الفصل الثاني
تنظر للصور التي تترى تحت إبهامها الذي يتجمد على كل صورة لتنال صفعة الزمن القاسية .. صور لم تكن تتخيل وجودها .. لها وله الحقير أرسل لها صور كانت تسانده بها وهو مخمور يميل عليها وهي تحاول رفعه جاهدة حتى لا يسقط وحتى المصعد بالفندق الأوروبي .. مر إبهامها على أخرى لتجد صورتها بمكتبه تصفعه على وجهه.. ارتاحت قليلاً لكونها صفعته وودت أن يكون الضرب بحذائها العالي الكعب كجزاء عادل على التحرش بها .. ثم أخرى وجدتها صورة ما حدث مع سائقه .. كيف تغافلت عن وجود نظام مراقبة صار متبع في كل مكان .. هتفت بغضب مكبوت :" الحقير .. يستحق ..".
وصلتها رسالة نصية :" ربما كان يجب قتلي حتى أتزوجك بعد ليلتنا الرائعة يا قطة ".
تلاشت الصلابة من ساقيها وضربهما الخدر فلم تعد بقادرة على حمل نفسها ، تركت نفسها تسقط على ركبتيها خلف باب غرفتها .. ومازالت كلماته تهدر في عقلها .. تفكر ما هذا الخرف ؟!!.. لديها تأشيرة دخول البلاد على جواز سفرها .. إثبات أنها عادت قبل موعدها بعدة أيام .. لن يصدق أحد ما يلمح إليه وأن ما حدث في مكتبه هو مجرد خلاف بين عاشيقين .. تحركت زحفاً على ركبتيها في الغرفة ..تريد حقيبتها السابقة حيث جواز سفرها ،وكأن قوة جديدة قد ضربتها لتعاند قدرها المحتوم .. أخرجت الجواز وصورت صفحاته بهاتفها .. ثم ارسلته له مع رسالة نصيه.. تستحق الضرب بالحذاء لأنك حقير.. اعتبرني مستقيلة من العمل معك فلا شرف لمن تعمل معك.. لست أنا من تصرف من عملها أنا قدمت استقالتي اليوم يا أحقر من رأيت ".
تدرك أن كلماتها أكثر مما ينبغي لكن غضبها هو الذي يتحكم بها في تلك اللحظة .. أغلقت الهاتف كلياً ..حتى لا تسمح له بتواصل جديد..
صعدت فوق فراشها الضيق القاسي الحشوة ولكنه يتمتع بالنظافة .. رغم كل شيء في شريفة إلا أنها نظيفة جداً تبدل ملاءات الفراش كل يوم ..وضعت رأسها على الوسادة تستجدي النوم تعيد ما حدث وكيف وصلت لهذا العهد .. نظرات زملائها كانت سهام مسمومة .. كل شيء خنقها في ذهابها للشركة لقد ذهبت لتقدم استقالتها وتعلم أحمد أنها لن تتعامل مع أبيه مجدداً.. كانت تدرك ان الطائرة القادمة من هولندا قد حطت أمس مساء ..بحثت عن أحمد في مكتبه فلم تجده .. سألت أحد معاوني الشركة في المشروعات تصادف مروره جوارها :" أين الأستاذ أحمد من فضلك؟!!".
ابتسم وألقي عليها نظرة مشبعة برغبة جعلت عقلها يتقد بنيران الغضب .. فهتفت كشرارة مشتعلة :" مابك لا تجيب ثم ما هذه النظرة ؟!!".
اتسعت ابتسامته ورماها بنظرة شملتها من أعلى لأسفل جعلتها تتحرك مبتعدة .. تشعر ان كل شيء صار مختلف .. هناك ما تجهله وسوف تعلمه .. أتصلت بأحمد حبيب قلبها ولكن هاتفه مغلق .. تحركت لمكتبها وقبل أن تجلس كانت تسحب ورقة تخط فيها إستقالتها كاملة من منصبها .. تركتها على مكتبها .. وقبل أن تتحرك مغادرة .. دلفت أحدى المساعدات اللواتي تدين لها بالولاء لمواقفها معها وأياديها البيضاء عليها منذ فقدت زوجها باتت تمنحها راتب يعينها على تربية أولادها وخاصة عندما علمت ان هذا الزوج ليس له معاش كأغلب العاملين بالشركات الخاصة لا تأمينات إجتماعية تكفل له الحق في معاش تقاعدي :" آنسة سميراء.. حسناً أنك هنا ".
حركت عيناها بلون الزيتون الأخضربعد نضجه.. محركة رأسها فتهدل شعرها بنعومته السادية لا يقبل البقاء في كعكعة محبوكة أبداً :" بدأت أصابعها تعيد ترتيبه بينما إنتباهها كله مسدد لمساعدتها هاتفة :" نعم يا بهيجة ماذا هناك؟!!".
كانت تدرك انها هي التي ستعلمها .. سر الإختلاف .. وماذا جلب اليوم لها عن الأمسيات السابقة .. أحاطت المساعدة شفتيها بكفها وكأن ما تقوله يجب ان يكون في خفية عن الجميع حتى عن أسماعها ذاتها .. عينيها تتقلبان في الجانبين خشية وجود متلصص :" لقد أمر السيد مجاهد بعدم تواجدك في مكتبك وقد سحب كل الملفات وأطلق عليك أسماء رهيبة أقلها ..".
لم تسطيع إطلاق الكلمة من حلقها .. بينما سميراء تحسها بعينيها .. تستجديها بأنفاسها المتقطعة ولكن عينا بهيجة ظلت تتحرك مع رفض وجهها الذي كان يتراقص مع رأسها .. مما جعل سميراء تقبض علي كفها :" أنطقي .. انطقي ماذا سبني ؟!!".
ثم خفت صوتها باستنتاج صحيح أختطفته من خزي عيون لم تجرؤ على النظر إليها :" عاهرة .. أنا .. أنا .. هو .. هو كلب .. حقير .. لقد أراد .. استغل وجودي معه وحدنا ".
أرتفعت أهداب المساعدة نحوها في وجع يناجي وجعها على نفسها وحلمها بابن هذا الرجل الحقير .. ينهار جدار أحلامها في تداعي متساقط بتهشيم .. غمغمت المساعدة :" هذا ما قاله بالضبط".
استفسرت بلهفة مصدومة :" أتقصدين أنني من حاولت .. معه ".وجدت إجابة من رأس المساعدة التي اطرقت تحرك رأسها بموافقة كافية لتسكب على كل أحلام قلبها دلواً من الكيروسين فصارت تحترق ..
أنت تقرأ
فراء ناعم [الجزء الأول من سلسلة فراء ناعم ][معدلة]
Romanceوها أنا ألتف في فراء ناعم، خاضعة... إليكم اعترافي: أنا الدمية بين الاثنتين المحرومة من كلا الأمومتين عندما تشعر بالوحدة إحداهن، تقف وتتجه لقطتها ذات الفراء الناعم تنفض عنها تراب الإهمال وتقربها منها قليلاً... حتى تشعر بالملل، فـ تعيدها على الرف المز...