الفصلُ الأول ؛ مُراقبة فِي الخفاء

84 6 40
                                    








أُراقبهُ مِن غيرِ مللٍ أَو كلل كُل صباحُ يومٍ جَديد،
بَينما تتحركُ أصابع يدهِ الطويلةُ النَحيفة
بِدقة و إِحترافية لا مُتناهية و هِي تمسكُ
تِلكَ الفُرشاةُ الخَشبية بَعدما غَطسها بألوانٍ نقيةٍ فاتِحة

أَنا عَلى هذا الوضعَ مِنذُ ساعاتِ الصباح الأولى
بدأً مِن خروجهِ مِن عَتبة منزلهِ ذو اللون السمائي الفاتِح،
إِلى جلوسهِ لساعاتٍ أمامَ لوحتهِ البيضاءُ الشاحبة
قبل الرسمُ عَليها و تَحويلها لشيءٍ أَجمل،

كِيم تاهِيونغ شابٌ بِعمر السادسةُ و العشرين،
أَعزب إِشترى المنزِل الذي بِجوارنا لِيحظى بالهدوءِ اللازِم
لممارسةِ طقوس الرسم الخاصةُ بهِ،
ليسَ لديه أشقاءٌ حَسبُ عِلمي و تَركَ منزل والديهِ
ليعتمد عَلى نفسهِ، لا يعملُ بِشركةٍ أَو متجر أَو مَقهى
إِلى آخرهِ هُو فَقط يرسمُ لوحاتٍ كُل يومٍ تَقريباً و يَبيعُها

لأشخاصٍ يُقدرونَ الفَن
سواء مِن داخل البِلاد أَو خارِجها

أَنا بِالفعل أجريتُ أبحاثِي عَنه،ُ
كونهُ قَد شدَّ فضولي مِنذُ أَن رأيتهُ
يخطو درجاتَ سلُمهِ الثلاثة أَمام بابُ مَنزلهِ أَول مَرة
قبلَ ثلاثةُ أَشهر، بدأَ الأمرُ بفضولٍ
عَن مَن هو جارُنا الجديد الذي يقطنُِ بالمنزلِ المُجاور؟

لينتهي الأمرُ بأعجابٍ بشخصيتهِ الفريدة
و أسلوبهِ اللبق معَ الجيران و أكيد لا أنسى
إِبتسامتهِ المُستطيله التي يظهُرها
عِندما يَلعبُ مَع أطفالُ الحيّ، و كَم تَمنيتُ
أَن يبتسم لِي في ذلِكَ الوقت،
عَلى الرُغم إِنهُ لا يخطو خارِجَ منزلهِ كثيراً
هو فَقط هادئ بِطريقة تجذبُ الآخرين للنظرِ لهُ


قُوطعَ تأمُلي بهِ مُناداةُ والدتي لِي مِن الدور التَحتي
و هِي تُخبرني إِن الفطورَ جاهِز، لأتنهد لآخرِ مرةٍ
مِن جمالهِ المُتعب للعين و المُهلك للقلب

❞ سأعودُ لكَ غداً أَيها الوسيم ❝

بصوتٍ خَفيض يُكادُ يسمع تمتمت بَيني و بين نَفسي،

لأسرعُ مُهرولةٌ لتغييرِ بِجامةُ النومُ ذات النجومِ المُلونه
منذُ إِنهُ شخصٌ ما يبدأ بحرفِ التاهيونغ
قَد شدّني لُمراقبتهِ منذُ الصباح، من الجيد إِنني قَد خجلتُ
مِن نَفسي و غسلتُ وجهي و فرشتُ اسناني
قَبل البدأ بُمراقبتهِ، يا إِلهي أنّي أثرثرُ كثيراً
و الفطور قَد بردَ بِالتأكيد الآن

❞ أَنا قادِمة أُقسم ❝

بصوتٍ عالي قَد أجبتُ أُمي مِن غُرفتي بَعدما بدأت
تُنادي عليّ مُجدداً، آه لستُ مُستعدة لتوبيخٍ صباحي مِن أمي،
لأسارع بِفتح بابُ غُرفتي الأبيض أخطو بِسرعة
عَلى درجاتِ السُلم الستةُ عَشر لوهلةٍ ظننتُ إِنّي

سأتعثر و أقع عَلى وجهي الجَميل، وصلتُ للمَطبخ بوقتٍ قياسي فَتدُاهمني روائحٌ مُحببةٌ لِقلبي و مَعدتي
أخذتُ نظرةٍ سريعة للطاوِلة التَي كانت تَحوي
عَلى صحنين مِن البيضُ و اللَحم المُقدد،
توست و مُربى الجزر المُفضلةُ لِي مَع كوبين مِن الشاي،
لمحتُ طيفَ والدتي تغسلُ بعض الصحون
رُبما هِي صحون ليلةِ أمس التي نسيتُ غَسلها أوبس،

لأحضُنها مِن الخَلف و أقبل وِجنتُها اليسرى بِحب

❞ صباحُ الخير يا أجملُ أمٍ فِي البلاد بأكملُها ❝

❞ أَتعرفين منذُ مَتى أُناديك  آنسة سو بونغ؟ ❝

❞ عَلى الأقل بادليني تَحيةُ الصباح أمي ❝

بعبوسٍ تلفظت أنظرُ بعيونٍ بريئة لنصف وجهُ والدتي
منذُ إِنّي مازلتُ مُحتضِنتها لتردَ بِسرعة
و هِي تدفعني مُتوجِهة لطاولةُ الفطور

❞ عَن أي صباحٍ تتكلمين؟ لقد أوشكت أَن تُصبح الظَهيرة ❝

❞ هَيا لا تُبالغي لِتوها أصبحت العاشرة صَباحاً ❝

❞ حسناً أصمتي الآن و تَناولي طَعامُكِ بِهدوء ❝

اومئت لَها بِطواعية مُسرعةً بِالأكل،
هذهِ أَنا سو بونغ عمري تِسعةُ عَشر تخرجتُ لتوي
مِن المرحلةِ الثانوية بمعدلٍ جيد جداً

لَكنّي أخذتُ فترةٍ للأستراحة مِن الدِراسة
و أيضاً مازلتُ لا أَعرف أي مجالٍ سأدرسُ فِي الجامِعة،
أعيشُ مَع والدتي بِمنزلٍ مُتواضع ذا غُرفتين للنوم
واحِدة لِي فوق و واحدة لأمي في الطابق التَحتي
مَع وجود حمامِ بداخلِ كُل غُرفة،
فضلاً عن مَطبخ و غُرفة جلوسٍ و حَديقة صَغيره،

أنتقلنا لهُ منذُ طَلاقُ والديّ قبلَ ثلاثُ سنواتٍ،
أحبُ أبي كَثيراً و لا يوجدُ مشاعر كُرهٍ بين والدي و والدتي
بل بالعكس يأتي والدي لزيارتُنا فِي الأعياد
و هو يرسلُ لَنا مبلغٌ مالي كل شَهر،
إِذاً تتسائلونَ لِماذا تَطلقوا؟
ببساطة الأمرُ لَم ينجح لَم يعد والديّ
يُحبانِ بَعضهما مثل قَبل و حدثت بَعض المشكلاتُ

الصَغيرة بَينهما بسبب أختلاف تفكير كُل شخصٍ عَن الآخر
فأتفقا عَلى الطلاق، و أخترتُ العيش مَع والدتي

❞ يا يا منذُ ساعتين و أنتِ تحدقين بوجهي ❝

❞ هذا لأنكِ جميلةٌ أمي ❝

قلتُ بَينما أفعل حركة القلب بأبهامي و سبابتي

❞ لا تتملقيني من أجل المال،
و هيا اكملي فطوركِ و نظفي الطاوِلة بَعدكِ ❝

❞ لَم أكن أتملق مِن أجل المال ❝

تذمرتُ بصوتٍ عالي لتأنيني ضربة عَلى رأسي

مِن قبل والدتي لأصمت بطواعية و أرجع متناولةً الفطور







١:٤٩ صَباحاً،
أتمنى أن تُقدموا لَها بعض الدفئ 💛




خَلفَ السُورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن