كل شي يمر بسرعة ساعاتنا...ايامنا...اعمارنا...ككرة متدحرجة من على جبل...نعيش اياما هادئة لا صوت فيها سوا صوت الهواء وهو يداعب النافذة...وايام تعيسة نصبح فيها كجثة متنقلة...نحاول العودة كسابق عهدنا ونعود ولكن ليس كما كنا تماما...فالجروح تشفى ولا يختفي أثرها...
حين تولد فتاة ضمن عائلة متعصبة التفاهم معدوم عندهم إما أبيض او أسود لا وسط بينهما...فهذا كاف لتعيش الجحيم في دنياها وتنتضر ساعة موتها بفارغ الصبر... جنات التي ولدت ضمن هذه العائلة وعانت ما عانت من أبيها وجدها واخوتها من الأهانة وفرض التستر المبالغ فيه إلا إنها كانت تتأمل أن يرحمها الله وينقذها مما هي فيه ولم تستسلم يوما ولم يسقط عن لسانها قول ولا تقنطوا من رحمة الله رضخت لكل ما يطلون من خدمة مقابل عدم تركها للدراسة وهنا العجب وافق الجد بأن تكمل دراستها...
تخرجت جنات من المدرسة الأعدادية بمعدل يسمح بقبولها في كلية التربية وهي تستعد للدخول الى هذا العالم الواسع الذي يضم كلا الجنسين السبب الذي جعل أخوها يعترض على دخولها الجامعة وبعد محاولة عدة تمكنوا من اقناعه
فتاة محتشمة تتستر بالعبائة وتحني راسها خجلا عيناها السوداوتين الصغيرتين توحي بملامح طفولية هكذا دخلة الى كليتها في اول يوم لها تعرفت الى فتاة تشبه شخصيتها قليلا يدخلان الى المحاظرات معا يجلسان بهدوء وينهضان بهدوء
الاحد في اول محاظرة غادر الاستاذ مبكرا فاقترحة صديقة جنات ان يتمشيا قليلا في فناء الكلية وتعبت جنات من حمل كتبها فوضعنها على احد الكراسي في الفناء واكملا السير معا لتعود جنات بعد ساعة لتاخذ كتبها فاذا بشاب جالس على ذلك الكرسي وقد وضع كتبها في حضنه فخجل من ان تتكلم معه لتستعيد كتبها ولكن لا خيار اخر تقدمة نحوه بخجل وقالت: المعذرة ايمكن ان استعيد كتبي؟ فنهض الشاب بسرعة واعطاها الكتب .
في اليوم التالي وجنات في قاعة المحاظرة يدخل شاب متاخر ويتلقى التوبيخ من الاستاذ بسبب تاخره
رفعة جنات رأسها فكان نفس الشاب الذي أعطاها الكتب...
علي شاب مدلل من عائلة غنية مترفة لم يعرف المعانات في حياته ولم تواجه طلباته رفض من احد ينام متاخر بعد ان تكلم مع عشرات الفتيات ويستيقض متاخر بعد ان فوت المحاضرة الاولى.
طلب استاذ اللغة بحثا مشتركا واجرا قرعة باسماء الشركاء وهنا كانت المفاجئة والصدمة لجنات فاسمها مشترك مع علي ويتوجب عليهما الجلوس في المكتبة معا والبحث معا لكتابة ما كلفا به وشعرت بالتوتر لذلك واخذت بالتفكير مليا به كيف ستجلس مع شاب وتتحدث معه في حين ان لامر لم يكن بذلك التعقيد ...
وقف علي بجرئة بين الفتياة يبحث عن شريكته ويسال من جنات فنهظة تقول انا واحس علي بينه وبين نفسه قد رئاها من قبل...طلبت جنات من صديقتها ان ترافقها الى المكتبة لكنها رفضة لنشغالها ببحثها فتوجهة جنات وعلي الى المكتبة واخذا طاولة وجلسا ينظر كل واحد منهما الى الاخر جنات خجلة متوترة وعلي مندهشة منها أما زال هذا النوع من الفتيات موجودا...!
بدأ على الكلام محاولا اقتراح موضوع للبحث فقال : ما رايك لو نبحث في كلمة الهوى ونحللها من كل النواحي الادبية والنحوية والقرانية ؟ فقالت موافقه إنها كلمة تتردد كثيرا في الكتب. واخذ علي يحضر الكتب التي من شانها ان تنفعهما في ذلك وجنات تكتب ما ورد في الكتاب بخصوص موضوعهما...في اليوم الثاني يجب ايضا الذهاب للمكتبة لاكمال ما تبقى وجنات بدأت تشعر بالراحة اكثر في التكلم مع علي وعلي كذلك منذ الصباح كان حاضرا في القاعة وكانه يود قدوم وقت المكتبة باسرع ما يمكن وفعلا توجها الى الكتبة ولكن شيء مختلفا وشعورا مختلفا داخل كليهما اكملا البحث وتم تسليمه وحصل على البحث الاول باعلى درجة لكليهما
الايام تمر ولا شي في الوسط سوى نضرات متبادلة جنات تخشى ما يحدث وتسال نفسها أبدأت تحبه وهي خائفة من قول هذه الكلمة حتى لنفسها لما سيحصل بعدها من ألم تاخذها سهوت احيانا فيلحظ احد من عائلتها ذلك وينبهها ويهددها من الميل شمالا ويمينا في افكارها لكن ما باليد حيلة فالحب حين يعرف للقلب طريقا لا حاجز يمنعه ولا علاج ينفعه ..
علي الذي لا ينام إلا وهو يتكلم مع فتاة بدا يتغير بدأ يمل من البنات تمر ايام لم يحمل هاتفه بيده يشعر بحيرة وغرابة كما تشعر جنات ويسال نفسه اهذا انا انا الذي لا امل من كثرة الصديقات ولا اثبت مع حبيبة واحدة ماذا يحدث لي لماذا افكر بها دائما لماذا هي امامي في كل مكان ؟ ولكن لا جواب لذلك سوا انه بدا يحبها فعلا ...
بعد عدة اشهر والمرحلة الاولى واشكت على الانتهاء علي جالس وامامه مكان تصلي فيه الطالبات وفتحة أحدى الطالبات الباب فاذا يرا جنات وهي تصلي ووجها المستدير الابيض تحيطه العبائة وحاجباها المرفوعا خلقا وشفتاها تتحرك تردد الفاظ الصلاة اخذ قلبه ينبض بشدة وكانه قد ركض الالف ميل وشعور جميل يجتاحه يود لو ان هذه اللحظة تثبت لسنوات وايقن ان لا مفر فالحب قد عرف قلبه ولا يمكن نكران ذلك...
اصدقاء علي يتنمرون عليه لما يحصل له من تغيير مفاجىء دون ويقولن له بانك تحب دون معرفة الفتاة المقصودة وعلي يجيبهم :
حقا احبك اني لست انكره
وكيف انكر بي ما الله مبديه
فيجيب اصدقائه بالصياح والتصفيق ما به امرء القيس ترا من ليلاك ؟
فسكت علي خوفا منها وعليها ...!
واستمر الحال هكذا وانتهت المرحلة الاولى دون مبادرة بالاعتراف من احدهما ...
خلال العطلة كان الشوق يداعب قلبيهما وهما يبحثان عن ذكرى او صورة دون قصد لتزيل بعض الشوق لكن لا يوجد سوى ذكريات المكتبة ، جنات تعاني من كثرة الخاطبين لها وهي ترفض باستمرار وبدأ الرفض يثير غضب والدها وجدها وهي تتحجج بدراستها لتتخلص من الامر فوالدها نبهها مرارا بان تسير بطريق واحد ولا تميل هنا وهناك فماذا تفعل الحب لا يعرف هذا ولا ذاك كيف ستواجه قلبها
تكتب مذكراتها كل يوم وتتفنن بكتابة الخواطر :
"من اي نافذة دخلت عواطفي
ونشرت هذا الطهر في بستاني
قد كنت اكفر بالهوى وباهله
انت الذي أرجعت لي إيماني"
وعلي ايضا يواجه هذا الشوق بكتابة الخواطر:
"بالله قاسية الفؤاد اما كفى
وإلى متى هذا الصدود أجيبي
اما إن قلبك أن يرق لحالتي
تعب الفؤاد وما سواك طبيبي"
في ليلة كانت جنات تحول النوم وهي تتصفح الانترنيت فجاء امامها فيديو لكيفية التخاطر وارسال رسائل شعورية للشخص المقابل فأحبت ان تجرب ذلك وترسل رسالة شعورية ملىها الحب والشوق لعلي فبدئت مهي تستمع الى الفيديو وبكامل تركيزها وهي تحول ايصال هذا الشعور لعلي وعلامة وصولة انك ستنام مباشرة بعدها وفي نفس اللحظة اخذتها الغفوة بوصول شعورها لعلي واحس علي بان شيء ما قد اخترق قلبه شيء يحدث معه لاول مرة وهو يردد اسمها قبل ان ينام وكانه تسبيحه الوحيد ...
مرت العطلة وعاد الدوام الجامعي وكل من علي وجنات يقسم بانه سيعترف للاخر وفي اول يوم واجه علي جنات في باب المكتبة والابتسامة تعلوا شفاههما فلا مجال للمكابرة الان فسالها علي: ما الحب عندكم؟ فاجابت: ان تطرق الباب.
وفعلا قرر علي خطبتها فورا دون تردد وتفكير اخذ عنوانها واخبرها بانه سياتي بعد يومين لخطبتها لكن جنات أخبرته بان ذلك غير ممكن فاهلها لن يوافقوا على هذا الزواج واخبرته بكل ما تعانيه منهم لكنه اصر على خطبتها رغم معرفته بارفض وانه سيواجه كل كلمة منهم برحابة صدر ولن يتخلا عنها ابدا
بعد يومين توجه على منزلها مع اهله لطلبها واستقبلوه في بادء الامر واعجبوا به وكانوا على وشك الموافقه لكن بعد سؤالهم عنه علموا انه من الذين مع جنات في الكلية في مرحلة واحدة وفي قاعة واحدة هنا غضب الجد كثيرا واخذ حزاما بيده وتوجه لغرفة جنات واقتحمها واخذ يضرب جنات ضربا مبرحا وكانها قد ارتكبة خطيئة كبرا لم يترك مكانا في جسدها الى ووصله الضرب وحبسها في غرفتها ومنع عنها الطعام وهو يردد بان هذه الفتاة قد احنت وجوهنا الى الارض .
اتصل الجد بحفيده وطلب منه القدوم لخطبة جنات واجبرها على الزواج من ابن عمها الذي كان منحرفا شراب للخمر ... وصل الخبر لصديقتها وعرف علي بذلك..
علي كان بحالة يرثا لها لا يعرف النوم ابدا وكانه جسد بلا روح جثة مستلقية في السرير حاول اهله معالجته بكل وسيلة ولم ينفع فالم الفراق قد احرق قلبه طيف جنات لا يفارقه ضحتها التفاتتها كل شي فيها ما زال يحفر عقله ...
بعد زواج جنات باسابيع وصلة رسال مكتوبة منها الى علي عن طريق صديقتها تقول فيها :
" علي يا اول حبيب اخترق قلبي يا اول رجل جعلني اكسر كل معتقداتي اول نبظت شعر بها قلبي انت احبك بقدر الحب في قلوب البشر احبك لدرجة اذابة شغاف قلبي انا لك وملكك لم اكن يوما لغيرك ولن اكون عقلي افكاري كل شي معك تحمل يا حبيبي تحمل واستعد نفسك وانهض فلا يمكنن تحمل ما اسمعه عن وعن حالتك فكرت بالانتحار ولكن ....
اتمنا ان يمعني الله بك في الجنة واني على امل ان اجتمع بك في الدنيا " وختمة الرسالة بقول
فداك القلب لا تحزن لشيء
فانك ان حزنت فانت مني
ولا تسبل دموعك كل حين
وخذ دمعي وخذ ان شئت عيني. احبك حتى اخر نبض.
احتضن علي الرسالة واخذ يبكي بكاء شديد تخطا كل قوانين الرجولة امه تسمع صراخه وهي حزينه منكسرة لما يحصل لابنها ...
ورد علي برسالة لها :
" جنات حبيبتي روحي نفسي كيف استعيد نفسي بعد ما حل بي كيف سانهض مرة اخرى وتخيلك مع رجل اخر يسقط كل رجولتي لم استطع ان افعل ام افي بوعدي لك اشتاق لكي في كل لحظة ولحظة عيناي ككتلة دم ...لم اتخيل يوما اني ساحب فتاة واحدة تغنيني عن كل ما سواها وتمنيت ان يجمعني الله بك لكي اتعلم منك كيف اعيش كيف اتعرف على الله ولكن لم يشأ القدر ليت الموت قد ادركني يوم زفافك ولكن ان كان لكي امل في لقائنا فساحيا على هذا الامل ساستمد قوتي منه" وختمها بقول :ليت المسافة تطوى في جوانحنا طي الصحائف حتى نلتقي الأنا.
عاد علي الى كليته وهو يحاول الاستمرار بين غياب وحضور تخرج من الكلية ولم ينسى للحظة حبيبته جنات ارادت امه تزويجه وهو يرفض الامر من اساسه تعين في احد المدارس القريبة من منطقة جنات.نزل مرة الى تراب الطريق واخذ منه بيده وقال بان جنات قد داست هنا وقبله فتعجب احد اصدقائه مما فعل ما هذا الحب يا علي ...! فردد علي : حاملا نفسي ونفس لم تعد تقوى احتمال فساله صديقه لو ان جنات عادة مطلقة فهل يتزوجها فاجاب:
وين الله ويكولون ردها الخذاها
أخذها لو عشرين جاهل وراها .
جنات كانت تعاني من زوجها الذي ازداد بالظلم لها فيعود كل ليلة وقد شرب الخمر حتى رأسه ويضربها ويشتمها وانجبت له ولد قد سمته علي لكي لا تغفل لحضة عن حبها والالم يعصر قلبها كل حين تتذكر كل خطوة له وكل كلمة ولم يدخل زوجها قلبها ابدا فالحب للحبيب الاول لا يمكن نسيانه مهما غطاه الزمن باحداثه .
بعد مرور 7 سنوات تاتي امرءة الى المدرسة الابتداىية لتسال عن ولدها فمعلم اللغة قد طلب ولي امر هذا الطالب دخلة غرفة المدير والمدير ينادي استاذ علي تفضل الى هنا... فز قلبها كفزت طفل من عميق نومه ضرباته تتسارع اغمضت عينيها وهي تتمنا ان يكون هو وفتحتهما واذ هو امامها علي حبيبها الذي جار عليها الزمن ولم يجمعها به ...
علي مصدوم وهي امامه احقا هي جنات جنتي وناري جنات الجميلة ذات الوجه الطفولي اتعبها الزمن وانحل جسدها وغطا العذاب على ملامحها الجميلة... لم تستطع الكلام وخرجة من الغرفة دون نطق كلمة ولكن نادتها احدى المعلمات كانت تعرفها( ام علي ) اجئت تسالين عن علي ؟
هنا وضع علي يده على قلبه ونزلت دموعه لما سمع بان ابنها اسمه علي وهي لم تنطق سوا انها نضرت لعلي بنضرت حب وشوق وخوف واستدارت ذاهبة .
اسدعى علي تلك المعلمة واراد منها ان تخبره بكل ما تعرفه عن جنات فقالت له بأنها تطلقت منذ سنة وابنها معها جدها واباها قد توفيا وهي الان مع اخوتها تعامل بذل واستحقار ...
عاد على الى بيته وهو يفكر بان يتقدم لخطبتها مرة اخرى ولن يتنازل هذه المرة الى وهي معه
عادت جنات الى البيت واقفلت على نفسها وهي تبكي بشدة وتصرخ لتخرج كل الم السنوات القاسية .
في يوم جاء علي ابنها الى الاستاذ وقال له امي قد كتبت هذا في دفتري وقالت ليقراه الاستاذ كانت قد كتبت: " دورتكم بالمكاتيب القديمة وهلبت الكاكم حرف دوريت بكل ضرف "
تقدم علي لخطبتها من اخوتها مرات عدة وهم استمروا بالرفض وحول علي التواصل معها واقناعها بالهروب معه ولكن رفضة لكي لا تجلب العار لولدها واخوتها...
ارسل علي كل رجال القرية لتحدث مع اخوتها واقناعهم بالزواج وفعلا تمكنوا من اقناعهم وبعد شهر تزوج علي من جنات وتتوج هذا الحب بالاجتماع مجددا وفي ليلة الزفاف كان اولها عتاب بينهما قالت جنات لعلي : الم اقل لك اني على امل اللقاء لم تغب عن قلبي للحظة كنت ادعوا الله لك في كل حين لماذا لم تحاول لماذا لم تاتي وتخطفني كنت سأتي معك دون تفكير" فاجابها علي بعتاب ايضا " لم تركتني انت لم لم تقاومي كل الظغوطات احبك جدا احبك لدرجة قبلة تراب داست عليه قدمك لمن يكن معي سوا ذكريات المكتبة ورسالة قد كتبتها كنت اتنفس منها طوال هذه السنوات "
وجلسا يسامران بعضهما حتى الفجر والشوق لم يزل منه الى القليل .
وفي الصباح يستيقض علي من نومه على عبارات الغزل من جنات " صباح الخير يا وسيم الملامح فاتن العينين جميل الابتسام" فيرد عليها
" في صوته ذاب الجمال عذوبة
الله در الصوت ما احلاه
لولا مخافة أن يقال بانني
بالغت في وصف اللذي أهواه
لحلفت قد خلق الكلام لاجله
والصمت حكم واجب لسواه."