التوسل لسيدتي الزهراء عليها السلام

365 30 4
                                    

طالما راودني شعور بالخَجل والحياء عِندما أشاهد أمامي أزواجًا يمسكون بأيدي بعضهم البعض، وكان هذا أصعب شيء أريدُ مواجهته في ذلك اليوم

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

طالما راودني شعور بالخَجل والحياء عِندما أشاهد أمامي أزواجًا يمسكون بأيدي بعضهم البعض، وكان هذا أصعب شيء أريدُ مواجهته في ذلك اليوم .
كيف سأمسك يده ؟ هل أقِف وأسلم عليه؟ هل أنتظر أن يُبادرر هو أو ابادر أنا ؟

كان الوقتُ يمر والجَميع يجهز نفسه إلا أنا فكنت في دوامة مع نفسي افكر بطريقة أستطيع من خلالها لمس يد رجل اجنبي عنّي لاول مرة في حياتي، كانَ الوضع بالنسبة لي لا يطاق، ولكن ما الحل ! فهذا يجب ان يحدث لا محالة .

جائتني أمي وقالت لي: هل انتبهتي للوقت؟ امامك ساعة واحدة لتجهزي نفسك، فموعد عقد قرانك اقترب كثيرًا .
قمتُ متثاقلة وأنا افكر بالموقف المحرج، حتّى إنتبهت لي ابنة خالتي التي تكبرني وقالت : ما بكِ يا مريم؟ لستِ على ما يرام؟

نظرتُ إليها والى اختي وبنات خالتي اللواتي حضرن من أجل الحَفل وقلت لهن: أنا في حيرة ، فلا أعلم كيف أستطيع أن أمسِك يده، فإني أخاف أن أحرجه او احرج انا امامه او قد تصدر مني ردة فعل غير مناسبة وهي ما أود تجنبها خلال مراسيم العقد !
أطلقن ضحكة عالية وقالت أختي: فديت أختي الخَجولة ، ثم إحتظنتني وهَمست في أذني عليك بدعاء التوسّل ، توسّلي بالسيدة فاطمة الزهراء (ع) وأُطلبي مِنها ان تسهّل عليك الامر .

هدأت روعتي لمجرد سماع اسم السيدة الزهراء (ع) وركضت نحو غرفتي واغلقت الباب وبدأت بقراءة دعاء التوسّل وأنا أجلس على سجّادة صلاتي متوجهة نحو القبلة .(يا فاطِمة الزهراء يا بِنت محمّد يا قُرّة عين الرّسول ، يا سَيّدنا إنّا توجّهنا وإستشفعنا وتوسّلنا بِك إلى الله)
هنا شعرتُ بدموعي تنهمر فكرّرت التوسّل بالسّيدة الزهراء (ع) بعددِ أصحاب الكِساء (ع) ومن ثم خرجتُ من الغرفة وأنا أشعر بطمأنينة، لقد نسيتُ الأمر تمامًا وإنشغلتُ بتجهيز نفسي.
لم يمضِ الكَثير من الوَقت حتى حَضر الضُيوف وجاء أهل العَريس وإبنهم وبدأت الهلاهل والصلوات ترتفع بينما أتوسّل في ثنايا نفسي بالسّيدة الزهراء (ع) بإن لا تحرجني أمام زوجي وعائلته، خصوصا كنت قلقة جدًا لتواجد الكثير من الضّيوف حولنا .

هدأ المجلس وما هي إلا لحظات حتى سرت همهمة في المجلس، نظرتُ الى أمي التي إنهت لتوّها مكالمة هاتفية،  فتوجهت اليّ وقالت : لقد تأخّر العاقد، وهو لا يجيب على هاتفه.

إزداد قلقي وبدأت بمخاطبة سيدتي فاطمة الزهراء (ع): يا سيدتي أيُعقل أن تفعلي بي هذا ! ألم أتوسل بك؟ لماذا قد يَحدث هذا في حفل قرآني ! أرجوكِ يا سيدتي لا أريد أن أحرج أكثر من هذا .
مرّت نصف ساعة وكأنها نصف عام، بدأ البعض يشعر بالضيق والبعض الإخر بدأ يتهيّأ لترك الحفل، حتى لم يبقَ سوى عائلتي وعائلة العريس في غضون ساعة من بدء الحفل، وما هي الا لحظات حتّى رنّ هاتف (والد زوجي) ليخبرهُ العاقد إنه في الطريق إلينا ، وأنّ حادِثًا منعهُ عن المجيء في الموعد المحدد .

كان البيت فارغًا من الضّيوف عندما جاء العاقد، فأخذ مني الوكالة على عُجالة وذهب نحو غرفة الضيوف حيث يجلس العريس ليكمل معه العقد، وليدخل بعد دقائق (أحمد) زوجي الذي عقد للتّو قرآننا مع بعض الى الصالة ، أشارت لي امي بالوقوف، فوقفت على إستحياء الفُّ نفسي بالعباءة التي رفضتُ خلعها مذ جاء العاقد لأخذ وكالتي.

جلسَ أحمد الى جانبي وسط إرتفاع صوت الهلاهل والتّصفيق وماهي الا ثوانٍ قليلة حتى نهض من مكانه وقال: لقد حان وقت الصلاة.
لم يلتفت أحد لما قاله ، فإضطر لرفع صوته مناديًا أمه: أماه كفّوا عن ذلك، لقد حان وقت صلاة المغرب، لنصلِّ اولًا ومن ثم نُكمل الحفل.
قالت امّه: إجلس قليلًا وبعدها قم للصلاة.
لكنه ظلّ مصرًّا على موقفه وأخرج من جيبه محفظة فيها تربة حُسينية صغيرة، وسأل والدتي عن إتجاه القبلة ثم وقف وبدأ بالأذان.
كنتُ في عالم آخر اشاهد ما يَحدث أمامي دون ردة فعل، سوى إني لازلتُ مُمسكة بأطراف عبائتي، فلم أصدّق بعد أن احمد باتَ محرمًا لي.

جائتني أُختي والإبتسامة تعلو مُحياها وهمست في اذني: قومي وصليّ خلفه جماعة ، فما اجمل حياتكما الزوجية أن تبدأ بصلاة الجماعة.

كان اقتراحًا رائعًا ، طبعتُ قُبلة على خدّها وأحضرتُ سجّادتي وفرشتُها عند أقدام أحمد الذي كان قد رفع يديه يتمتم بالدعاء مع ربه.

كبّر احمد وكبّرت وبدأت أستمع له وهو يتلو الايات القرآنية، حتى شعرت بروحي تحلّق في عالم اخر، كانت سعادتي في تلك اللحظات لا توصف، فبالرغم من كلّ ما جرى الا ان هذه اللحظات كانت تعني ليَ الكثير.

 سلّم احمد فسلمتُ وهويت الى السجود أشكر الله سبحانه، وما ان رفعت رأسي حتّى مدّ لي احمد يده ليصافحني كما هي العادة في صلوات الجماعة ، ومن دون شعور مددت له يدي وصافحته وانا اقول : شكرًا سيدتي شكرًا على كُل شيء .

منقول

وهل الدّين الاّ الحُبّ.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن