عدنا للمكان الذي قتلت فيه أم ليث...
_بعدما قُتل والدي كان أبن عمي كل يوم يزورنا ويتحدث مع والدتي، كانا يتناقشان عن هروبنا من المحافظة... كل آمالنا علقناها في هذا الهروب، وكنا متأملين الخروج من الموصل سالمين... أو بلأحرى على قيد الحياة فقط...
اتفقا على أننا سوف نهرب عندما يحين موعد صلاة الظهر، لأنهم جميعاً يصلون صلاة جماعة هناك، وكما يفعل جميع الذين يهربون من المدينة فعلنا نحن المثل.
تحركنا عندما ذهب الجميع للصلاة، ولكن لم نعلم أن القناص لم يبرح مكانه... شاهد.
حرك ليث يده، وعادت والدته وأخوته يجرون، لاحظت عدم وجود أبن عمه الذي تحدث عنه لذا سألته عن مكانه فأجابني...
_لقد قتله القناص، لهذا السبب بدأت والدتي بالجري وقامت بسحبنا معها، كانت تصرخ بنا بأن نجري بسرعة، حتى لو تركناها ورائنا، كانت تقول لنا... أسمع ما كانت تقوله.
أشار ليث لوالدته، وبدأنا نسمع ما تقول...
_اركضوا! لا تتوقفوا! فقط أركضوا، ولا تلتفتوا خلفكم!.
كانت تصرخ وتبكي، وتدفع أبنائها أمامها...
صراخ وبكاء الأم، ومشهد مقتل أبن عمهم امامهم، أفزع الأطفال، أحدهم يصرخ بوالدته "أمي و أنتي؟!" والأخرى تصرخ مرعوبة وتجر أقدامها بصعوبة.
وليث يجري ويلتفت خلفه، سمعت شهقاته من على بعد، وبدأت أنا أشقه معه، الخوف والهلع في ذلك المشهد شعرت بهِ، أنقبض قلبي مع كل هذا الصراخ، وتجارت الدموع على وجنتي وضاقت أنفاسي...
أخذت ألتفت لليث الواقف بجانبي الممسك عبرته بصعوبة، و لليث الذي يجري هارباً من الموت وأخوته ووالدته التي تجري وتتعثر خطاها حتى وصلت إلى مكان قبرها...
جرني ليث لكي نبتعد قليلاً، وسقطت هي على الأرض، عادت أخت ليث وأخوه لوالدتهم ولحقهم ليث، صرخت بهم... صرخت صرخة اقشعر بدني لها، أمتزجت فيها الشهقات والعبرات، صرخة شعرت أنها أخرجتها من كل قلبها...
أنها أم، وهي بالتأكيد لا تريد أن تنتهي حياة أبنائها هنا... أخذت تدفعهم لكي يبتعدوا عنها وتخبرهم بأنها سوف تلحقهم، فقط عليهم أن يبتعدوا بسرعة، وفجأة...
صوت دوي الرصاصة من القناص، أخترقت رأسها وأسقطتها جثة هامدة أمام أبنائها!.
أرتجف جسد الفتاة و ليث وقف متسمراً في مكانه، وأخاه تراجع للخلف قليلاً ليتلقى رصاصة أنحشرت في قلبه صرعتهُ أرضاً.
فزع ليث وجرى نحو أخته وسحبها معه، كانا يجريان ويعثران، وصوت بكاءهما ملئ المكان. جريا بعيداً عن الجثتين، وأتبعناهما أنا وليث الواقف بجانبي.
أثناء ما كنا نلحقهما شعرت بخطى ثقيلة تضرب الأرض، إلتفت لأرى من صاحبها، لكن ليث جرني معه ولم يدعني أرى من ذلك الشخص.
أنت تقرأ
حلم روح || A Dream of a Soul
Kurzgeschichtenلم أعلم أن للأروح أحلام... أحلام جعلتهم معلقين بموتهم، أستقرت أجسادهم بين ثنايا التراب، وأستيقظت أرواحهم مُنتظرة تحقيق حُلمها الذي تآملوا أن يتحقق يوماً قبل أستقرارهم في قبروهم... تردد صوت إلى مسامعي بينما أنا واقف عند قبره أتأمله... صوت كرر كلام سم...