..

1 0 0
                                    

⁴••

الحياة جميلة الملامح دائماً و قليلة اللومِ و الجدل و كثيرة الفرح عندما يلتقي عاشقين يجمعهما رباطُ حُبٍ وثيق لا يُقطع إلّا بدُعاء مؤمنٍ قضى عُمره يعمل طِيبا كي يأتي تحت سماء ليلةٍ زرقاء هانئة يدعو الإله بأن يُباعد بين قلوبهما.
في كُل فجرٍ بعد قضاء ليلةٍ عنيفة نزلت فيها الكثير من دموع ياميلي و تآوهات سيرج يأتي الصباح مُبكراً و على حين غفلة تطرق أشعه الشمس زجاج نافذتهما المُهترئة فتتفتح عيناها شيئاً فشيئاً و ببطئ تتسلّل يدها لوجه الملاك النائم قُربها فتُداعب ذقنه المُبعثر فيتضايقُ قليلاً فتضحك هي فتُقبله على ثغره فيستيقظ سريعاً مُحتضنها قائلاً : هل تعلمين كم كنتُ أحلم بهذا الدفء منذ دهر ؟ و هذا الأمان الذي ينبعثُ من صدرك يهّب عليَّ كما هبّت رياحٌ في بلاد المسلمين و كسّتهم طيبا .
أحتضنته أكثر و داعبت شعره و بعد عناقٍ و تثائبات كثيرة قالت عليَّ أن أزور أبي كم أشتقته ! نظر إليها و لاعبَ شعرها و قال أسيرضى بي و يُبارك هذا الرباط الذي حصل بيننا ؟ تنهدت : لا أعرف. و سرحت في البعيد عند عينيه.
كانت ترتدي معطفها بعد أن أحتسيا القهوة معاً ذهبت لتبديل ملابسها. و هي ترتدي معطفها قالت : ي عيني أأنتهيت.. ؟ أذهبي إليه و أنا سأنتظرك هُنا من الأفضل أن لا أذهب. أطلت بوجهها من باب الغرفه إلى المطبخ يتلاعب بملعقة كوب القهوة أمامه حيث يجلس مرتدياً سرواله عاري الصدر و تلاقيا بالنظرات و فهمت كُل الذي كظمه.
.

.
هُناك دائماً لحظات لا نستطيع التواجد فيها و نودُ لو أننا نختفي تماماً من الوجود ، لحظاتٌ مثل الموت في الغُربة أو كمثل لقاء روحين تبعادا في الأرض و جمعتهم سماء.
كثيراً ما يُتعبنا التفكير في الآتي و يُرهق قلوبنا لكن عندما نُذكر القلب بأنَّ له سندٌ في الحياة يطمئنُ الفؤاد و يبدأ بالصلاة.
..
دق الباب بصورة مفاجئة أخافت سيرج للحظة أرتدى قميصه سريعاً و أخذ نظرة سريعة لملامح وجهه الباكي على المرآة القريبة أعتصر عينيه و مسح ما تبقى من دمع و سارع لفتح الباب.
كانت تقف باكية لا تستطيع الكلام حتى أن شعرها يلتصق بوجهها من كثرة الدمع. عندما رآها على تلك الحالة تراجع خطوتين للخلف و بدأ ينظر لها بكُل عطف و عدم فهم. فركضت تجاه حضنه و بدأت بالبكاء عالياً أحتضنها و هو يقول و يمسد على شعرها : هششش هششش لا شيء سيحصل لنا إطمئني لن نفترق نحنُ. و بكى جراءَ بُكائها.
- من المُبجل في الحُب أن تكون دائماً تملك قلب يبكي لبُكاء قلبٍ آخر موجود في أحدى أزقة البلدة المجاورة ، كُل هذه الاشياء البسيطة تسمو بالحُب لأبعد الحدود .. 💜٠

..

عائد من إحتفالٍ شبابي كان بالحانة القصيّة عند نهاية الشارع. يحمل قيثارته على كتفه و بلهفة طفل فقير بعد يومٍ مُضني يريد العودة لها ليرتاح على صدرها. عندما وصل للبناية متفادياً برك الماء التي خلفتها الأمطار تواقف قليلاً و هو ينطر للنافذة فهو على أكمل اليقين بأنها تنتظره.
صوتٌ من الخلف أتى مسامعه : عفواً .. السيد سيرجيو ؟
وافقهم القول و قال ماذا تريدون ففد إرتابه الشك في هيأة الرجل و البقية مِن من معه ..
رفع أحد الرجال يديه و لكم سيرج على وجهه فتعرقل سيرج إثرها و مال نحو الحائط مُسقطة قيثارته.
لم يتكلم و لم يُبدِ أي رد فعل بل مسح خيط الدم من على فمه و أنحنى يريد ملتقطاً قيثارته . رفعها من الأرض و قام بنفض حقيبتها قليلاً و تحدث لنفسه متجنباً شجاراً ليس له يدٌ فيه : آهٌ يا غيتاري العزيز أأنت بخير يا عزيزَ قلبي ؟
ثار هوج الرجال و أمسكه أحدهم من قميصه و أداره نحوه و أخد القيثارة من يده و ألقى بها بعيداً و بدأ بلكمه كثيراً و ساعده البقية في ذلك و بقى يتحمل الضرب بدون إبداء شيء فقط كان يتآوه أسفلهم و يتذكر بأن هناك شخصاً يُحبه في إنتظاره.
سمع صوتها تصرخ من البعيد و هي تخرج من درج البناية سريعاً : لا .. أتركوه أرجوكم، لا تؤذوه.
و عندما وصلت و بدأت بإبعادهم عنه دفعها أحدهم بغير قصد فتهاوت على الحائط القريب فسالت أنفها دماً.
و هنا ثار سيرج كثيراً و بكُل طاقته نهض و بدأ بالشجار معهم لكنهم كانوا يفوقونه عدداً فأيضاً هُزم أمامهم أمام تجمع أهل الحي.
لم يتوقف الشجار إلا على صوت رجاء ياميلي و هي مُندسة ببعضها على الرصيف جالسة و هي تبكي لا تفعلوا هذا .. نحنُ لم نفعل لكم شيء. كان سيرج يطالعها من بين أقدامهم و هو يفترش الأرض بنظرات شفقة و نظرات تقول لا يا صغيرتي لا تبكي تعالي فأنا سأحميكِ من كُل شيء.
ترجل أحدهم من السيارة مرتدياً بذلة سوداء آمراً الرجال بأن يتوقفوا و ما أن توقفوا حتى نهض سيرج سريعاً و ركض صوب ياميلي المتفاجئة بوالدها بدأ سيرج بإحتضانها و تمسكت به عندما أقترب والدها منها كانت تتقرفص أسفله محتضنة سيرج توقف والدها و أعاد تزرير بذلته و طالع الحي بشيءٍ من الإشمئزاز و قال : أهذا هو من تريدين أن يجعلك تترجين العالم و تبكين مثل المتش .. و قبل أن يُكمل جملته نظر حوله للمحتشدين وجد بأنهم جميعهم متشردين.
تجاهلت كلامه و عادت بعينيها صوب سيرج و لمست وجهه الدامي و بتأتأة خوف منها أجابها و هو يمسك بخصلات شعرها و كأنه ينقذ نفسه بها و هز رأسه نافياً.
تحادثا بالعيون أن يركضا بعيداً ففهمته و نظر فوجد القيثارة بعيدة همس لها عندما أقول لكِ هيا ..

هيا ..

ركضوا و ركضوا كثيراً ، إختبئوا قليلاً خلف جدار و إحتضنا بعضهما ثم أكملا الركض وصولاً لمحطة القطارت الخاصة بالشحن. كان هناك قطار يتجه نحو سانت لويس فان و صعدا على متنه.
جلسا في مقطورة ملئ بالحبوب فتربعت خائفة منهكة جلس بجانبها بعد تأكده من أنهما في أمان و أتكئ بجذعه عليها و أختبئ و أحتمى بها و توسد صدرها و بدأ بالبكاء.

وصلا صباح اليوم التالي و كانت الشمس في تأهب للشروق نزلا خفية من القطار و ركضا قليلاً و تواقفا لشرب القليل من الماء من مَشربٍ عام شرب هو كأسين و ملأه لها لكنها عندما أبتل فمها بصقت به بعيداً لأنها لم تكن مياه صالحة للشرب إذ هي ليست معقمة.
سارا قليلاً و وجدا بائع وجبات خفيفة بعربته و يبيع أيضاً الماء ذهبا بإتجاهه و قام سيرج بأخذ أحدى زجاجات الماء المعلقة قرب العربة و مد بها للبائع و نظر إليه نظرة لا يوجد لدي مال فأخذ البائع منه الزجاجة و أعطاه أخرى رخيصة الثمن من ثم قال لهما أرحلا من هنا.
كانت ترتدي عقد فضةٍ رقيق تريد بيعه فقط ليحصلا على ثياب تقيهم البرد و على تذكرتان لمحافظة قريبة يقطن بها قرابة سيرجيو . إنتظرها خارجاً و هي تتفاوض مع عامل الذهب في السعر و كان يخجل من نفسه بأنه لو كان يعمل أو كان لديه مصدر رزق ما كانت ستكون حبيبته في هذا الموقف. ذهبا بعدها لمتجر قريب أبتاعا فقط جاكيتين يهونا عليهما برد الطريق و لو قليلاً و لحقا بمحطة قطار الأنفاق و صعدا واحداً و جلسا قرب بعضهما هي تحتمي بحضنه و تطالع النافذة و هو يغني لها بصوتٍ خفيض في أذنها :
à bhe janneo ki humaine
khabiè khusish khabiè ghuim
oh. Oh oh oh
mai faëtyi lie duim

عندما وصلا لبيت قريب سيرج أحتضنه خاله بشدة و قال له ماذا فعلت يا بني ؟ أوقعت في مصيدة الحُب ؟ هز سيرجيو رأسه موافقاً و هو يبكي عند حضن خاله و يامي تُراقب بعينين دامعتين.
كانت إمرأة خاله حُبلى و حالهم ليس بالميسور لكنه مستور.
عندما نامت المرأتين داخل الغرفه بينما نادى الخال خوان للخارج ليتبادلا أطراف الحديث تأكد من تغطية ياميلي النائمة أرضاً و قبلها قرب ثغرها و نهض خارجاً.

بعد الحديث عن مجرى الحياة و أوضاع المدينة و أحوال الأقربون ..

سيرج بني أنت تعلم حالي و ترى كيف هي حال زوجتي و أنا لم أصدق بعد هذا العمر أن أحظى بأبن لي من صلبي. ما الفعل إذا ما أتى أهلها للبحث عنها هنا ؟ أنت يتيم يا سيرج و الكل يعلم بأن لا نسل لك غيري و ..
قاطعه سيرجيو و قال و هو يمسك بيد خاله و يسرح داخل الغرفه صوب ياميلي : أحبها كثيراً يا خالي ، أحبها و لن أفارقها تحت أعسر الظروف. فقد أسمح لنا بيومين نجد فيه مآوى لنا و صدقني ستكون بخير.

       										- Title Track .. 💜 ✨Where stories live. Discover now