" تُرِكا هناك ليتعفنا.. معا "

19 1 0
                                    

جيوبتر و روبي , طفلان لا يتجاوزان الثانية عشر عاما , يمكن القول انهما صديقان منذ بضع سنوات , تخلى عنهما والداهما في هذه المصحة العقلية المهترئة من كل النواحي . الاول أبكم .. أبكم بطريقته الخاصة , فهو لا يتحدث بأي شكل من الأشكال لا صوتا و لا اشارة , كأنه جثّة تتحرك فقط ..و نادرا ما يقوم بذلك إلا عندما يُريد, عابس طول الوقت , اما الثانية فهي تعاني من انفصام الشخصية , عكس الاول تماما.. تتحرك كل الوقت دون توقف و في اغلب الاحيان لا تعلم ماذا تفعل كأنها تتصرف بدون وعي, و لا يتوقف وجهها عن الابتسام , هما معا في نفس الغرفة منذ مدة طويلة , جيوبتر يجلس طول النهار ساكنا فقط يراقب روبي التي لا تتوقف ابدا جيئة و ذهابا في الغرفة , و لا يفترقان عن بعضهما ابدا , فهما يأكلان نفس الطعام النتن البارد معا , يتعرضان للضرب و التعنيف معا بلا سبب , لكن رغم تلك المعاملة السيئة جدا و عدم الاعتناء بهما , لم يتغيرا ابدا , فحتى عندما يتعرضان للضرب تجد جيوبتر جالسا لا يقوم بأي ردة فعل و الاخرى تستمر فقط بالابتسام و اللهو , و كثيرا ما كان هذا يستفز عمال المصحة و يدفعهما لتعنيفهما اكثر و تركهما بدون اكل احيانا ...في احدى الايام حدث شيئ غريب , غير متوقع , وُجِد الفتيان في إحدى أروقة المكان يتجولان , لم يحدث هذا من قبل , على كل حال تم اعادتهما الى الغرفة و ضربهما ضربا مبرحا أو تم تعذيبهما بمعنى اصح , لكن رغم ذلك تكرر الامر في اليوم التالي و اليوم الذي يليه ! انتهى صبر العمال , فقاما بتقييدهما كل واحد منهما في غرفة , لم تتحمل روبي ذلك , كان عليها التحرر , عليها البقاء بجانب صديقها ! حتى الاخر لم يتحمل , فرغم انه لا يتحرك الا نادرا لكنه لم يتحمل البقاء بعيدا عنها , يبدو انه اعتاد على وجودها كل تلك السنوات و لم يستطع مفارقتها الان , و هكذا قام كل منهما بالخروج من قيوده غير آبهين لما يحصل لهما , كأنهما لا يشعران بمفاصل يديهما تنتزع من مكانها ! و كل تلك الدماء .. كان مشهدا مرعبا .. لكن الغرابة لم تنتهي هنا , فبعد التقائهما في غرفتهما القديمة و كل منهما يعاني من اصابات خطيرة , راحا يتجولان في المصحة , لكن هذه المرة لم يكتفيا فقط بالاروقة , لقد دخلا الى غرفة احدى عاملات المصحة , كان الوقت متأخرا ليلا يبدو انها نائمة ...في الصباح الباكر و عند استيقاظ العمال , كانت المفاجئة , عثروا على الفتيان في حالة غير معتادة , كان الاشمئزاز باديا على الجميع , فبالاضافة الى مفاصل يديهما التي تكاد تنفصل عن جسديهما , كانت اطراف هذه الاجساد مليئة ثقوبا .. و هناك شيئ يلتف حولهما اشبه بالخيط , مهلا ماهذا ايضا .. جيوبتر يبتسم ! رغم ان روبي قامت بخياطة جسدها بجسده ! هل هذا معقول ؟ كيف حصل هذا ! لم يجد العمال حلا لهذا السؤال الا بعد مدة عندما لوحظ اختفاء علبة خياطة من غرفة احدى العاملات ... اما عن جيوبتر و روبي فقد تم نفيهما الى غرفة نائية لا يكاد يدخلها الهواء او الضوء , كريهة الرائحة لدرجة لا تحتمل , كان هذا قرار رئيس العمال بعد سماعه الخبر , و تم منع اي احد من الاقتراب من ذلك المكان , لم يتم استدعاء اي طبيب او شيئ من هذا القبيل لرؤيتهما , ممنوع الاقتراب منهما لأي غرض حتى لو كان طعاما, فقط تُرِكا هناك ليتعفنا ... معا

النهاية

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: May 10, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

من حَكايا الخيالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن