دقت ساعة منتصف الليل , و ها هو ذا الفتى جيوبيتر يجلس بجانب احدى غرف المشفى و عيناه تمتلئان دموعا , محاطتان بهالات سوداء لقلة نومه , هائما في ذكرياته يتذكر كيف وصل الى هنا و كل احداث حياته التي أدت به الى هنا ... بدأ كل شيئ قبل عام تقريبا , قبل هذا لم يكن جيوبيتر يعلم الكثير عن قدرته , كان يظن انها مجرد قدرة على الطيران لمسافات قصيرة , استغربتم ؟ نعم يستطيع الطيران , لكن بسبب محاولات والديه لاخفاء الامر عنه فهو لم يكتشف قدرته تلك الا قبل مدة ليست ببعيدة و لا يعلم كيف يستخدمها بشكل جيد , حتى اتى ذلك اليوم , حيث تغير كل شيئ , بينما هو يتجول قليلا في السماء في ساعات متأخرة من الليل لكي لا يراه احد فاذا به يجد شخصا اخر يفعل نفس الامر ! الامر يزداد غرابة .. اصبح هناك شخصان قادران على الطيران الان , كانت الدهشة بادية على الفتاة روبي بقدرها على وجه جيوبيتر , يبدو الا احد منهما توقع ايجاد شخص يملك نفس القدرة وي يوم من الايام , لكن رغبتهما تلك لم تمنعهما من التحدث الى بعضهما و التعارف , مر الوقت سريعا و هما يتبادلان اطراف الحديث , علم جيوبيتر من خلال هذه المحادثة ان والدي روبي قد تقبلا قدرتها منذ صغرها لذلك فهي تتحكم فيها بشكل جيد جدا , بعد بضع ساعات عاد كل منهما الى بيته بعد ان اتفقا على الالتقاء ثانية غدا في نفس الوقت و المكان , مندهشا و في نفس الوقت سعيدا لايجاد شخص مثله .مرت الايام و الاشهر سريعا , كانت العلاقة بين الشابين اكثر من رائعة اذ اصبحو افضل الاصدقاء في مدة قياسية , و اكتشفا اهتماماتهما المشتركة في الفلك و ما شابه , كانا في كل ليلة يستلقيان على سطح منزل ما يتأملان السماء و بريق النجوم جمال القمر الساحر ... حتى اتى اليوم الملعون , كان عيد ميلاد جيوبيتر و كل شيئ عادي , بالعكس كان يوما سعيدا جدا و ها هما الان مستلقيان على سطح منزل شخص منزل ما لا يعرفانه يشاهدان السماء كعادتهما , حتى اتت روبي باقتراحها الذي بقدر ما كان مفرحا لكنه كان غريبا جدا للاخر , طلبت منه ان يطيرا لابعد نقطة ممكنة و يحاولا رؤية الفضاء الخارجي كهدية لعيد ميلاده ! كان الفتى مترددا جدا لكنها اقنعته بمهاراتها الكبيرة في الاقناع و بحجة انها طارت لمسافات عالية من قبل و لم يحصل اي شيئ لها , "حسنا لا بأس فليكن" ابدى جيوبيتر موافقته و كم يتمنى الان انه لم يفعل , ها هما يطيران عاليا الان , البرد يشتد شيئا فشيئا , و هما فقط يتقدمان , الى ان توقف كلاهما فجأة , لم يصدقا ما يريانه , هل هذا .. هذا هو الفضاء الخارجي ! كان مشهدا لا يوصف , لم يشهدا شيئا جميلا كهذا من قبل , لكن روبي لم تكتف و ها هي تعود الى حماقاتها مجددا , تريد الارتفاع اكثر هذه المرة , رفض جيوبيتر هذا و كان واضحا معها , لكن العنيدة لم تستمع لكلمة واحدة مما قال و ذهبت وحدها , "حسنا ما الحل الان .. لن اتركها تذهب وحدها طبعا" قال هذا و هو يتبعها و الخوف يسيطر عليه , اصبح البرد قارسا انه يكاد يتجمد من البرد , لكن ما كان يسيطر على عقله اكثر من البرد هو استغرابه من تصرفات روبي فهي فقط تواصل التقدم , "حسنا هذا كاف لنعد الان , البرد قارس و الهواء اصبح خفيفا جدا لا يمكننا الاستمرار هذا خطير" حاول مخاطبتها لكن لا جدوى , و لا ردة فعل ! حسنا يبدو ان جيوبيتر وصل حدوده من الصبر و لحق بها ليعيدها , و كانت الصدمة , كانت لا تكاد تستطيع التنفس , تكاد تتجمد من البرد و شفاهها انقلب زرقاء , "جديا و رغم كل هذا تواصلين التقدم ؟ " صرخ خوفا عليها لكن لم تبد اي ردة فعل , يبدو انه اغمي عليها , كل ما استطاع جيوبيتر التفكير به في ذلك الوقت هو اخذها الى اقرب مشفى , و هذا ما فعل ...مرت الايام و الفتاة في غيبوبة , استمر بزيارتها كل ليلة و يجلس بجانب تلك النافذة يتأملها في نومها العميق الذي لا يدري متى ستستيقظ منه , حتى اتى اليوم الذي لم يظن انه سيأتي , اخيرا افاقت من غيبوبتها , شعر بسعادة كبيرة جدا , لكنها لم تدم للاسف فبعد بعض الاختبارات التي قام بها الاطباء اتضح انها لن تستطيع المشي لمدة طويلة جدا و يمكن للابد ! اي انها فقدت قدرتها على الطيران ايضا بطبيعة الحال , كان الحزن و الأسى باديا على الجميع , ما عدا روبي التي كانت تبتسم فقط , يبدو انها لا تهتم لما حدث لها , كل ما يهمها انها حققت هدفها في رؤية الفضاء بعينيها ... مرت بضعة ايام اخرى و عادت الفتاة الى منزلها , و استمر جيوبيتر في زيارتها بالطبع , كان يزورها كل ليلة , يحملها من غرفتها و يطير بها الى سطح المنزل , يجلسان يتأملان السماء و يتبادلان اطراف الحديث يرويان تفاصيل يوميهما .. كالايام الخوالي
النهاية