غرفة المرايا

328 9 7
                                    

نظرات تائهة حائرة..
ترى أين الطريق؟
أخطو خطوة للأمام لأعود خطوتين إلى الخلف..
ما الذي يجري؟
أهذا حلم؟ أم خيال؟ أم واقع أليم؟

أصوات ضحكات عالية، صراخ مخيف، أجسام سوداء تتحرك أمامي؛ دون ملامح.. كل شيء باهت.. لا أرى غير السواد واللون الرمادي
هل عميت؟

تلفت حولي.. أرغب بالهرب! أخرجوني من هنا! أنقذوني..

يد سوداء امتدت لتلتف حول رقبتي، لتخنقني..
عدت إلى الوراء.. إلى أن التصق ظهري العاري بالجدار البارد خلفي. كانت اليد ما زالت تطوقني.
أظافر تنغرز في رقبتي، أظافر طويلة حادة صلبة، أشعر بدم دافىء يسيل على رقبتي، هل سأموت؟!نظرت إلى الجسد الأسود أمامي مجددا، هذه المرة علت ابتسامة وجهه الأسود! لأول مرة أرى ابتسامة على وجه الكائنات السوداء!

تعالت الضحكات الباردة في أذني مجددا، ابتسامة الماثل أمامي تتسع، أسنانه الحادة تلمع في الظلام المخيم على المكان. سيأكلني. عقلي أصبح صفحة بيضاء، لا مجال للتفكير، لا مجال للتخمين، ما الطي سيجري؟ لا أدري. من أنا؟ لا أدري. من هذا؟ لا أدري. أين أنا؟ لا أدري.

وقفت مكاني أنظر للشبح الأسود بنظرات لا تحمل أي معنى، نظرات باردة، خالية من المشاعر، لا تحمل خوفا، ولا تحمل فرحا ولا حزنا، نظرات شخص ميت. حملقت فيه ما يقارب يوما بأكمله، لا أعرف كم مر من الوقت، قبل أن يختفي فجأة في العدم، كما جاء. وقبل أن أسقط على الأرض الباردة، لأرى شبحا آخر تحتي.
قفزت في مكاني وعدت إلى الوراء مجددا، وأرحت ظهري على الجدار الشديد البرودة، وأغمضت عيناي كي لا أرى مزيدا من هذه الأجساد الطائرة، علي بذلك أخفف عن نفسي بعضا مما يحدث لها.

يكاد عقلي أن يجن، أبحث عن مخرج من هذا المكان. مكان بارد مثلج مغلق، الأجسام السوداء تحوم فيه كأنما هذا المكان يخصها هي لا أنا. الظلام دامس طوال الوقت، لا أذكر آخر مرة سطعت الشمس في هذا العالم. البشرية تنهار، والوحوش تسيطر.

بدأت ألهث، الجري في مكان بارد صعب جدا، الهواء يجمد أنفي، يجعله محمرا، ويجعل القشعريرة تسري في جسدي. التفت خلفي، إنه يلحق بي.

أنجدوني!

لا أدرك كم يوما بل كم سنة مرت وأنا أستنجد بالناس، أطلب عطفهم، أتوسل إليهم، أتسول منهم.. لكن ما من مجيب وما من منقذ..

تعالت الضحكات مجددا، وضعت يدي على أذني علي أكتم بها هذا الصوت المزعج..

بدأت الأجساد السوداء تطير بسرعة في كل مكان، ألاحقهم بعيني اللتان ما عادتا تبصران كما السابق. تؤلماني كثيرا، أحيانا تسيل الدماء منهما...

الأشباح هي السبب..

لا أدرك إن كانت هذه الكائنات أشباحا حقا، هي أجساد سوداء، لا ملامح لها لا أدرك ماهيتها..

غرفة المراياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن