مراجعة رواية "رماد النفوس" للكاتبة مي الكردي.
******* ******** ******** ********* *******
الاسم جميل وجذاب وإن كان غامضا بعض الشيء ولكني وصلت لمغزاه عندما اقتربت الرواية من نهايتها..
الغلاف لا يفصح عن مكنون الرواية من الوهلة الأولى ولكنك تراه ملائما للأحداث عندما تنتهي من الرواية.
السرد جاء بفصحى راقية سلسة، تخللته أساليب وتعبيرات رائعة أجادت لكاتبة استخدامها، وتشبيهات بديعة توقفت أمام بعضها طويلا.. لم تحتو الرواية على تعبيرات فجة، ولا على كلمات غير معتادة اللهم إلا كلمة واحدة استوقفتني وجعلتني أبحث عنها في المعجم وهو أمر راقني كثيرا. فأنا كقارئة أحب اكتساب مفردات جديدة، وإن كنت أنفر من التقعر ومن تعمد إقحام كلمات وتعبيرات لا هدف من ورائها إلا إبراز تمكن الكاتب من إحكام سيطرته على اللغة، وهو خطأ لم تقع فيه الكاتبة.
الحوار جاء بالفصحى وهذا أيضا راقني بشدة.
رسمت الكاتبة الشخصيات بحرفية شديدة ، سواء كانت الشخصيات الرئيسية أو الثانوية منها.
أحببت ريم للغاية وتوحدت معها، أحسست بمعاناتها وبمحاولاتها المستميتة إثبات صحة منطقها ودفاعها باستبسال عم تؤمن به.
أعجبني خلق الكاتبة لشخصية رشا والتي جاءت على النقيض تماما من شخصية ريم وإن كان هناك ثمة تشابه بينهما فهو إدراك كلا منهما على حدا لزيف مشاعرها تجاه من ظنته حب العمر، وتفهمها بأن تلك المشاعر لم تكن صادقة وإنما برزت تحت وطأة الظروف.
هناك أيضا مالك بطل العمل والذي نجحت الكاتبة في أن ترسم لنا شخصيته فهو ذاك المتمرد الثائر على ضعفه وعلى وضع عائلته الاجتماعي المرموق.. الطيب الحنون الذي يفاجئنا في النصف الأخير من الرواية بما لم نكن نتوقعه منه. كذلك أدهم والذي أراه من وجهة نظري الوحيد الصادق مع نفسه طوال العمل والذي لم يحاول ولو لمرة واحدة أن يضفي على نفسه صفات لا يملكها.. وجدته شخصية منطقية يحمل بين جنباته الخير والشر ويحاول ترويض الوحش بداخله - بصدق- ليكون شخصا أفضل مما هو عليه.
سارت الرواية في نهر الزمن أماما وخلفا بسلاسة محببة، استطاعت الكاتبة الانتقال بين الماضي والحاضر بتوازن دون أن تصاب حبكتها بخلل ما، وتمكنت من التجول بين الأحداث بحرفية وأمعنت في الإمساك بزمامها دون أن تشعرني بالملل.. تناولت الكاتبة فترة ثورة يناير وما جاء بعدها من أحداث في إطار اجتماعي به جانب سياسي ألقى الضوء على فساد طبقة رجال الأعمال وعلى فساد بعض رجال الشرطة بجرأة تحسد عليها.
نقطة أخيرة أضيفها ككقارئة وكناشرة في ذات الوقت.. أحببت جودة العمل (كخامة وكإخراج داخلي وخارجي).
أخيرا.. شكرا للكاتبة مي الكردي على ساعات المتعة التي رافقتني طوال قراءتي للعمل..
شكرا على أن الرواية كانت كما توقعتها منها.. فأنا أعشق قلمها كقاصة وككاتبة خواطر، وها هي تثبت لي أنها روائية رائعة كذلك.
وأتمنى لها التوفيق في عملها القادم وأنتظره بشغف شديد.
أنت تقرأ
رماد النفوس
Romanceتشعر أنها لن تهدأ إلا إذا سكبت كل ما بها بين ذراعيه؛ ارتمت، وبكت؛ فاحتضنها بشوقٍ كأنه لم يمسسها من قبل، اشتاق تراب القمر، وبعد رحلة عذابٍ في فضاءٍ مُظلمٍ مجهول، رفع أعلامه بأرضه بعد عناءٍ وتِيهٍ... تجمدت كل مشاعره حين سمعها تحكي وتستفيض صدمتها بمالك...