part 1

25 2 4
                                    

*واصل المسير في طريقك و لا تنظر خلفك فلا أحد ينتظرك *
-----------------------

" لقد أصبحت طيرا مكسور الجناح يتربع على الغصن ينتظر من يرحمه ." قالت كل ذلك دفعت واحدة فهي سئمت من الحزن و الاكتئاب  الذي تعيشه .
" اوو، حقا لم أكن أعلم ذلك أبدا " أجابها و هو يحاول ان يظهر التفاجئ في نبرة صوته الساخرة فهو مل حالتها التي تعاد كل يوم دون ان تتوقف ، فهو يحاول دائما ان يفرحها لكن هي في الاخير تعود إلى قوقعتها المملوءة بأجواء اليأس من الحياة .
نظرت له تم حولت نظرها الى السكين الذي وراءه ليسبقها بأخده بعد ان فسر تلك النظرة المجنونة ليقول بعد ذلك موبخا اياها على أفكارها الانتحارية "الا تسئمين يا فتاة ... تلاتة سنوات ، تلات سنوات .. وانا احاول اخراجك من حالتك المزرية هذه لكن في الاخير أجدك  تغرقين وسط بحر من ... الاكتئاب أهذا ما تريدينه خديه !" .
صرخ الاخيرة في وجهها وهو يرمي تلك الأداة الحادة أمامها . ليردف بعد ذلك مكملا " أقتلي نفسك ... و خلصي نفسك و أريحيني في نفس الاثناء .. سيكون ذلك سهلا عليك ..."
لم يكمل كلامه بسبب صوت بكائها الذي بدأ بالتعالي بعد  ان كان مجرد دموع  تخرج من محجريها.
لتتحدث وسط شهقاتها القوية " اريدها ان تعود يا أبي ... لقد كانت توأمي .. أختي الكبرى .." لترتمي بعد ذلك في حضن والدها الذي كانت له نفس مشاعرها إلا انها مختلطة بشفقة على حال إبنته الوحيدة او بالأحرى إبنته المتبقية .
كان يربت على شعرها بحنية وهو يتمتم بكلمات حتى يهدئها ك"هي لا تريدك ان تحزني " حتى شعر بثقل رأسها على رجليه ليعلم انها نامت .
حملها متجها نحو غرفتها حتى يضعها على السرير مغطيا إياها .
ليخرج بعد ان قبل جبهتها بكل حب رغم علامات الحزن المرسومة على وجهه ، الذي يظهر عليه أنه تجاوز  عقده الرابع .
امسك الهاتف بعد ان ضغط على الرقم الذي يريد الاتصال به ، ثواني مرة ليجيب الطرف الاخر بتسائل مع إظهار نبرة الاحترام في صوته الغذب  " هل حدث لميارا شيء سيء ؟" .
"لا تخف، نوبة أخرى لكن مرة بسلام " قالها خاله وهو يجلس على الأريكة بعد ان تعب من الوقوف .
"هل هناك شيء تريد ان تتحدث معي فيه يا خال ؟" سأل الطرف الآخر بلباقة محاولا عدم إظهار رغبته في النوم .
" تعلم يا بني..... أني أحتضر ببطئ ، كما ان حالة ميارا سيئة لذلك أريدك ان أوصيك عليها ... فحفظها كما تحفظ شيء ثمينا و عزيزا عليك " خرجت كلماته متقطعة بسبب غصة البكاء على حالته و حالت إبنته فهو لا يستطيع حتى ان يزيل لها ألمها .
أخرجه من تفكيره صوته وهو يرد عليه بكل ود " ٱعتبر نفسك وضعتها في أيد أمينة يا خالي جو فبنتك أعتبرها مثل أختي الصغيرة التي لم أحظى بها، لذلك سأعتبرها كجوهرة نادرة أخاف ان أفقدها ."
تنهيدة خرجت منه بعد سماعه هذا الكلام فهو ٱختار وأحسن ٱختيار من سيكون الوصية على فلدت كبده .
"اعلم ذلك يا جاكسون ... فقط أردت إستماع ذلك من عندك . اتمنى ان تبقى في صحة جيدة إلى اللقاء ."
"الى اللقاء " قالها ذلك الملقب بجاكسون مودعا خاله بكل لباقة .
نظر لساعة أمامه  ليرى أنها تجاوزت منتصف الليل ليقول بخفوت " لقد تأخر الوقت  كثيرا " .
لا يعرف لماذا قال هذا لكنه تذكر إحدى الذكريات المحببة إليه و التي يتمنى أن لا تفقد من ذاكرته رغم كبر سنه في المستقبل ، فهي ما تجعله يناظل حتى يتشبث في هذه الحياة رغم معرفته بكلمات الاطباء والتي تتضمن فقط أنه في فترة الإحتضار .

