1- أنا الماعز الأليف.

169 27 47
                                    

كان يا مكان في غابر الأزمان، ماعزٌ بدينٌ يتنقل بين البساتين.. يأكل من هنا قليلاً وأكثر من هناك، و يتذوق ما حل له وطاب من الأعشاب.

وعادةً بينما يتنقل بين الحقول تنغزه بعض الأشواك تارة.. وتتلطخ قدماه بالوحل تارةً أخرى، يتذمر بشأن ذلك قليلاً بينه وبين نفسه ولكنه سرعان ما يعود للإستمتاع بالطعام.

تلك كانتْ متعته الوحيدة في الحياة.. "التنقل والطعام" مما أدى إلى جعله ماعزاً بديناً وكسولاً.

وفي يومٍ من الأيام رآه فلاحٌ فقيرٌ فأغرته سمانة الماعز الحر، فأخذه ليحتجزه وينتفع به.. ولكن زرع الفلاح كان رديئاً والحظيرة صغيرةٌ للغاية.. مما أثار الشؤم في داخل الماعز الصغير، ولكنه في المقابل حصل على مأوىً دافئٍ يقيه برد الشتاء وحرارة الصيف.

ففكر.. أيهما أهم؟ الحرية أم المأوى؟؟ ولكنه استكان دون أن يتخذ قراراً.

ولكن الأمور ازدادت حنقةً بالنسبة للماعز.. لأنه لم يجد التكيف مع هذا التغيير المفاجئ!

فمرتِ الأيام عليه كسنين.. يعوض نفسه فيها بالخيال.. ويصبر نفسه بالحلم والأمل بقدوم يومٍ تحصل فيه معجزةٌ تنقذه من خلف الأسيجة، حتى ضاق به الحال لفرط شوقه إلى الأيام التي كان يقفز ويمرح ويأكل فيها بحرية.

أصبح لفرط يأسه يتمنى.. لو أن أشواكاً أخرى تنغز قدميه، ولو أن جسده كاملاً يتلطخ بالوحل!.

وجاء اليوم الذي لم يستطع الماعز فيه إدخال أي لقمةٍ من ذلك العشب إلى فمه، وأدرك أن انتظاره لمعجزةٍ قد طال.. وأن خوفه من صدم سياج الحظيرة هو سبب وجوده في هذا المكان حتى الآن.

فحزم أمره واستجمع قواه.. ووقف أمام ذلك السياج ثم بدأ بالركض نحوه بسرعة.. ولكن خوفه أوقفه عند اللحظة الأخيرة.. فأغضبه ضعفه وعاد إلى مكانه ليعيد المحاولة.

فيركض مجدداً ويفتح عيناه ليجد أنه قد توقف مجدداً قرب السياج.

جلس يبكي لأنه أدرك أن سمنته وكسله هما ما تسبب بوجوده هنا في المقام الأول، والآن.. الأسباب عينها -بالإضافة إلى جبنه وخوفه- هم السبب في بقائه في هذا المكان

والآن وبعد أن أدرك العلة قرر أن يتغلب عليها، لينقذ نفسه بنفسه ويتوقف عن انتظار شخصٍ آخر ليصلح أخطاءه الخاصة.

وقف مجدداً أمام السياج، وبعزمٍ أكبر من سابقه.. إنطلق بسرعةٍ نحو السياج واصطدم به بقوة

فتح عيناه ليعي ذلك الألم الفظيع في إحدى ذراعيه.. فعادتْ دموعه تنازع للخروج، ولكنه نظر نحو السياج.. ليجد أن السياج قد تشقق!

نسي ألم يده وعاد إلى مكانه وقد استبشرتْ ملامحه..

نظر بحزمٍ نحو السياج وابتسم، ثم ركض مسرعاً نحو السياج فإذا به يجد نفسه منطلقاً بحريةٍ في السهول الخضراء.. راكضاً بأقصى طاقته.. نحو الشمس.

تمتْ.
2020/3/5
#Elaias_K.D

Out Of Nothing.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن