينها او اي شي فقط منقولة ذات يوم جاء بعض الناس إلى الإمام الشافعي، وطلبوا منه أن يذكر لهم دليلاً على وجود الله عز وجل.ففكر لحظة، ثم قال لهم: الدليل هو ورقة ا لتوت.فتعجب الناس من هذه الإجا...