Ch.1

2 1 0
                                    

كل جمعة تقريبا ،وقبل انتهاء النهار ،أذهب اليها ،هي ليست بالبعيدة جدا ،في طرف المدينة ،تبعد زمن ربع ساعة تقريبا عن بيتنا ،"المقبرة" المكان المحبب الي جدا وربما لانها تذكرني بأن لكل شئ نهاية ، لعلها ليست النهاية بالنسبة للروح ،لكن على الاقل هي النهاية لوجودها في الدنيا، أو انها تذكرنا بما مات فينا من أشياء ،أو اني ساكون غير مضطر لسماع كذبات أحدهم ،فالموتى وحدهم لا يكذبون ،او لانها هادئة ،هنا كل شئ هادئة و صامت اني لاعشق هدوء المقابر .

حتى اني أفكر أذا تخرجت من الجامعة ولم احصل على وظيفة،  وهذا وارد جدا ،هو اني ساعمل حفارا للقبور ، "شكو بيها الشغل مو عيب بعدين بس أجرها كافي" ،"ابرر لنفسي 😂،ولو انا اذا فكرنا قليلا سنجد أن أول عمل قام به الانسان هو حفر القبور ، والا كيف دفن قابيل هابيل .
قبل ان ينتهي النهار بساعة تقريبا اذهب اليها وأقرا "الفاتحة" على أرواح الموتى هناك ، أن تقرا الفاتحة او تذرف دمعة عند قبر احدهم ، كنت كمن أهدى عاشقا وردة ،اي انك تبث الحياة في روحه من جديد،  وكما أن الاحياء بحاجة الى الاهتمام ،فالموتى بحاجة اليه ايضا ، هم يشعرون ،منقال أن الموتى لا يشعرون .
كل مرة اقرأ الفاتحة من بعيد وأعود ،لكن هذه المرة حلا لي التجول بين القبور ،مشيت قليلا ،قرأت شواهد القبور ،كلها تبدا بعبارة [المرحوم] او (المرحومة) ،كلهم يطلبون الرحمة ،شيئا آخر لفت انتباهي ، اكثر الموتى من الرجال ،الا تموت النساء .
مشيت قليلا بعد ،قرأت ،مرحوم علي حسين
_ يمة ، اسم الله ، بس لا هذا انا ؟
تفحصت جسمي و رأسي بكلتا يدي ، بحثت عن نفسي في نفسي ،كل شي تمام الحمدلله  ،مازلت حيا ،ومن هذا اذا
توارد اسماء لا اكثر .

الصدفة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن