الموت قهراً

10.3K 45 33
                                    

اتذكر جيدا كيف ابتدئنا،، أنعش ذكرياتي برسائلنا الدافئة المتبادلة، بكلماتها الرقيقة الرصينة آنذاك، أسافر بين عينيها في ذكريات الماضي لأرسم من نور بهائها لروحي الجريحة صورة وجهها البشوش المفعم حيوية ولطافة كملاك رحيم.

لاأصدق ابدا ان تلك الملاك الرقيقة هي نفسها تلك معذبتي، هي نفسها اللتي تذلني اليوم وتسومني سوء العذاب والمعاناة فقط لإرضاء غرورها وإشباع شهوتها السادية المتفجرة من جديد.

كانت كلماتنا الأولى وتعارفنا مليئة بروح الحنان وطيب الكلام، بحروفها المعسولة المنمقة تسألني عن ذلك العالم اللعين وخباياه وأزقته، تسرق مني دفائن ذكرياتي وخفايا مخيلاتي، كنت أحكي لها عن تجاربي السابقة في عالمي ذاك، عالم الميول الساديمازوشية، ذلك العالم البارد بلهيبه، المرير بعسله،، نعم ذلك العالم اللذي وجدت نفسي فيه مرغما ودون مشيئتي لتقطع معذبتي من نسيج روحي الموجوعة المتجمدة خيوطا فتصنع لأنانيتها جوربا ربيعيا، تزين اقدامها به إرضاءا لنشوتها واختيالها.

حدثتها عن قصصي و ورحلة ضياعي في ذلك العالم، بحت لها عن سجني ذاك، وقساوة قضبانه، حدثتها عن مراراتي وأوجاعي وسطوري الممزقة، سلمتها مفاتيح قلبي و تركت لها باب روحي مفتوحا على مصراعيه إطمئنانا ويقينا، لعلها تطفئ ظمأي بحنانها ورقتها وتكون لي دواءا بعد استفحال دائي،

لعلها تذيب شيئاً من جليد أوجاعي في سفرتي المظلمة تلك،،،، لكنها داهمت روحي وكسرت أبوابي وبعثرت قلاعي وداست حصوني بأقدامها لتسكب على ماتبقى من براعم إلهامي حمم من نار نرجسيتها ولهيب ساديتها.

كنا نتكلم ونتحدث كأصدقاء أشكو لها همي وأداوي فضولها الشاهق بأخبار عالم الميول، كانت تسألني عن فنون الإخضاع وأساليبه النفسية، تنصت بإصغاء شديد، تحلل من تجربتي و قصص معاناتي وعلوم رحلتي تبك، لم أكن اعلم انها بذلك ترسم على دفاتر مذكراتها خططا وتعد أسلحتها بعناية لإصطيادي واقتيادي مكبلا إلى سجنها العتيق.

هي لم تكن في بداية تعارفنا سادية مئة فالمئة ولم تكن متأكده أصلاً من ميولها السادية المختبئة خلف عينتيها الفاتنتين.

ارتني بعض صورها الجميلة لتذهب عقلي عمدا وعن سابق تصميم واصرار... اللعنة ،هي تعلم انها شديدة الجمال وساحرة الأنوثة، لابد أنها تشعر برعشات الجبال رهبة من حدة عينيها ووجلا من خطوات اقدامها.

لن اخفي عليكم انها فتنتني لحد الجنون والإغماء عندما شاهدت ألماستي وجهها واللؤلؤ المكنون بين شفتيها تتبسم لتحرق فؤاد اعتى الرجال، اتذكر جيدا كيف سرحت في عينتيها الحارقتين تحرسهما رموشا أعتى من عوالي الرماح، وسنابل وجنتيها الذهبية المفروشة تلامس الكواكب والمجرات، وكأنني في حلم زبرجدي في عالم الفردوس يسحرني ويسكرني بنبيذ شفتيها حتى آخر قطرة من فمها حتى الثمالة بل قل حتى الموت اشتعالا... انها تلخيصا لكل ماتغزل به شعراء الحاضر والماضي وماعجزت عنه ألسنة الأدباء والهائمين.

مرارة الإذلالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن