..

0 1 0
                                    


Slipover design by : Andrea Emad.
Thankfulness to : Roméo, Ode of nights.


                           ¹ ..

  أجواء المدينة هادئة مُضاءة بأنوار جميلة تبعثُ في النفس الإطمئنان. شوارع و على أرصفتها ثلوجٌ تضمها و على  أعمدتها زينة الميلاد. أطفال ملفوفون بالصوف فرحيّن بالهدايا المُنتظرة و بالطبع فأن سانتا كلوز يُهيأ عربته و يربت على ظهر رناته إستعداداً للرحلة. هذا هو يوم الميلاد بمدينة ناپولي، بردٌ قارس و فرحٌ غامر و طرقات سعيدة و أزقة مليئة بأصوات الضحك و روائح الكعك و أشجارٌ مُضاءة بكُل مكان حتى للفقراء دون سكن لديهم شجرة صغيرة زينوها بأقمشةٍ لهم قديمة ذات كساءٍ زاهٍ .
مقهى على قارعة الطريق السابع عند الجادة الثانية يحمل إسم
                                        Iîvar cafea
كانت طاولاته مليئة بالمراهقين الإحباء و بعض الأسر الصغيرة التي تدثرت بمعاطفها إستعداداً للرحيل و للحاق  بالميلاد بمنازلهم. كان الجميع في حالة الإبتسام و التدفئة بالكفيّن حتى طاقم العمل بالمطعم سعداء لأنهم سيغادرون باكراً قبل إنتصاف الليل. أنجز الجميع بالمطعم عمله بكُل ود عدا قرصون واحد بقسم الطعام كان كئيباً كالعادة حتى أنه لم يتمنى ميلادً مجيداً لطفلٍ عايده عندما قام بإنزال بعض الشطائر و المشروبات الساخنة بطاولة كان يتوسطها هو و والداه . لم يتغير شيء في حياة الشاب سيرجيو في ذاك اليوم كان مجرد يوم كما سابقه و تاليه من الأيام. بل رُبما كان اليوم الأكثر سوءاً بحياته حيثُ تُثير أجواء الفرح حوله مشاعر حُزن دفينة بصدره يُخبئها منذُ عام لكي تظهر له بتتالٍ كما شريط سينمائي أمامه. كان يُطالع الكُل بحُزن حاقداً على ما يملكونه من عائلة و أم و أب أما هو ماذا، أبن حرام ربته الملاجئ فأنجبت منه رجلاً يحتمل الصعاب و الحياة  . ما كان له كنية أو إسم عائلة، من أولئك الذين أسمائهم على سجلٍ مدني لا يحمل أسماً رباعياً بل أسمً واحداً و أحياناً معه لقب . أنهى عمله سريعاً و أرتدى معطفه الجلدي و أعاد شعره لمكانه حيثُ هربت خصلاته تجاه العينين ، و أنصرف مُحدقاً بالسماء يحاول جاهداً تجاهل كل زينة الفرح من حوله و تجول كالمتسول واعداً نفسه و الرب بأن لا يحضر الإحتفال بالكريسماس بمسكنه حيثُ الشباب هُناك صنعوا إحتفالاً بسيطاً من لا شيء .
بينما يسير مطرقاً بالأرض و يحتسي ذكرى الماضي، آتته قدمه إلى حيث الكاتدرائية الدينية الكبرى التي تضم كنيسة الأب لويس. رفع رأسه ليرى تلك النجمة التي تعلو الصليب و تتوهج و أمتعض جراء رعشة بردٍ أو حزن سرت بأوصاله. تقدم في السير فلم يرى قارعة الطريق فتعثر بها لكنه توازن بالوقت تماماً و لم يسقط أرضاً، تناهت إلى مسامعه ضحكةٌ جميلةٌ عالية أشعرته بقليلِ أمان من ثم  ألتفت ليرى صاحبها فإذ بها فتاةٌ تجلس على الرصيف قبالة مدخل الكنيسة مسدلٌ شعرها ذي اللون الأسود الطويل و تحتفي بكنزة صوفية باهتة اللون زُخرفت بكاندلات ملونة بالأسود و الأبيض. عندما علمت بأنه تنبه لها أدارت وجهها للناحية الأخرى و وضعت كفيها المحمرين برداً و غطت فمها و تابعت ضحكها المكتوم. خطى بأتجاهها مُتسائلاً أهذا الكم الكبير من الضحك لمجرد عثرة فهو لم يضحك بحياته كلها مَثَله .
عندما وقف قبالتها مباشرةً توقفت عن الضحك و رفعت رأسها و عينيها ببطءِ كخائف من شيء أرتكبه و هاهو يحاسب عليه. بادر بالكلام بعد أن حدق طويلاً بعينيها اللوزيتيّن : هل يمكن أن أعلم ماذا تفعل فتاة مثلك بعشية الميلاد على
الرصيف غير الشعور بالبرد و الضحك على المارّة ؟ أبتسمت جراء تذكرها الموقف من ثم قالت بصوتٍ رهيف كالملاك : تنتظر و تنتظر لتدخل إلى الكنيسة و تدعو قليلاً.. أدار بوجهه صوب المدخل و إذ به مشرعٌ على مصراعيه ينتظر العباد للمجيء. قال لها مخاطباً نفسه : يبدو أنني أخطأت و تسرعت بعتاب مجنونٍ مثلك و بادر بالرحيل . تناهى إليه صوتها و هي تجاوبه في حين إستدار و رأى أبتسامة جميلة تغزو محياها : لستُ كذلك لكنني أنتظرها كي تخلو من الداعييّن كي أدعو عيسى و أناجيه هو و الأم وحدي . نظر لها و تنهد و قال : يبدو أنني كنتُ محقاً بوصفي لكِ بالجنون آنسة. أبتسمت له و أعادت نظرها صوب الكنيسة بينما كان يحتفظ هو بكل تفاصيل إبتسامتها بقلبه. نظر لها نظرة شفقة و قلبه يحادثه : يبدو أنها قد مسَّها الحزن مثلنا يا صديقي. فتابع سيره و كان على مقربة و شيءٌ ما تحرك في روحه يدفعه للجوء إليها كي تدعو له معها و تُشارك الصلوات قلبه الحزين لأنه كان يعلم بأنَّ الذين مثلها صادقين بدعواتهم و قريبون جَدُ كثير من الإله.

       										- Title Track .. 💜 ✨Where stories live. Discover now