فإذا بنا وسط المدينة بعد أن واصلنا المسير ،
كانت تضج شوارعها وممراتها بالسكان ، صخب هنا وصخب هناك
كحال قاطني ومرتادي تلك الشوارع والأزقه
في حراك وكأنها لا تنام وكأنها لا تهدأ ابداً
لم تكن مدينه فحسب
بل عاصمه حالمه ..
هل هي ك "روما " بل كل الطرق كانت تؤدي إليها
فقد مهدت كل طرق البلدان المجاوره وعُبدت
ك "الشرايين اينما سرت وفي أي إتجاه حتما ستصل إلى القلب ، لا بل هي أكثر
ام هي كدمشق العتيقه العريقه المثقله الثقيله بالتاريخ الصامده على مر العصور
نعم تشبهها كثيراً في صلابتها وجسورها بدون ريب ،
أم هي كقرطبه التي بلغت عبق حضارتها ذروة الإزدهار ،
ليست كبقيه مدن الأرض نعم تشبههم وتختلف أيضاً عنهم ، وكأن الحضاره خُلقت ونشأت هنا
فتجددت وتطورت وازدهرت وأستحدثت ثم صُدرت إلى كل أقطار البقاع
.................
وحين مررنا بالسوق الكبير الذي يتوسط المدينه
كان الناس في حراك هنا وهناك ،
بائعي الشهد كالشهد وكدبيب النحل في تفانيه ، بائعي الحلي كنافسة مايعرضوه من زمرد ويواقيت ،وأما البزازون والقماشون كانوا يتنافسون بعرض الحرير من السندس والإستبرق ويتباهون بأزهى الألوان كأن لا شيء يزهو سواهم،
أما المثقفين وأدباء وأصحاب الكلمه فقد إلتف حولهم من يطرب لهمساتهم ويصغون لهم سمعا لا عجب في ذلك وكأنهم أصحاب المعلقات السبعه ..
لم أخفي أبداً دهشتي وأنا أجوب أنحاء المدينه والأسواق..
كل ماال إليه نظري إلتفت وأستجبت له ، لم أذكر كم من الوقت مر ، وبما كانت تتحدث به معي ، لم أرجع إلى وعيي إلا حين حط رحالنا أمام منزلها، وقالت آنذاك ...
وصلنا وأخذت ترحب بي وتدعوني إلى الدخول !
وحين دخلت أستقبلني أفراد أسرتها الصغير منهم قبل الكبير ..
لم يكن منزل فحسب بل كان قصراً بديعاً على هضبه وكأنه قصر الحمراء ؟!
كانت الحدائق تملأ جنباته وتظله بالزهر مما زاد جماله وسحر بنيانه الرسوم والزخارف ودقة النحت والنقوش القرآنيه التي نقشت ببراعه بخط الثلث*
كانت تتوسط باحة القصر بركه بها نوافير وعلى جانبيها ممرات مائيه ....
وبعد أن ادخلوني و أمطروني بوابل الترحيب
كانوا في دهشه من أمرهم كانوا ينظرون لي بإستغراب وإستنكار شديدين ، ازلقوا بصائرهم إلي ،وبعد أن اجلسوني في بيت الضيافه ..
بدأت التساؤلات تجول في ذهني.. وتعصف به ،ماالذي اصابهم بالدهشه إلى هذا الحد ..
هل لأني غريب ؟!.
أم أن إبنتهم قامت بإصطحابي إلى منزلهم ؟!.
أم ، أم ، أم .....
وحين رجعت بذاكرتي إلى الوراء .