الفصل الثاني :
شهقت بخضة واتسعت مقلتيها بدهشة :
_ ماذا ؟
لم يرد عليها واكتفي بالنظر لها ثم حيد بأنظاره عنها وعاد لمشاهدة أمواج البحر
استطردت ورد قائلة باعتراض بعدما أمسكت بيده :
_ هذا لا يجوز يا ابي ، لا يصح أن تتركهم هكذا
أجابها ببرود :
_ وماذا يمكنني أن أفعل لهم ؟
_ فعل الكثير ، أنت تستطيع بالتأكيد أن تعطي البنك أمواله وبذلك
قاطعها بتحشرج :
_ ومن أين ادفع أموال القرض ؟ أنه كبير كما تعرفين
_ ابي توقف عن هذا ، انا أعلم جيداً انك تقدر علي دفع القرض نيابة عنهم
_ وانا لن أفعل هذا
صاحت بغضب :
_ لماذا ؟
نهض عن كرسيه اخيرا واستطرد بنبرة غامضة قبل أن يتركها ويغادر :
_ اعطيتهم اموالهم من قبل و اعتقدت أنهم سيتحملون المسئولية وانظري الي ما فعلوه ، والآن تريدين أن اعطيهم أموالي ، لا لن افعل هذا ابدا
تأففت بضيق ونهضت هي الأخرى واستطردت بتعجل :
_ حسنا ابي لا تساعدهم انت ، انا سوف اساعدهم
_ إذ فعلت هذا سأنسي انك ابنتي
رحل وتركها في حيرة ..
تناظره وهو يبتعد بحاجبين معقدين لا تفهم كيف يفكر ؟ ولا ماذا سيجني عندما يفعل هذا ؟ والده كان غامض دائماً وسيظل هكذا ..
زفرت بضيق وقالت :
_ هناك شيء ما يدور في عقلك يا ابي ويجب أن اعلم ما هو
بدأت في الالحاق به ، وهي تكرر محاولاتها في إقناعه ..
*****
دلف إلي المنزل بخطوات ثقيلة ، وزع بصره علي المكان بنظرة حزينة ، المنزل دونها كأنه صحراء ، هادئ للغاية ، تأفف بضيق واستطرد بصوت خافت :
_ كيف أتتك القدرة لتركي وحيداً ؟
تذكر عندما استيقظ في الصباح ولم يجيدها الي جواره ، فزع في بادئ الأمر فهي أصبحت متغيرة كثيراً بعد وفاة طفلهما ، وظن أنها ربما تكون في الاسفل تحضر الافطار ، فنهض من مكانه بتكاسل ودلف إلي المرحاض وعندما خرج وتوجه الي الخزانة كي يقتني ملابسه ويستعد للذهاب الي العمل ، الجمته الصدمة حين وجد الخزانة شاغرة من ملابسها ، لم يشعر بنفسه إلا وهو يبدل ملابسه بسرعة وخرج من المنزل ، متجهاً الي منزل السيد شريف فهي بالتأكيد ذهبت الي هناك ، فليس لديها احد آخر غيره هنا ...
_ أكرم أين كنت ؟
آفاق من ذكرياته علي صوت شقيقته التي هبطت الدرج للتو ، كانت تبدو قلقة للغاية عندما اقتربت منه مسرعة
لم يرد عليها اكتفي بالنظر لها بحزن ، فاستطردت هي بقلق :
_ أكرم ماذا هناك ؟ وأين فريدة ؟
أجابها بصوت متقطع :
_ كنت .. بالخارج
ارتفع حاجبيها قليلاً ثم تساءلت في توجس :
_ اكرم ماذا حدث ؟
تخطاها واتجه الي اقرب أريكة إليه ، فاتجهت له وتساءلت مرة أخري بقلق :
_ ماذا هناك أكرم ؟
_ حضري لي كوب قهوه أشعر بالتعب
بادئ الامتعاض واضحاً علي وجهها وكانت علي وشك سؤاله مجدداً ، فاستطرد هو بضيق :
_ بسرعة بلسم
هزت رأسها علي مضض واتجهت الي الداخل بسرعة لتحضر له كوب القهوة ، وعندما عادت أخبرها باختصار أن فريدة قد تركت المنزل ، وعندما حاولت عرض المساعدة والتحدث معها منعها أكرم وطلب منها أن تدعها يومان حتي ترتاح قليلاً ثم تركها وصعد إلي الأعلى ..
