الفصل الرابع

46 8 5
                                    

الحُلم غاية ، والواقع بلح ..
وقد كان ..
إذ أنهُ الآن يقفُ شامخًا ، بهيبةٍ غير مُعتادة ، لا تمت لهُ بصلة ، عاقدًا ذراعيه وطرفُ حذائهِ اللامع يدُبُ الأرضَ في حركاتٍ مُتكررة ، يُناظرُ من حوله بازدراءٍ اختلطَ بنظراتٍ مُحذرة بينما يناظروهُ بذعرٍ شديد ، كلٌ منهم يركض في اتجاهٍ مُختلف ، مُحاولين تنفيذَ أوامرهِ التي ألقاها لتوه ، فباتوا كخليةِ نحلٍ عملُها لا ينضب ..

هُنا وهُناك ، أجسادٌ تتحرك ، أصواتٌ تعلو ، دبيبُ أقدامٍ لا ينقطع ، وطَرقات يصدحُ صوتُها لينتفض ، يتلَفَّت حولهُ ويندهش ، يُحاولُ استيعابَ ما يحدث ، وليتهُ لم يستعب ، إذ أن الحُلمَ تبخر ، وها قد اصتدمَ بالــ ' بلح ' ..

" كبسااااه ، كبسااااه ، " .. صوتٌ صدحَ واخترقَ أُذنَه من اللاشيء ليبتلعَ بصعوبةٍ بينما يُرهف السمْعَ أكثر ، ولم يحتج أكثرَ من ذلك حتى يُدرك ما يحدث ، وينتفضُ جاذبًا قميصه ولسانُ حاله يهتف .. " آه يا حوستي السودا يانا ياما ، آه يا حوستي السودا يانا ياما . "

أسرعَ للباب يفتحهُ برويةٍ وكُله أمل أن يكونَ نائمًا ، لازالَ في حلمِهِ واقع ، ولكن الأمر واضح لا يحتاجُ لشرحٍ ، فأمامهُ يُساقُ الكثيرين بواسطةِ أفراد الشرطة ، واكتملت الحقيقة وظهرت كشمسِ الصيفِ في كبدِ السماء ..

" فُندق مشبوه ، كملت يا فاروق ، " .. همسَ لنفسهِ قبلَ أن يُغلق الباب ويستندُ عليهِ بظهرهِ وعقله يعملُ في جميع الاتجاهات ..
ماذا سيفعل ، وكيف سينجو من هؤلاء ؟!
فقد انطبقَ عليه المثل المشهور ' المتعوس متعوس حتى لو علقوا على دماغه فانوس . '

تعالت أنفاسه عندما سمعَ وقعَ خطواتٍ سريع فهمس لاطمًا وجهه .. " يا خيبتك يا فاروق ، يا ميلة بختك يا فاروق ، هايبعتوك لعز الدين بالبوكسر . "

وازداد وازداد بينما يستأنف .. " يا شماتة أبلة طاظا فيا ، يا شماتك يا عزت يا ابن ستيتة فيا . "

ووسطَ نواحه المتواصل وصرخات الآخرينَ من الخارج وقعت عيناهُ على الشرفةِ المفتوحة وقد هداهُ عقله سريعًا إلى القفزِ منها ، فلا سبيل إلا هذا و ' رزقه على الله . '

تحركَ سريعًا مُتخطيًا السور وطرْفُ قدمه يبحث عن فجوةٍ أو بروز ليستخدمه في القفز والوصول إلى تلك ' المواسير ' والتي تُمثل لهُ حبل النجاة ..

حسنًا ، هو يبدو كــ ' حرامي غسيل ' ولكن بالنسبةِ إليهِ هذا أفضل من فضيحة القبض عليهِ في فندقٍ مشبوه ..

تمسَّك بطرفها بأقصى قوةٍ بينما ينقل قدميهِ خُطوة وراء خُطوة ، يحثُه على المُضي قدمًا صورة ' السيد عزت ' الذي يتراقص أمامه الآن شماتةً بهِ ..

لم يلتفت إلى ملابسه التي تمزقت وتلكَ الجروح التي انتشرت على كفيهِ وساعديهِ فأمامه هدف يجب أن يصل إليهِ ، فأسرعَ وأسرعَ وقبلَ أن تطأ قدمه الأرض استمعَ إلى شخصٍ ما يبدو كأحدِ مُخبري الشرطة .. " اثبت ياض مكانك ، اثبت يا ابن الـــ ' وتيييييييييييت ' سيلٌ من  ألفاظٍ رائعة ، لم يُعيرها فاروق انتباهًا ' وخد ديله في سنانه وقال يا فكيك . '

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jun 13, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

فَارُوق المَزنُوقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن