لا تكن ثرثارا (3)

20 2 0
                                    

الثرثرة وكثرة الكلام

 
الثَّرّثَرةْ: كثرة الأَكل والكلام في تخليط وترديد.[1]

الثَّرْثرةُ مِنْ آفَاتِ اللِّسَانِ التي يقع فيها كثير من الناس، وقَلَّ مَنْ يسلم منها، ومع ذلك فهي من أخطر آفات اللسان على صـاحبها، فالثرثار من أبغض الناس لقلب النبي صلى الله عليه وسلم وهو كذلك من أبعد الناس عن مجلس النبي صلى الله عليه وسلم.

والثَّرْثَرَةُ مِنْ أسباب دخول النار، وسبب قسوة القلب، وسقوط صاحبها من أعين الناس وقلة هيبته، ودليل قلة العقل، والبعد عن الإيمان.

الثَّرْثَارُونَ أَبْغَضُ الناس لقلب النبي صلى الله عليه وسلم وَأَبْعَدهم مِنْ مَجْلِسِه يَوْمَ الْقِيَامَةِ:

أما دليل كون الثرثار من أبغض الناس لقلب النبي صلى الله عليه وسلم و من أبعد الناس عن مجلس النبي صلى الله عليه وسلم ما روي عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّه ِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَىَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّى مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاَقًا وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَىَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّى مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ وَالْمُتَفَيْهِقُونَ". قَالُوا يَارَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ قَالَ: "الْمُتَكَبِّرُونَ".[2]

الثَّرْثَرَةُ مِنْ أسْبَابِ قَسْوَةِ القَلْبِ:

عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لاَ تُكْثِرُوا الْكَلاَمَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْكَلاَمِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ قَسْوَةٌ لِلْقَلْبِ وَإِنَّ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ الْقَلْبُ الْقَاسِي".[3]

وإنما كان الكلام بغير ذكر الله تعالى قسوة للقلب لأن القلب لا يلين إلا بذكر الله تعالى كما قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾.[4]

فذكر الله تعالى هو غذاء القلب، ومصدر قوته، وترياقه الشافي له من الشهوات والشبهات، وبل هو حياة القلب، فإذا انقطع ذلك عنه ضعف القلب وتمكنت منه أمراض الشهوات والشبهات فقسى، فاستحق البعد عن رحمة الله تعالى، أعاذنا الله من الخزي والخذلان.

وروى مَالِك أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَانَ: "يَقُولُ لَا تُكْثِرُوا الْكَلَامَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ فَإِنَّ الْقَلْبَ الْقَاسِيَ بَعِيدٌ مِنْ اللَّهِ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ. وَلَا تَنْظُرُوا فِي ذُنُوبِ النَّاسِ كَأَنَّكُمْ أَرْبَابٌ وَانْظُرُوا فِي ذُنُوبِكُمْ كَأَنَّكُمْ عَبِيدٌ فَإِنَّمَا النَّاسُ مُبْتَلًى وَمُعَافًى فَارْحَمُوا أَهْلَ الْبَلَاءِ وَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَى الْعَافِيَةِ".[5]

لا تكن ثرثارا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن