أقفُ ساكنًا خلفك منذ شهور لا تراني ولا تمّيزني مُقيمًا في الدور السادس يا مغرور ، أرايت نتشارك نفس الدورة ومع ذلك أقدامك لا تطئُني ، وتتظاهر إذاً بأنك صاحب الفضل في القنبلةِ التي رميت في عمق البحور ؟ مالك إذن لا تواجهنِ؟
أتخشى " السيزيوم " المشهور ؟ وتخشى أشعة الإنتروسكوب التي تحملني ؟
أتخشى من طاقة خليتي الضوئية وساعاتي الذهبية الذرية ؟
أنا " السيزيوم " وما أدراك من أكون أنا أكبر من أن أوصف بحروفٍ أبجدية ، أنا رفيق السبائك وأنتمي إلى الفلزات القلوية
نشطٌ سريع الغضبِ ورغم قوتي أنصهر بسرعة إذا ما لامستني أيادي بشرية .
- فلتصمت يا عزيزي المشهور وإن كنا رفقاء دورةِ واحده هل يعني هذا أن قدراتنا ثابتة ؟
أنت المنصهرُ الضعيف النادر وأنا الفلز الإنتقالي الصامد أنا أصل النيترونات وأصل الأشعةِ والتفاعلات ، أنا الإنفجار وأنت وأبناء مجموعتك الحطام الذي اتركهٌ خلفي لا أخشى انتروسكوبًا سخيفًا يكشفُ باطن الأرض التي أستطيع تفجيرها وحدي !
أنا مفتاحُ عجلةِ القنابل الإندماجية أنا الدمار القاضي على كل ساعاتك الذرية ..
فلتحذر يا عزيزي " السيزيوم " وإن كانت لا تكفي لوصفكَ الأبجدية فلا تكفيني لا الأعجمية ولا العبرية ولا أي لغةِ أجنبية تسدُ طاقتي وتكتبُ بحروفها أعمالي الإجرامية ..
أنا " الزئبق " ولترتعد حين تقرأ اسمي ، فطاقتي لم تكتفِ بشيئًا بل شملت جمادًا وإ
نسًا وجنيًا ..ويحك ما أقبحك ! كيف تتفاخرُ بالقضاء على السلسة البشرية ؟
قوتكَ التي تفخر بها ستنتهي يومًا أم أنك تدّعي الأبدية ؟
ويحك كم أحزنتني لذكرك لقنابلك وتذكيري بمساهماتك في الحروب السوفيتية ؟
أنسيت يارفيق دورتي محاسنك وإيجابياتك الصناعية ؟
أنسيت كيف خففت ألم الطفل الصغير حين صنعوا منك حشوةَ أسنانِ طبية ؟
تغافلتَ عن وجودك المهم في داخل أنبوبة الثيرمومتِر ، ما أغربك أيظهرُ عنصرًا طبيعيًا السوء وجانبهُ الجيد سُتِر؟
- لا تطل كلامك وانتظر !
أعلم من أكون جيدًا ولا أنتظر من عنصرٍ نادرٍا مثلك أن يُعرّفَ عنصرًا قد عُرِف !
لا ذنب لي في استخدام البشر لي , لستُ سوى عنصرٍ من حرفينٍ بداخل مربع مضطجر فوقي الكادميوم الذي يثرثر ليلًا ونهارا وعن يميني الذهبُ المزدهر !
لا أعلم بماذا يخلطوني وأين يضعوني حتى أنفجر ! لا ذنب لي لا ذنب !
اقسم لك لو انه بيدي لرأيتني بالخير انغمر ، لا تسألني ماذا يُصنع بي اسألني هل يمكنني إبطال انفجارا وأنا في الحروبِ قد ولدت ؟
لا حيلة لي في طبيعتي أنا الزئبق المنفجر وانت السيزيوم المنصهر ...
كتابة : مريم يوسف الحربي