ماندراجورا

319 4 2
                                    

في بيت كبير من الخشب جدرانه مهترئة، و يحتوي حديقة كبيرة تنبت فيها شجيرات صغيرة و نخلات ثلاثة يسكن رجل عجوز و زوجته والى جانبهم بيت مماثل تسكن فيه عائلة من اربعة افراد تمارس حياتها ضمن روتين يومي ثابت. يستقيظ حسام على صوت امه الصارخ بعد ان الحت عليه في النهوض حيث كان اذا انغمس في النوم لن يستطيع شيئا ايقاظه. جلس على سريره لوهله يحاول ان يستنتج انه لازال على قيد الحياة ونظر الى الساعة كانت تشير الى ٧:٣٠ صباحاً ذهب ليغتسل قبل الذهاب الى الجامعة في يومهِ الاول اعترت تفاصيل وجهه تقاسيم الحماس لحظات ثم سرعان ما اختفت بعد ان ادرك ان حياته لم تتغير على الاطلاق وسيعاود روتين الاثنى عشر سنة الماضية لخمس سنوات اخرى كما انها لازلت تتضمن الدراسة التي يكرهها كثيراً وبرغم ذلك استطاع ان يذهب الى الفرع الذي يحبه فعاد الحماس اليه مرة اخرى. انهى حمامه وبعد ان جفف نفسه ارتدى البدلة التي ابتاعتها امه اليه ليلة امس وتناول طعام الفطور ليركب بعدها سيارته ويذهب الى الجامعة.
على غرار ما كان يقوله الجميع بان الجامعة تفرق كثيراً عن المدرسة ادرك بانها خمس سنوات اخرى من نفس الاسلوب الدراسي و النظام و الطلاب ذاتهم الفرق الوحيد هو ان جنسٌ آخر يدرس معهم حيث لازالت تمسية طالب تطلق عليه على اي حال. لم تكن هناك اي محاضرة ذات اهمية هذا اليوم حيث كانت جميعها لا تزيد على نسبة تعارف قليله بين الاساتذه الجامعيين وطلابهم، بالنسبة اليه انه يوم ممل اخر يضاف الى ايامه الماضية. عاد بعدها
الى المنزل ليتناول طعام الغداء ويخلد الى النوم قليلاً. استقيظ بعدها الساعة ٤:٣٠ مساءاً وكان مشبعاً بالنوم حيث ان عينيه كانت متورمة قليلاً. جاء اليه وليد صديقه الى البيت ليقضيا الوقت بالعاب الفيديو غير ان شيئاً غريباً كان يحدث ليلاً بصورة دائمة تقريباً يجعلهم يعدلان عن اللعب ويأخذهم التفكير بعيداً عن ماهيته وماهي الاسباب وراءه. كان صوتاً اشبه بالصراخ يخرج من منزل  العجوز يومياً او مابين يومٍ والاخر ما جعل حسام ينصب منظاراً ليقمع به فضوله بالنظر الى بيت العجوز ونافذاته باحثاً عن صوت الصراخ الخارج من البيت. انتقل حسام و عائلته الى هذا المنزل حديثاً حيث لم يمضي على سكنهم فيه عشرة ايام سمع فيها حسام وصديقه صوت الصراخ سبعة ايام وهناك امراً اخر مريب ايضاً كان العجوز يومياً يجلب معه عائداً الى المنزل كيساً كبيراً من اللحم وهو ما جعل شكوك حسام تذهب بعيداً. حيث كان يظن هو و ليد بان العجوز يخطف فتيات ويجلبهم الى بيته و يعذبهم ولكن ما يقال بان العجوز كان مريض نفسياً يضرب زوجته كل يوم وبصورة مستمرة احياناً.
في اليوم التالي ليلاً قرر حسام البقاء مستيقظاً ليرى ما يمكن ان يفعله العجوز وهنا رأى شيئاً مريباً جداً حيث كان العجوز يقف قرب النافذه والى جانبه زوجته قبلته بحب وهنا استنتج حسام بانه من المستحيل ان تكن زوجة كل هذا الحب الى زوجها بعد ان ضربها جميع هذه الايام وفجأة بدأ صوت الصراخ يتعالى مجدداً وهنا بدأت مشاعر الصدمة تظهر على ملامح حسام حيث اغلق منظاره مسرعاً وذهب الى فراشه خائفاً يتسائل ما الذي 
يحدث في ذلك البيت المريب. 
بعد بضعة ايام انتشر خبر وفاة زوجة الرجل العجوز في المنطقة كان الخبر قد احدث ضجة كبيرة بعد ان انتشرت شائعات بانها ضلت تصرخ طوال حياتها الى ان توفيت غير متحملة كمية الضرب الذي كانت تتعرض اليه للوهلة الاولى بدا خبر وفاتها مقنعاً الا ان المفاجأة كانت فيما بعد حيث اعلن احد الاطباء انها توفت نتيجة مرض السكري حيث اثر كثيراً على قلبها و ادى الى انسداد شرايينً كثيرة فاصابتها جلطة قلبية. ضل حسام يراقب العجوز من خلف نافذته كان يبكي كثيراً لرحيلها عنه حتى اذ اخرج ذات يوم احدى صورها وبقي يقبلها فركز منظاره على الصورة كانت فتاة ذات شعرٌ اصفر مفعمة بالحياة وتبث الحياة في كل من يراه لجمالها استغرب حسام هل يعقل انها زوجته العجوز !! حيث ان المنظار كان يشوش قليلاً على الصورة نتيجة بعد النافذه فلم يستطيع استبيان تشابه بين زوجة العجوز و الفتاة.
ضل حسام يراقب العجوز يوماً بعد يوم حتى كان قد اختفى العجوز لمدة سبعة ايام متتاليه كان صوت الصراخ فيها متواصل يومياً وهو ما اثار قلق حسام كثيراً فقرر بعد ان استيقظ في اليوم التالي الذهاب الى المنزل والعبور من الباحة الخلفية.
بعد ان اقتحم حسام ضل يتمشى ببطء وصوت صرير الخشب يصدر خافتاً من تحت اقدامه ويبحث بعينيه عن اي شيء مثير لكنه لم يجد شيئاً يثير الدهشة على الاطلاق غير تلك الشجرة !! كانت هيأتها تشبه البشر كثيراً وكانت تمتلك فماً و انفاً ولها رأس كرأس الانسان او ذا صلة قرابة اليه بقي حسام في موقعه مذهولاً حتى استطاع ان يخطي بثقل الى الامام مقترباً اليها بعدها استطاع اقناع نفسه بان العجوز هو من نحتها لكن سرعان ما بدأت الشجرة بالصراخ الذي كان اقرب الى البكاء فسقط حسام هاوياً على الارض من الخوف. ضل ينظر الى الشجرة وهي تصرخ قليلاً كما لو ان جميع اعضائه تجمدت حتى استطاع الهرب مسرعاً متجهاً الى باب المنزل ولكن العجوز الساقط على الارض حال دون وصوله فتعثر به ساقطاً بجواره فضل ينظر اليه بتمعن وقال في نفسه (اللعنة ما الذي يحدث هنا) وكل جسمه يرجف من الخوف. (من انت يابني ؟!)
ذهولاً كبيراً سطى على جميع اطراف حسام بعد ان سمع كلمات متثاقلة صادرة من فم العجوز. ( لا تتصل بالنجدة
ارجوك اريد الذهاب اليهما مبكراً)  واغلق العجوز عينيه بعد ان تلفظ كلماته الاخيرة وكان صراخ الشجرة قد
توقف. نهض بعدها حسام مسرعاً يتصل بالنجدة لانقاذ الرجل العجوز لكن الوقت تاخر على اي حال. في اليوم تالي عاد حسام مجدداً الى البيت وراح يبحث في غرفة العجوز عن اي شيء او معلومات عن هذه العائلة الغريبة فوجد صندوقاً سحبه من فوق الرف كان يحتوي على اوراقٍ اشبه بالمذكرات استطاع من خلالها ان يكتشف بان الصورة التي يحملها العجوز في يديه قبل وفاته كانت لابنته التي توفت اثر حادث سيارة و كان ذلك الصراخ يخرج من شجرة اسمها (ماندراجورا) حيث انها شجرة تشبه الانسان كثيراً وكان العجوز يجلب اكياس اللحم ليستخرج منه الدم ويسقي به الشجرة لتنبت ورداً ذو رائحة زكية فهو يعتبر كعمال نمو اساسي لها وكانت اذا تعودت على وجود احداً في حياتها تتخيل انه فرداً من اهلها حيث كانت تصرخ لان العجوز وزوجته يبكيان يومياً على ابنتهما وهي تصرخ لبكائهما كما وبعد اسبوعين كانت الشجرة قد اصيبت بالجفاف و يبست وذبلت ورغم اعتناء حسام فيها لحقت بأصحابها. واخذ حسام يبكي على العجوز بعد ان انغمس في حياته الصعبة وقرأ المذكرات جميعها محتفظاً بها اليه.  

🎉 لقد انتهيت من قراءة ماندراجورا-Mandragora 🎉
ماندراجورا-Mandragoraحيث تعيش القصص. اكتشف الآن