35

41 7 0
                                    

على منهاج النُّبُوَّة ٣٥
ٱنظُروا لمن هو أسفلَ منكم!

إحدى مشاكلنا نحن البشر أن عيوننا فارغة، نُحصي ما نفقِدُ من النعم أكثر مما نشكرُ على ما أُعطينا، وننظرُ إلى ما في أيدي الآخرين أكثر مما ننظُر إلى ما في أيدينا! ولا ندري أنَّ النَّظر إلى ما في أيدي الآخرين يُفقدنا لذَّة الاستمتاع بما في أيدينا!

ولأن العُيون الفارغة مرضٌ عُضال، أرادَنا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن لا نكون مرضى، فأعطانا العلاج يوم قال: "ٱنظروا لمن هو أسفلَ منكم، ولا تنظُروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم"!

قبل أن تنظُرَ إلى صاحب السيارة الفارهة، ٱنظُرْ إلى الشخص الذي بُتِرتْ أقدامه!
قبل أن تنظر إلى صاحب "الڤيلا" الفاخرة، ٱنظُرْ إلى المشرَّدين في الخِيام ينخرُ البرد عِظامهم!
قبل أن تنظر إلى ثروة الغني، ٱنظُرْ إلى كف الفقير الذي يتسوَّل ويستعطي الناس!
ثمَّ إنك لا ترى إلا جزءاً من الصورة، أنتَ ترى ما أُعطيَ الناس، ولكنك لا تدري شيئاً عما حُرموا منه!
ما أدراك أنَّ هذا الذي لديه الكثير من المال يفتقد الكثير من الأشياء التي لا تشتريها الأموال، ما أدراك أنه قد فقدَ أُمه، أو ضاع منه حُبَّ حياته، أم أنه مُبتلى بمرضٍ لا علاج له فيقف هو وثروته عاجِزَين، يتمنَّى لو أنه لا يملكُ هذا المال، مُقابل صحة تشعرُ بها وتتفيَّأ ظلالها وتراها قليلة!

ما أدراكِ أن هذه التي تخرجُ مع زوجها إلى مطاعم كثيرة، وتَرِين صورتها في المطارات والرحلات قد حُرِمتْ لذَّة الإنجاب، وأنها تتمنَّى لو كانتْ مكانكِ مسمَّرة في بيتها، المهم أن تسمع طفلاً صغيراً يقول لها "ماما"!

ما أدراكَ أنَّ هذا الذي يملكُ وظيفة مرموقة قد فقدَ أمه وهو صغير وأنه يتمنى لو كان مكانك وكنتَ مكانه فقط لتضُمَّهُ وتأخذه إلى صدرها!

ما أدراكِ أن وزن فلانة ليس كثرة أكل وإنما من علاج الكورتزون، وأن نحافة فلانة ليستْ رشاقة وإنما لأن مرضاً يأكلها من الداخل!
الأشياء ليست دائماً كما تبدو!
توقفوا عن النظر إلى ما في أيدي الآخرين، ٱنظُروا إلى ما في أيديكم، فإن النظر إلى نِعم الآخرين يدل على عين فارغة، ونفسية مريضة، وهو قبل كل هذا سوء أدب مع الله!

أدهم شرقاوي

علي منهاج النبوةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن