البشر

6 1 0
                                    


فُتحت مُقلتاي تلقائيا لتنهمر عليها نظرات حب ..
كانت تمرر أناملها الطويلة الرقيقة الهشة من أعمال المنزل على وجنتي الحمراوين

فأحس برجفة في يديها تعكس تعب روحها من مجاراة أحداث الحياة ..

إلا أنها ما إن تتنهد و تطلق ذلك الزفير من شفتيها اللتان شحب احمرارهما و ما تكاد آخر ذرة هواء تخرج منهما حتى تستحيل روحها للسلام و الهدوء و تهدأ رجفة روحها البائسة
فتتمكن من ملامسة وجنتي بحق

فتدلي جفنيها و تتدلى أهدابهما لتحجب بعضا من اخضرار عينيها الباهت فتتجلى السكينة فيهما

فيطمئن قلبي على حالها و ترحل عن مقلتي نظرة التوتر و تختلج نفسي راحة أطلق بعدها العنان لرحيل مؤقت فتنغلق عيناي و أخلد إلى نوم مريح ..

لقد كنت مُغيبا ..
ماأعرف من العالم سِوى غرفتي و نافذتها المشرقة و قد كانت أحبّ الأشياء إلى قلبي ..

فبها أخرج من مكعبي الرمادي هذا الذي ما يعتليه سوى سرير خشبي هش و كرسي في ذلك الركن و خزانة تقابله كانت قد فقدت أحد أبوابها لكنه عُوّض بآخر يشبهه شكلا و يُخالفه لونا ..

كانت النافذة صديقتي التي تسمح لي بالتجول في موطني فتراني اتجول بين الشمس و الغيوم صباحا و أتفقد أحوال نجومي مساءً و يالفرحتي بتوهجها كل ليلة لأجلي ..

كانت تلك الابتسامة التي ترتسم على محياي لا تظهر إلا معها فتلك النجوم حبيبة قلبي قد رسمت لي أشياء كثيرة جعلتني أود التحليق إليها و تقبيلها شكرا لأنها معي في ليلتي السوداء و كانت تحضر لي صديقها الجميل ذلك القمر الذي كان دائما ما يستمع لقصتي عن يومي الروتيني في جوف الليل و التي ماملّ أبدا منها بل كان يبادلني الحديث بقصص أجمل ..

حتى عند مللي كانت النجوم تُقيم سباقا في السماء لإمتاعي فتنطلق الشهب متسارعة و كم كنت أتمنى أن أُسابقها فأسقط على الكون اللامنتهي في الأفق ..

كانت متعتي تتجلى في نافذتي و لم أتمكن قط من مجاراة السماء و مداعبتها .. فذلك الباب اللعين الذي يوصد الغرفة يحجبني عن أحبائي ..

لكنه مفيد احيانا في تخفيف الصراخ الذي ينشب في المساء ..


           °• °• °• °• °• °• °• °• °• °• °• °• °• °•

كنتُ أجمع بعضا من أزهار الليلك في سلتي التي كنت بصدد أن آخذها معي في آخر جولة للسوق علّ أحدا يشتريها ..

عندما سمعت صوت صراخ .. كان صراخ طفل صغير .. كان قريبا مني .. نظرت عن يميني ثم عن شمالي و ماهي لحظات حتى أدركت أذناي اتجاه البكاء فهرعت إليه و ما إن وصلت حتى جثوت على ركبتي ..

صدمت لما رايت و نظرت مجددا حولي فلم أجد إنسًا ..
نقلت عيناي صوب ما وجدت .. فالتقت بكائن ملائكي خلاب عجزت عن وصفه و ما كان لعيناي إلا أن يزداد اتساعهما هذا و أني لم أرزق بشيء كهذا و لم أتوقع أن يكون طفل بين يدي قط ..

فقابلني براحة نفس مُعلنا بذلك إيقاف بكاءه ، فتحجرت الدموع في سوداوتيه المتسعة التي نظرت إلي بتعجب و سكينة فأخذتني و جعلت روحي تهيم في فضاءها اللامنتهي ..

مددت يدي في رجفة نحوه أحمله و ماكان إلا صامتا عندما رآني .. لقد كان ينظر إلي و هوا يتثاءب دليلا على بداية نوم بعد تعب من البكاء ..

حملته و بدأت أدوح به ..
كان ملاكا بحق .. لقد أقسمت لحظتها على أن أعتني به و أرعاه حق رعايته  ..

فعِوض أزهار الليلك ، مَلَأت سلتي بهذا الملاك الذي أحاطته بعض منها و هو في سباته الجميل جاعلة منه وليدها الذي تحتضنه بأوراقها الصغيرة البيضاء التي ترمز للبراءة و الأرجوانية التي ترمز إلى العواطف و الفخر و الثقة ، فتتجسد هذه المعاني على هذا الكائن الذي تحضنه حبا و هياما به ..

____----_____----_____----_____----_____----_____--

لا تنسوا التعليق و الفوت 💜✨

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jun 03, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

Ꮖ Ꭰ Ꮍ Ꮮ Ꮮ Ꮖ Ꮯ /  آيديليگ ⁦☁️⁩✨حيث تعيش القصص. اكتشف الآن