حل الصباح على ذلك القصر ، لتبدأ الشمس تداعب بشرتها جاعلتا منها تتأفف من  الستائر المفتوحة .
شتمت نفسها ألاف الشتائم لتقوم بعدها من مكانها بعد ان سئمت من الوضع الذي هي فيه .
استقامت من مكانها ببطئ لتتجه بعدها للحمام حتى تقوم بما تفعله يوميا من أخد حمام ساخن حتى تستفيق من أثار النوم الى غسل أسنانها البيضاء كالثلج  التي وهبها لها الخالق و مشط شعرها الذي أخد من الليل سواده و من النخل طوله  لتنهي ذلك بلبس ملابسها مختلفة على عادتها في هذه السنوات التي مرة  لتكون عبارة عن فستان يصل لركبتاها مع حذاء يشبهان لون عينيها الخضراء .
نزلت السلالم التي تشبه خاصة القصور بزحارفها فكتورية العصر و تدريج ألوانها الذي تتراوح بين الذهبي و الاسود بكل أناقة و أنوثه  فهي تريد اليوم ان تبدا صفحة جديدة في ذلك الدفتر المملوء بالحزن ، تريد ان تعيش يومها كما لو ان أختها لم تتركها ذلك اليوم ، بأكمل وجه حتى تحقق كلمات توأمها الاخيرة التي كانت تتجلى في " لا تحزني فأنا سأكون داخلك ... في مكان ما في قلبك ." 
لفت انتباهها والدها النائم على الأريكة بشعره الذي يشبه خاصتها إلا أنه تخلخله الشيب ليزيده فقط رجولة و جاذبية لتبدا بمنادته بصوتها الشبيه بإحدى المقطوعات الخاصة ب "بيتهوفن " وهي تلعب بشعره كما كانت تفعل في الايام الخوالي " أبي ، استيقظ .." .
بدت علامات الانزعاج على وجهه الذكوري بتلك اللحية الخفيفة ليحاول ازالة ما يزعجه بيده ، لكنه تفوجئ بتلك النبرة المرحة ، ليقوم بفتح عينيه ببطئ كأنه لا يريد الاستيقاظ من هذا الحلم الجميل .
كانت تقف فوق رأسه وهي ترسم أكبر ابتسامة مشرقة رسمتها في حياتها لتقول و هي تنفت الهواء على غرتها المتساقطة " و أخيرا  .." .
لم تنهي حديثها بسبب قيامه من مكانه وعلامات التفاجئ على وجهه  ليتحدث بعدم تصديق " ميارا .... هذه أنتي ؟" .
"لا إنه خيالي ، أراد ان يلقي التحية عليك فقط " ردت عليه بمزاج .
ليهم بعد ذلك بمعانقتها وهو يقول " لقد عدتي ...لقد عدتي ، يا الهي !"
" الجروح تجبر ، و الطيور تطير مهما طال مكوتها حتى لو كانت بجناح مكسر . لذلك نعم يا والدي الحبيب لقد عدت ميارا القديمة ... حبيبتك الصغيرة " فصلت العناق بعد ان انهت حديثها معه ، لتجعل ذلك كأنه إعلان للعودة حتى تخوض حرب هذه الحياة. تاركة الحزن وراءها ، حتى تستطيع إكمال طريقها نحو الامام .
كان ينظر لها بحب و ثقة لانه يعرف الان أن أمنيته برؤية طفلته تصبح شابة راشدة تعرف ما تختاره في حياتها وما حدث ليلة أمس ، كان مجرد أبواب حتى تفتح له السعادة ، ليجعل الاصرار والعزيمة تولد داخله حتى يقاوم احتضاره ليرى فرحة ابنته و أحفاده في المستقبل .

-------------------------------


كيف هو الفصل ؟
هل أعجبكم ؟

😇😇

 

           

ثلاتة أمنياتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن