*وهذا يدل على مرض في القلب، وانتصار للنفس، وعدم رغبة في ظهور الحق او تقبله من الاخرين.*و الثرثار كثير التعدي على الآخرين واحتقارهم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:« المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» [متفق عليه]
ولذلك أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بحفظ اللسان وعدم استخدامه إلا في ما يفيد ويجلب الخير لصاحبه وللناس
*فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله ! ما النجاة ؟ قال :« أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، و إبك على خطيئتك »
[رواه أبوداود و الترمذي و قال الألباني: صحيح لغيره]*و قال صلى الله عليه وسلم :« طوبى لمن ملك لسانه ووسعه بيته، وبكى على خطيئته »
[رواه الطبراني و قال الألباني:حسن لغيره]*و أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من ضبط كلامه و حفظ لسانه فاز بجنة ربه، فقال صلى الله عليه وسلم :«من يضمن لي ما بين لحييه، و ما بين رجليه أضمن له الجنة» [رواه البخاري]
وقوله «لحييه» تثنية «لحي» وهما العظمان في جانبي الفم، والمراد بما بينهما :اللسان*وقال صلى الله عليه وسلم :«من وقاه الله شر ما بين لحييه وشر ما بين رجليه دخل الجنة»
[رواه الترمذي و حسنه]*و قد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن خروج اللسان عن حد الصحة وتجاوزه الضوابط الشرعية للكلام يدل على مرض القلب وضعف الايمان، وهذا يبين علاقة الظاهر بالباطن، وأن الإيمان قول وعمل، يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان.
قال عليه الصلاه والسلام :« لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه » [رواه أحمد و حسنه الألباني]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:« من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت »
[متفق عليه]*وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه:« الا اخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟» قلت: بلى يا رسول الله ! قال :«رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد ». ثم قال :«الا اخبرك بملاك ذلك كله ؟» قلت: بلى يا رسول الله ! قال:« كف عليك هذا » وأشار الى لسانه. قلت : يا نبي الله ! وانا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال:« ثكلتك امك، وهل يكب الناس في النار على وجوههم - او قال على مناخرهم - الا حصائد السنتهم» [رواه احمد والترمذي وقال:حسن صحيح]
*وبلغ من خطورة اللسان ان الأعضاء كلها تظهر عجزها امامه، وتبين انها تابعة له، منساقة وراءه في الخير والشر، ولذلك فإنها تأمره بالتقوى والإستقامة. قال النبي صلى الله عليه وسلم:« اذا اصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان فتقول: اتق الله فينا، فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وان اعوججت اعوججنا»
[رواه الترمذي وحسنه الالباني]*وربما ظن الثرثار أن كلامه لا ضرر من وراءه، و قد يكون فيه الهلاك وهو لا يدري، يدل على ذلك قوله :«إن العبد ليتكلم بكلمة ما يتبن فيها، يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق و المغرب» [متفق عليه] هذا في كلمة واحدة، فكيف بالثرثار الذي لا يكف عن الكلام أبدا ؟!
*ولو تدبر الثرثار أمره لعمل على نجاة نفسه بالصمت و ترك الخوض فيما لا يحسن، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«من صمت نجا»
[رواه الترمذي و صححه الألباني]*و قال :«من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»
[رواه الترمذي وقال الألباني: حسن لغيره]*و الثرثار يتكلم فيما يعنيه وفيما لا يعنيه، وهو أيضاً يعتمد في حديثه على القيل والقال و الإشاعات والظنون الكاذبة،
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:« إن الله كره لكم ثلاثا : قيل وقال، وإضاعة المال وكثرة السؤال [متفق عليه]
*فيا أخي المسلم ! اذا كان اللسان بهذه الخطورة فحري بك ان تنتبه لذلك، وأن لا تتكلم إلا فيما يعنيك، ولا تتكلم فيما يعنيك إلا بالحق والعدل والمعروف، ولا تخض في غير فنك، وكن مستمعا جيدا، فإن لك أذنين ولسانا واحدا.