المقدمة

4.3K 214 456
                                    

«كل شيء يتحرك بمجرى واحد، الحياة تسير في طريق واحد، و المشاهد تتكرر أمامي في سيناريو واحد»

هبت رياح منعشة حركت بهدوء خصل شعره السوداء، أغلق باب خزانته المدرسية والتفت ينظر عبر النافذة، تأمل سماء مدينته الصافية بصمت مستشعراً البرودة الخفيفة في اجوائها قبل أن يستدير متجهاً لفصله.

«نفس الأشخاص، نفس الكلام، نفس الكذب، روتين يومي يتكرر فقط . كتسجيل جميل أعيد مشاهدته يومياً، مثل عقارب الساعة التي تعيد عد نفس الأرقام كل يوم متاملةً حدوث شيء جديد مع الرقم التالي»

ابتسمت بمرح ونشاط مصطنع وهي تحدث الفتيات في الممر وأشعة الشمس تخترق الزجاج ملقيةً بضلالهن على الارض.

«هل فكرتَ يوماً بإيقاف تلك الساعات؟ عكس أحداث هذا الواقع؟ حسناً، أنا فعلت. تصرف واحد يغير الزمن، حركة واحدة تخلق مئة احتمال، حتى حبة الرمل الصغيرة يمكنها تغير التاريخ، فتمنيت حقاً تغير مصيري التافه»

فوق سور ملعب المدرسة المعدني، تحركت ثيابه بفعل الرياح فرفع رأسه ينظر للمبنى بابتسامة واثقة.

وداخله، سارت فتاة على السلالم تحمل الكتب التي استعارتها للتو قبل ان يفاجئها شعور ثقيل، كأن روحاً تناديها من اعماق شخص اخر! توقفت لتلتفت للخلف بدهشة خالطها القلق والحيرة.

~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~

مدينة ثينيس، العاصمة التي تتميز بتقدمها الصناعي، بنايات مصممة بأحدث الطرائق ومزودة بوسائل متطورة، تقنيات تسهل حياة الناس من كل جوانبها و تزيدها رقياً، منظمة لتراعي الحفاظ على جمال المدينة الطبيعي حيث الحدائق مليئة بمختلف انواع النباتات و الزهور وبحيرات صغيرة مفعمة بالحياة محطة توجه كل محبي الأرض والطبيعة. يتوسط المدينة مبنى زجاجي بارز بطوله الشاهق، مركز نوسرباز للعلوم والذي يتكون من ثلاث بنايات متجاورة بشكل مربع بثلاث أضلاع.                                                      أشهر موقع في المدينة، يتجمع السياح أمامه قبل غروب الشمس، عندما تتخذ أشعتها زاوية معينة تنعكس على كرة زجاجية في أعلاه فتطلق شعاعاً ذهبياً ينعكس على أسطحه مشكلاً ثلاث مثلثات ضخمة من ينظر اليها من الأعلى يرى نجمة بتسع زوايا، ينتهي شعاعها مستقراً على كرة تتوسط الساحة الواسعة أمامه فتقوم بتشغيل النافورات التي تحيطه بوقت واحد لتصنع مشهداً جميلاً ممتزجاً بألوان الغروب.

في إحدى أفضل مدراس العاصمة، ثانوية نوهارا الخاصة، ارتفع صوت الجرس معلناً انتهاء الدرس وبداية استراحة الغداء. داخل أحد الفصول، يجلس فتى في السادسة عشر من عمره ذو شعر أسود ينظر بعينيه الحمراوتين لدفتره ويكتب بهدوء سانداً رأسه ليده بملل. قطع أفكاره يد امتدت من الجانب لتسحب الدفتر من على المنضدة، تحدث زمليه في الفصل ساخراً: ماذا تفعل بمفردك ، آلين؟ هل تم التخلي عنك مجدداً؟

الكتاب المفقودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن