طريق الأجيال#

اليوم الأول

مدرسة طريق الأجيال النموذجية الإبتدائية
خُطت هذه الجملة التعريفية على الجزء العلوي من جدار المدرسة فوق الممر المؤدي للإدارة بالتحديد

أستاذ جليل في يومه الأول يقف أمام باب المدرسة إحتل الصدأ أجزاء كثيرة فيه حتى سقطت منه أجزاء
-يبدوا أن حال الباب كحالي حديث العهد لكنه يتآكل مبكراً
وقف لبرهه
-هل هناك جرسٌ ما أم أصرخ عالياً مُعلِماً عن قدومي، وماذا أصرخ بالتحديد؟، أخشى لو طرقت على الباب فيسقط لتعاسته.(محدثاً نفسه...

-تفضل يا أخي، هل تنتظر شخصاً (رجل كبير بالسن جاء من الجانب
-أهلاً، أنا أستاذ جديد وهنا يومي الأول أتيت لأستلم واجباتي
-واجباتك؟! الطلاب من يحصل على الواجبات وأنت تعطي الواجبات
-نحن المعلمين لدينا الواجبات تجاه الطلاب أما هم فلهم حقوقهم في التعليم وليست واجبات
-مع أني لا أعرف في التعليم شيئاً لكن من حسب فهمي من خلال عملي في مدرسة.... أرجح أنك قد تكون المعلم الوحيد الذي يفهم في التعليم..... ربما ( يدفع الباب بقوة..

تقدمت داخل المدرسة من مسافة يقف رجلين ونحن كمعلمين نستطيع التمييز... بالتحديد إنهما المدير ونائبه
نظرا إلي وتشاورا لا أدري

تقدم نحوي الرجل الأصلع القصير قليلاً مع بنيته الضخمة
يحرك قدميه بهمة، إنه نائب المدير بالتحديد وعلى إعتبار أني لم أعرف من يكون
أستبق الكلام وأعرف عن نفسي...
-السلام عليكم...أنا أستاذ جليل عبد الكريم المعلم الجديد هنا في يومي الأول... أين أجد المدير؟

لم يجبني... وقف قربي ورفع بنظره إلى باب المدرسه منادياً
-ما هذا الإنفلات أبا سعدون، لا تكررها في المرة الثانية، إعلمنا من يحضر قبل أن تدخله (بحرقة مفتعلة ليبدو على انه شرس ...
إلتفت إلي...
-عذراً منك لكن هذا إنفلات وظيفي من أبا سعدون، يجب أن يعلمنا أولاً من القادم، حتى لو كان مشرف تربوي من الوزارة، نحن هنا لا نتغافل عن إي إنفلات،
-حسناً هذا جيد من قبل الإدارة
-أنظر... المدير منزعج من تأخرك اليوم، فهو يعتبر بأن هذا إنفلات وظيفي ولا يقبل به، أنا أخبرته بأنك جديد هنا وسوف يتجاوز الأمر( يقترب من وجهي ويتحدث بصوت واطئ وكأنه يخبرني لغزاً ما
حسناً... شكراً لك
"-لقد كرر كلمة إنفلات في حديثه حتى أن من يسمعه سينسى  كل شيء وتطبع كلمة إنفلات فقط في رأسه...

تقدمت نحو المدير...
-السلام عليكم... أستاذ
-وعليكم السلام أستاذ جليل... أتيت متأخراً وهذا غير مقبول، خذ الآن حصة لصف المرحلة الرابعة أ، سيرشدك أستاذ عجيل إلى الصف،
حسناً...
"-ما هذا! لقد هجم علي بمرتدة أسقطت لساني، لكن ذكره لأسمي وأستعداده لحصتي اثار إعجابي بذلك أقول أنه في مركزه المناسب كمدير.
أما أستاذ عجيل، ...حسناً يبدوا أسمه ملائماً لهيئته ووظيفته حسب وجهة نظري
أوصلني أستاذ عجيل إلى القاعة الدراسية
-أخبرتك أنه حازم ولا يرضى بالإنفلات (ورحل ...
"-أستاذ إنفلات، أظن بأن هذا الأسم أكثر ملائمة

-قياااام... (صبي نحيل طويل... يميز إليك كأنه سيبلغ السقف بطوله
"حسناً أمزح ليس بهذا الطول، لكنه طويل نسبياً مع زملائه فواضح أنه أطول منهم.."

نهض الطلاب لي
-السلام عليكم... كيف حالكم؟
-وعليكم السلام...
لاحظت أن أحد الطلاب لم يقف -في هذه الحالة علي توبيخه أو طرده... شيء من هذا القبيل
لكن.. في الحقيقة لا مزاج لدي لهذا الهراء سواء قام أم لا... انا هنا في عملي أعطي الدروس فقط
-جلوس
جلس الطلاب ويبدوا انهم إستهانو بتغافلي عن الولد
شعرت بذلك كأنها نقطة على ضعفي يلتفون على الولد وكأنه إنتصر في شيء
أخذت وهله صامتاً.. هل أصرخ به. أطرده. أم أسكت . هل أقول بضع كلمات حكيمة أو درس عن الأدب تبعاً لما فعله الولد....
سأسكت كأن شيئاً لم يحدث
هذا أيضاً سيسبب مشكلة لأن الولد كأنه لمس شيئاً ضعيفاً وقد يكرر الأمر ويتجاوز أكثر من ذلك...

في النهاية فكرت أن أتصرف فيما بعد لأني كنت صغيراً وكان لنا طيشاً وإذا عاقبنا المعلم بشدة كرهنا الدرس

أكملت الدرس لخمس وثلاثين دقيقة كنت قد تأخرت بضع دقائق
عرفت عن نفسي للطلاب... وأستهلت ببعض الأوليات الضرورية لفهم المرحلة الدراسية بالكامل
-أنا معلم جديد هنا أعرفكم عن نفسي" أستاذ جليل كريم"
رحبوا بي. بعضهم لمحت الأدب فيهم والبعض ربما لم يتعلموا الأحترام بشكل جيد. من يفرغ نفسه ليعلم ولده الأدب والإحترام
لم يعد الأب يهتم لأخلاق ولده ولم تعد الأم تتفرغ لتربيتهم بشكل جيد
الجميع صار مشغول بمتطلبات الحياة وصعوبتها الزمن يأخذنا للأسوء
أو ربما نحن من نأخذ الزمن للأسوء

ذلك الولد أسمه عبد الله كان مزعجاً بشدة لقد سخر من الدرس بضعة مرات وتمادى حتى تمنيت لو ينتهي الدرس بسرعة
أحب أن أحفظ كرامتي ولا أواجه ولداً
ضحك أثناء الدرس بلا سبب
عندما أدير وجهي يصفر وتتعالى بعض ضحكات زملائه