ديم، واحة في قلب الصحراء، تحيط بها البساتين والظلال الوارفة، حباها الله بالنعمة الدائمة حتى كان اسمها مشتق من كثرة المطر في سكون وهي في عزلة عن العالم فكانت اشبه بصومعة صوفية، كل ما فيها مثمر، تمر الشاحنات التجارية من أطرافها وهذا ما يجعلها على تواصل بالعالم الخارجي وهي اشبه بمحطة على الطريق
الملا حسن وهو أحد شباب القرية، شاب وقور ومتعلم ويحفظ القران، أكمل تعليمه الجامعي في المدينة وعاد للقرية لخدمة أهلها وتفرغ الى الوعظ الديني والإرشاد ولان على والده نذر بخدمة مقام الملا، الذي هو جده لامه، وسبب هذا النذر انه في طفولته أصيب الملا حسن بمرض وحمى خطيرة وعجز الأطباء في شفاءه وحتى مستشفيات المدينة عجزت عن ذلك واخبروهم بموته القريب، وحين العودة للواحة اخبرتهم الجدة المباركة زوجة الملا بالعلاج.
الجدة تؤمن بالغيبيات وتحب زوجها المرحوم وكانت متعلقة به اشد التعلق واخبرت والد ملا حسن بالعلاج "يا بني امسح وجه ابنك بمكنسة قبر الملا وسترى المعجزات"
ولما لم يكن لهم من بدٍ الا والاخذ بنصيحة الجدة قاموا بكنس وجه حسن بالمكنسة واثاروا عليه الغبار ليشفى، واقسم الوالد انه لو شفيَ ولده من المرض ليجعل من نفسه خادما للضريح ومن بعده ابنه حسن
وبعد يوم واحد نهض حسن من مرقده سالما معافى.
ولم تنتهي المعجزات لهذا الحد بل كانت الجدة إذا أصاب حفيدها حسن رمد في عينه كانت تقوم بضرب مكان الألم بنعال الملا فيشفى فورا وهكذا تولدت عند حسن عقيدة في دواء الملا، والجدة عاشت طويلا وكانت تقول كله بفضل الملا.
*
القرية تعيش بسلام ووئام ولم يعكر صفو عيشها شيء، انتشر فيروس خطير في المدينة وكان وباءا عالميا اودى بحياة الكثيرين وانقطعت القوافل عن الواحة بسبب إجراءات وقائية من الحكومة وفي هذه الاثناء كان الناس يموتون بالمئات ولم يصب اهل القرية أي سوء وكان الملا حسن وهو امام الضريح يقول "كله بفضل الله ومقام الملا".
والقرية على هذا الحال من العزلة التامة وانقطاع بعض المواد التي لا تنتجها القرية، وكان الناس يخافون الذهاب للمدينة خوفا من الوباء الذي أصابها فتبرع الملا حسن بالذهاب لأنه يؤمن ان بلاءا لن يصبهُ، وهناك في المدينة تأخر الملا حسن لأكثر من أسبوع بسبب الإجراءات الوقائية في المدينة، ومهما يكن فقد وقع المحظور وأصيب الملا حسن بالوباء وتم الحجر عليه في المدينة ومنها بقي أسبوعا آخر وحالته تشتد سوءا، حتى استطاع الهرب من الحجر الصحي والذهاب لقريته ليصل الى ضريح الملا ليستشفي به من المرض.
تلقى اهل القرية الملا حسن بالود والترحيب واجادوا في السلام والتقبيل، وهكذا تسرب الفيروس المعدي الى اهل القرية جميعا.
اما الملا حسن فمسح بوجهه بالمكنسة ليُشفى وكذلك القى على نفسه الغبار
تعافى الملا حسن بعد ان قارب الموت وهذه المرة الثانية يتعافى بأذن الله بعد تمرير المكنسة على وجهه.
بدأ المرض يفتك باهل القرية المنعزلة ولا من طبيب او عيادة تداويهم واشتدت الحالات سوءا وأصبح الناس كالمجانين يمسحون وجوههم بمكنسة الملا وينثرون على أنفسهم التراب وهكذا لم يشفى أحدا منهم سوى الملا حسن ناقل العدوى
واستمر الناس يتساقطون ويموتون بالمرض والجنون، والملا حسن سالما معافا يلقي عليهم الوعظ ويكنس وجوههم ويلقي عليهم الغبار.
بفضل الله تعالى وتقدم الطب تعافت جميع المدن والبلدان وانتهى الوباء العالمي وما زال الملا حسن يكنس الوجوه وانتشر وباءه في كافة البلدان ليكون مقصد القاصدين