بينما كان اليكسندر يرعى غنمة ويحاول توفير المأكل والمشرب لهم في إحدى الليالي المظلمة وهو ثمل جداً إلى درجة أنه نسي إغلاق بوابة المزرعة .. أضاء لنفسة يميناً ويساراً بواسطة فانوسة ، وهو يجتاز الحظيره مترنحاً .. دخل إلى بيته الصغير في المزرعه ثم قام بخلع حذائه ودفع برجله الباب فسكب من البرميل آخر كأس جعة ثم صعد إلى السرير ناسياً طعام غنمه إلى جانب زوجته إليزابيث التي كانت تغط في النوم .. ما أن إنطفأت الأنوار حتى صدرت عن بنايات المزرعة رفرفة أجنحة تحولت فيما بعد إلى ضجيج ، لقد ترددت خلال اليوم إشاعة أن العجوز " الفريدو" رأى حلماً غريباً في الليلة الماضيه رغب في أن يتحدث فيه مع باقي الحيوانات .. العجوز "الفريدو" هو بطريق كان قد توج أيام شبابة بطلاً بين أبناء جنسه فقد تبارى على لقب " البطريق الأقوى " ولكنه كان بالنسبة إلى الجميع " العجوز الحكيم " الذي يستشيره الجميع في أمور حياتهم ، اتفقت جميع الحيوانات على أن تتجمع في المزرعة ما أن يذهب المزارع اليكسندر .. كان العجوز الفريدو يحظى بإحترام الجميع إلى درجة أنهم كانو مستعدين إلى أن ينصتوا لما سيقوله حتى يطلع النهار أتخذ لنفسة مكاناً في أحد أطراف الحظيره فوق ما يشبه المنصة " كانت هذه المنصه سريرة المصنوع من التبن المضاء بمصباح معلق في رافدة " يبلغ من العمر أثنتي عشرة سنة إتخذ مع تقدم العمر البدانة ، يبدو متشبئاً بها إلا أنه يبدو في مظهرٍ لائق نوعاً ما بالرغم من عجزه .. سيحضر باقي الحيوانات فيما بعد سوف يتصرفون بحرية حيوان يتبع قوانين نوعه .. في البداية حضر الكلب "هاسك" مع الكلبتان " أندريا" و "فينسا" وكانوا في أقرب مكان بجانب الجد الفريدو ، من ثم جاء الدب القطبي " جوردن " وكان من النوع الهمجي بعض الشيء ولكنه كان يلتزم الصمت والهدوء في حضور الجد الفريدو ثم بعد وقت قصير بدأ الفرس " ظاهر " وزوجته " نور " في القدوم وهم من أصول عربية منغلقون على أنفسهم قليلاً ولكنهم طيبون .. خسروا أبنهم في الحرب التي أشتعلت في بلدهم الأم " اليمن " ولكنهم على يقين أن هذا الخير الذي قدمه الله لهم وبما أن نور حاملاً الان بطفلٍ لهم فـ ظاهر بات يستعد لمولوده الجديد .. جلس ظاهر وزوجته بالقرب من باب المستودع الذي سيحكي فيه الجد عن حلمه لكي لا تصاب نور بأذى بما أنها حاملاً الان .. أتى بعد ذلك "بنيامين" وصديقه "تورو" الخنازير وقد كانوا نرجسيين جداً يرون أنهم الأحق في أن يجلسوا أمام الجد الفريدو بل ويكونوا مكانه أيضاً ولكن لا أحد كان يستطيع أن يعكر مزاج الفريدو هنا لأنه بالتأكيد من سيفعل كان سيلقى غضب كبير من جميع الحيوانات الأخرى لذلك فقد جلسوا بالجانب الأيمن بالقرب من المنصه وكانت نظراتهم حاده جداً لجميع المتواجدين .. جاء بعد ذلك الفقمه " براندي " وأبنتها " يونا " وكان يظن الجميع أن هكذا قد إكتمل العدد .. ولكن فجأه جائت العديد من القطط الصغيره الذين قد فقدوا والداهم وباتوا وحيدين لا مأكل لهم ولا مشرب ، تائهين لا يعلمون ما يفعلون في ظل ظروفهم القاسية .. نظر لهم الجميع ولكن نظرة الفرس ظاهر وزوجته نور كانت مختلفه بعض الشيء .. فهم يفهمون معاناتهم لذلك أخذتهم نور إلى حضنها لكي يمكثوا فيه ويبعدوا عن البرد القارس .. وها هو ظاهر يغلق باب المستودع إلى أن رأى فتاه فائقة الجمال كانت .. بيضاء ولها خطُ أسود بجانبها الأيسر تسير على أطراف حوافرها .. فهي اللاما " كلوفر " التي تنال إعجاب جميع رجال المزرعه أظهرت نور غضبها شيئاً فشيئاً لما رأت الإعجاب في أعين زوجها لفتاه أخرى إلى أن دخلت كلوفر وإختارت أرقى مكان لكي تجلس فيه بهدوء .. دخل بسرعه فائقه بعدها النورس " فلاد " وهو أهدى المتواجدين .. يتحلى بالذكاء والفطنه والشجاعه أيضاً إلا أن البعض يراه متكبر لأنه لا يكلم أي أحد بسهوله وله كاريزما خاصه يكره بنيامين كره شديد لأنه كان يغار منه .. ها قد إجتمعت جميع حيوانات المزرعة ولم يبقى منهم أحد سوى الذئب " يوجين " وهو نائم فوق مجثم قرب الباب الخلفي ينظر اليهم بهدوء وإنتباه .. ثم بدأ الجد حديثة بهذه الكلمات ( أيها الرفاق ، لقد سمعتم بالتأكيد عن الحلم الغريب الذي راودني والذي من أجله أجتمع جميعكم هنا لكي أتلوه عليكم .. ولكن قبل أن أبدأ بالكلام عليه أريد أن أخبركم شيئاً .. أيامي في هذه الدنيا باتت معدوده وبكل صراحة أنا لا أحبذ البقاء هنا معكم فأنا أريد أن أرجع إلى دياري حيث كنت أدلل من طرف أمي التي فارقت الحياه منذ عده سنوات وبدأت أعتني بنفسي بدياري أيضا .. الذي هوجم من قبل قطيع من الذئاب القطبية المتوحشة ، قتلت جميع عشيرتي ولم يتبقى سواي أنا وحدي وقد تمنيت الموت على أن أبقى وحيداً بين سهول الجبال في الثلج القارس ، وجدت نفسي فجأه في هذه المزرعة التي كانت مثل الجنة بالنسبة لي أعتنى بي صاحبها إلى أن رجعت الي قوتي ، وقد كنت أراقبكم جميعاً واحداً واحداً وأسمع قصصكم التي تقشعر لها الأبدان والتي كانت محزنه جداً لي وأردت أن أكون من والدكم الذي يحميكم من أي خطر ويأويكم ويحتويكم دائماً .. ولكن يا صغاري حينما شعرت أن يومي قد حان لم أتردد في جمعكم لكي تأخذون من خبراتي في هذه الحياه ولكي تعلمون أن مهما غابت الشمس وأختفت فإنها آتيه لا محالة ولكن هذا إن كنتم تنوون مجيئها وإن كنتم تعون ذلك .. يجب عليكم يا صغاري الإنصات والسماع لكل كلامي فإنكم في غابة وليست مزرعة كما تظنون ! ) نظر الكلب هاسك للجد بإعجاب فهو كان من أشد الحيوانات التي تحب هذه المزرعه ولها ولاء للمزرعه والمزارع " اليكسندر " وقال له : أتدري ما تقوله يا جدي ؟ أنت بكلماتك هذه تهز أساسنا وبيتنا الذي مكثنا فيه لسنين طويله ويكأنك تتهم مزارعنا الذي أعتنى بنا طيلة هذا الوقت! نظر الفريدو له قائلاً : ها أنت تسمح لنفسك أن يتحكم بك تفكيرك اللاواعي بدون أي إنصات أو منطقية أو حتى التفكير فيما أقوله وسأقوله ، الصبر وإما الخروج من هنا! نظر الكلب هاسك إلى الجد نظرات بين الشك والحزن بينما كان الخنزير بنيامين وصديقه يبتسمان بخبث ويكأنه عرض مسرحي مضحك! .. من ثم جاء الفرس ظاهر الى هاسك وقال له : رويداً يا صديقي لنستمع لما سيقوله وإن كان خيراً فخير وإن كان شراً فلن ترحمة قوة المزرعه ..! إبتسم الجد بهدوء وقال : متى كنت كاذباً عليكم ومتى كنت أنوي شراً لكم لكي أدلكم على الشر وأسعى في الخراب الان ؟ .. أنا يا أولادي ضعيف ليس لي سواكم ولا أملك من الحيلة شيئاً وأنتظر إلى أن يرفعني الله إليه ولا أريد أن أذهب من بينكم بلا أن تكونوا علي وعي بما أنتم فيه وما أنتم عليه .. يا أولادي تفكروا تنجوا مما أنتم فيه ، كلكم هنا لا تدرون ما قد يخفيه لكم القدر وما أنتم عليه ، يا أولادي جميعكم كان يعيش حياة مرفهه جميله لا إزعاج فيها إلى أن جائت الحرب وشردتنا كلنا فمنا من خسر أصدقائه ومنا من خسر عائلته ومنا من خسر كل شيء .. وأنتم في سعاده كبيره عندما وجدتم هذا المأوى الصغير وهذا المزارع الحقير! تسلل التوتر بين جميع الحيوانات وقالوا في صوتٍ واحد .. حقير!!! خافت القطط وغضب الفرس والدب والكلب أيضاً وقاموا وأقتربوا من الفريدو لكي يسحب ما قاله على من كان لهم عوناً ولكنه أبى أن يسحب كلمه من كلامه .. جاء وسط هذا الزحام الذئب لكي يهديء من الوضع وقال : يا معشر الحيوانات ماذا بكم ؟ اهكذا تغضبون وتعاملون من كان لكم اباً وأخاً وملأ حياتكم بالسكينه ؟ فضله عليكم كبير فعليكم بالهدوء وإلا سيكون لي رأيٌ اخر! .. نظر النورس لهم وفرد أجنحته ويكأنه سيهجم ولكن بات الجميع في سكينه غير عاديه لخوفهم من الذئب يوجين والنورس فلاد .. ثم أستكمل الفريدو كلامه : ها أنتم لا تصبرون على أفعالكم ولا تفكرون قبل فعلكم : سأتلو عليكم رؤيتي عسى أن يكون آخر ما سينطق به لساني .. إن مزارعنا الودود الذي كان يظن الجميع أنه هو المأوى وهو الذي حمانا جميعاً هو بحد ذاته من جاء إلي عشيرتي لكي يبيدها ويأخذ خيراتها وهو من أشعل الحروب في جميع بلداننا لكي ينهب ما كنا فيه .. يا أولادي هذا من دمر مواطنكم وهذا من أشعل الحرب فيها ! قاطع النورس كلام الجد : ولماذا قد حمانا طيله هذه الفتره يا الفريدو ؟ رد الفريدو : وهل تقارن ما أعطانا إياه بما أخذه من مواطننا ؟ لقد كنا طعامة المفضل وها هو يربينا فقط لمصلحته إنه يريد التجارة بنا ويريد أن نكون ذا منفعة له فقط .. إن علم أنني قد علمت كل هذا فمصيري سيكون مثل مصير عشيرتي جميعها! نظر الجميع للجد بذهول فمنهم من لا يصدق ما يُقال ومنهم المتعجب جداً من كلامه فلقد ترك الذئب والكلاب الجلسة وتابعهم الدب وحلق النورس بعيداً عن المستودع بينما لحقهم الفرس ظاهر وزوجته والقطط الصغيره .. لم يبقى سوى الخنازير التي كانت أسعد الموجودين فهي الموكله بأن تأخذ من يعرف الحقيقة للمزارع اليكسندر لكي يخفي حقيقته .. تغلبت مشاعر الحيوانات على عقولهم وصدقوا الشيء الذي يسهل تصديقه بدون تفكير .. وكان في اليوم التالي قد عزم المزارع اليكسندر جميع حيوانات مزرعته على لحم دسم جداً كان قد أعجب به الجميع ، لا يعلم حقيقة هذا اللحم سوى بنيامين وصديقة والمزارع بالتأكيد! كان هذا لحم الحكيم الذي كان يحترمه الجميع مسبقاً .. هذا لحم من عرف الحقيقة ، هذا اللحم لحم الفريدو..!
أنت تقرأ
مزرعة على قمة إفرست
Truyện Ngắnتحكي هذه الرواية القصيرة التي لم تتعدى الـ 1500 كلمة عن واقعنا المعاصر بين من يجب إحترامة وبين من يجب محاربته فعلاً ، هذه الرواية مقتبسه من رواية جورج أورويل : مزرعة الحيوان .