ما أن تأكدت من صعود شقيقها الي الأعلى حتي أمسكت هاتفها بسرعة وقامت بالاتصال بفريدة ، تجاهلت ما قاله شقيقها ..
انتظرت عدة دقائق حتي استمعت ألي صوت من الجهة الأخرى يقول :
_ مرحباً بلسم
لم تكن فريدة بالطبع كانت آسية ، عرفتها بلسم في الحال ، فقالت :
_ مرحباً آسية ، كيف حالك ِ ؟
_ بخير وأنت ؟
_ حمد الله
عما الصمت بينهم حتي قالت آسية :
_ فريدة متعبة لذلك ردت انا نيابة عنها
_ كنت اريد الاطمئنان عليها فحسب
_ اعلم عزيزتي ، عندما تصبح في حالة أحسن سوف أجعلها تتصل بك
استطردت بلسم قائلة :
_ حسنا ، اخبريها أن اكرم يحبها كثيرا ولن يقدر علي العيش دونها
اجابتها آسية بتحشرج :
_ سأخبرها لا تقلق
انهت بلسم الاتصال بتذمر ، كانت تريد أن تضغط علي فريدة كي تعود لشقيقها ، في متأكدة أن شقيقها لن يقدر علي العيش دون زوجته دقيقة واحده وليس يومان ، انتابها التوجس من أن ترفض فريدة العودة الي هنا مجددا ..
هتفت بصوت خافت :
_ أصلح بينهما يا الله ..
*****
استفاق أسر من النوم علي صوت هاتفه الذي لم يتوقف عن الرنين ، زفر بحده وتساءل بدهشة فمن من الممكن أن يتصل به ، نظر إلي الساعة التي تعلوا الحائط قبل أن يمسك هاتفه ، فوجدها تشير الي الثانية ظهراً ، انعقد حاجبيه باستغراب عندما رأي اسم المتصل ، وقام بالرد بسرعة
_ مرحباً سيدي
_ أهلا بعودتك الي الإسكندرية يا ولدي
ابتسم أسر قبل أن يردد بنبرة هادئة :
_ لا شيء يخفي عليك كالعادة
استمع الى صوته قهقهته ثم صوته حين قال :
_ كل شيء عن أبنائي يجب أن أعلمه
ابتسم مجدداً ، وتساءل :
_ كيف حالك الآن ؟
_ بخير بني لن أسألك عن حالك ، فسوف اعرف بنفسي عندما تأتي لي ، هيا انا انتظرك لتتناول الغداء معي
كان سيعترض فلم يعطيه فرصة وانهي الاتصال ، حرك رأسه يائسا ونهض من مكانه كي يستعد للذهاب الي السيد نبيل ، جد كلا من معتز و أيهم ، دائما ما كان يعتبره مثل معتز وأيهم .. لم يكن يفرق بينهم ، يعامله كأنه من صلبه ، ابتسم أسر عندما تذكر تلك اللحظات التي جمعته مع السيد نبيل ، دائما ما كان يشعره بأنه والده ..
خرج من المنزل بعدما استعاد ، قرر السير لأن المسافة قريبة للغاية ، كم أنه لم يستلم سيارته الجديدة بعد ..
بعد عدة دقائق أصبح علي بعد عدة خطوات من منزل السيد نبيل وقبل أن يخطو خطوته التالية ، اصطدم بجسد هزيل ، تراجع خطوة للخلف ونظر الي التي اصطدم بها ، فتاة بوجهه شديد البياض ترتدي ملابس سوداء ، انعقد حاجبيه قليلا ثم استطرد بأسف :
_ اعتذر لم أكن أقصد
اكتفت بتحريك رأسها كأنها تقول له " لا عليك " ، لم تنتظر لوهلة أخري ورحلت بسرعة باتجاه ذلك المنزل الذي يجاور منزل السيد نبيل ..
كان يراقبها وهي تبتعد بنظرة إعجاب ، ثم أنتبه لذاته فحمحم بحرج واتجه بسرعة الي منزل السيد نبيل ..
*****
أغلقت الباب خلفها واتجهت الي الداخل ، وما أن رأت والدها جالس أمام التلفاز ، حتي استطردت بنبرة مرحة :
_ لقد أتيت
حيد بأنظاره عم التلفاز وناظرها ، ثم قال :
_ لم تتأخري كثيراً
رفعت يدها التي كانت تحمل بها الكيس البلاستيكي واستطردت :
_ أحضرت الدواء وعدت بسرعة
نهض شريف من مكانه واخذ الدواء ، واستطرد بامتنان :
_ لم يكن هناك داع ٍ كنت سأذهب أنا
_ كنت متعب فذهبت انا بدلاً عنك دعك من هذا الآن ، الأهم هو أن تأخذ الدواء بسرعة ثم تخلد الي النوم حتي تشعر بالراحة
ربت علي رأسها برفق وابتسم فأمسكت يده وقامت بتقبيلها ..
اتجهت بعد ذلك إلي شقيقتها التي لا تزال منعزلة منذ قدومها ، تذكرت عندما تفاجأت بها في الصباح الباكر وهي تحمل حقيبة ملابسها وتبكي ، انتابها التوجس من أن يكون حدث شيء ما ، أو تشاجرت مجددا مع أكرم ..
كانت شاردة فلم تشعر بشقيقتها التي جلست جوارها للتو
لم تحب آسية أن تزعجها فاكتفت بالجلوس الي جوارها ، ولم تصدر أي صوت ..
مرت عدة دقائق ، حتي استطردت فريدة :
_ كان جميلا للغاية
بالتأكيد تتحدث عن صغيرها سيف ، الذي فجعه الموت بطريقة مؤلمة ، ذلك الصغير الذي أحبته أكثر من نفسها ، كأنه ابنها هي لا ابن شقيقتها ، تألمت لفقدانه كثيراً ، تساءلت إذ كانت هي خالته وتشعر هكذا فماذا عن أمه التي تعلقت به للغاية ، لم تكن بحاجة للبحث كثيراً فالإجابة أمامها .. مضي أكثر من شهر ونصف وتحرك الجميع قدما عداها هي لا تزال في مكانها ..
استعمت الي صوتها مجددا حين قالت قبل أن تجهش في البكاء :
_ قتل صغيري .. قال لي أنه لا أريده ، قام بقتله يا آسية قام بقتله
احتضنتها آسية بقوة ، واكتفت بمشاركتها في البكاء ..
*****
تأفف بضيق ونظر إلي ابنه عمه ، وقال بغضب :
_ توقف عن التذمر مثل الأطفال
_ يا اخي اقول لك جوعان .. جوعان إلا تشعر بي
استطرد من بين اسنانه وعيناه تقدح الشرار :
_ أيهم توقف عن التذمر ، قلت لك سنصل بعد قليلاً يمكنك تناول الطعام في منزل جدك
أردف أيهم بصوت خافت :
_ بصراحة أنا لست ُ مطمئن لهذه المقابلة من الأساس ..
زفر معتز بحنق واوقف السيارة علي جانب الطريق بجوار أحد المطاعم ..
نزل أيهم بسرعة من السيارة وقبل أن يتحرك نظر إلي معتز الذي لا يزال جالس مكانه ، استطرد بتساؤل :
_ الن تنزل معي ؟
أجابه معتز بغضب :
_ لا ، والافضل لك ان تنتهي خلال خمس دقائق وإلا ستركك واذهب
قال بصوت خافت بالكاد يكون سمعه :
_ سيكون خير ما فعلته في حياتك يا راجل
ارتفع حاجبيه عندما راي فكيه يتحركان لكنه لا يسمع شيء ، واستطرد :
_ ماذا تقول ؟
_ لا شيء لن أتأخر ..
تركه أيهم ودلف إلي المطعم بسرعة وبقي معتز جالس بالسيارة يعبث بهاتفه قليلاً ..
مرت عدة دقائق حتي تفاجأ معتز بتلك التي تقف بجوار الشباك المجاور له ، وتنظر إليه لوهلة اعتقد انها تنظر إليه لكن سرعان ما تذكر ان زجاج السيارة ، يستطيع يري من بالخارج ولا يحدث العكس ، تأفف بضيق فهي تظن أن لا أحد بالسيارة .. قرر إلا يعيرها انتباهه وتجاهلها حتي تنتهي مما تفعل ، قبل أن يحسم قراره هذا قرر أن يفتح الزجاج لتعلم هذه السخيفة أن هناك من بالسيارة ، لكن تراجع عن هذا فلم يحب أن يحرجها ..
مرت دقيقة ولم يفكر في النظر إليها ليري ماذا تفعل ، وبعد مرور دقيقة أخري ظن أنها قد رحلت فنظر .. حتي اتسعت حدقتيه بدهشة وفرغ فمه ، تلك المجنونة قد نزعت حجابها وتعيد ترتيب خصلات شعرها الآن ، لم تكتفي بهذا فحسب قامت بنزع ذلك الجاكيت الجلدي ، هناك المزيد .. اخرجت بعض الأشياء من حقيبتها يبدو أنها عدة الميك اب الخاصة بها ، بدأت في تزين وجهها ، ومعتز قابع خلف الزجاج يناظرها بأعين متسعة وفم يكاد يصل الي الأرض ، تساءل بدهشة كيف لفتاة أن تفعل هذا في الشارع ؟ أمام الجميع كهذا ؟..
تنفس الصعداء عندما غادرت ثم فتح الزجاج ، ونظر في المرآة الجانبية فوجد الشارع خال ٍ من المارة ، ضرب كف بكف ثم استطرد :
_ دي أكيد مجنونة ..
عاد ايهم وما أن ركب الي جواره حتي لاحظ الارتباك الواضح علي وجهه معتز ، فسأله :
_ ماذا هناك معتز ؟
فكر في معتز في أن يخبره بما حدث لكن تراجع عن هذا وبدأ في تحريك السيارة بعدما إجابة بتحشرج :
_ لا شيء ..
*****
قبل عدة دقائق ..
تأففت بضيق وهي تحاول نزع هذا الجاكيت ، توقفت عن السير ثم نظرت إلي الخلف فلم تجد أحد .. اخذت تلتفت حولها عدة مرات حتي تأكدت من خلوا الشارع ، واقتربت من تلك السيارة التي تقف علي جانب الطريق ، ثم نزعت الجاكيت وأخذت تعدل ملابسها ، ثم نزعت حجابها وترتبت خصلات شعرها ، وأخرجت أدوات التبرج الخاصة بها ، اخذت تزين وجهها حتي زادت جمالاً ..
استطردت لذاتها بتحد ٍ :
_ حان الوقت سمارا ، ستبدأ المعركة الآن
ثم رحلت بسرعة متجهة إلي مقر عملها ، لتثبت لذلك الاحمق أنها خسر واستبدالها بصديقتها الأقل جمالاً منها ..
عندما دلفت الي داخل المكتب الذي تتشاركه معه ومع صديقتها واثنين آخرين من زملائهم ، وجدت المكتب شبه شاغر عدا منه هو وتلك الغبية ، التي كانت تجلس أمامه علي المكتب ويتحدثان بصوت خافت ، لم تعيرهم انتباه ورفعت ذقنها بكبرياء واتجهت الي مكانها القريب منهما ..
انتبه الإثنين لها فبادر هو بالكلام ..
_ صباح الخير سمارا
لم ترد في الحال بل انتظرت لوهلة ثم استطردت بجفاء :
_ صباح الخير
استطردت صديقتها بحنق :
_ تأخرت اليوم كثيراً عن العادة
رمقتها سمارا باستعلاء ولم ترد ، ثم حيدت بأنظارها عنها وعادت للنظر إلي الأوراق أمامها ..
فتحت فمها لتقول شيء ما فتراجعت عن هذا عندما استمعت ألي صوت هاتفها الذي يرن ، وجدت المتصل والدها فتركتهم وخرجت لترد عليه ..
مرت دقيقة وهو ينظر لها بغضب ، ثم تأفف ضيق واستطرد :
_ كفاك ِ سمارا
رفعت رأسها وقد انعقد حاجبيها ، واستطردت :
_ ماذا ؟
_ هيا سمارا توقف ِ عن هذا الدور فهو غير لائق بك ِ
رددت بغضب :
_ نعم !!
_ اعترف ِ هيا انك لا تقدرين علي العيش بدوني
قطبت جبينها باستنكار وقالت :
_ حقا !!
انظر بنفسك عمر ستجد الإجابة بنفسك
صمتت لبرهة ثم لوحت بيدها في الهواء بتحذير ، وقالت :
_ الأفضل لك أن تنشغل بأمورك الخاصة ، ولا تشغل راسك الصغير بي
كان سيرد عليها لكن ما منعه هو عودة زميليه احمد وعاصم بالإضافة إلي نوار التي أنهت اتصالها مع والدها وعادت ..
رمقها بغضب ثم عاد الي عمله فابتسمت هي بسخرية وعادت هي الأخرى الي عملها ..
*****
دقيقة أو ربما اثنتين ويأتي جده ، هو غير مستعد لمقابلته الآن .. غير مستعد ، يشعر بالخزي منه ، ليس منه فحسب بل ومن ذاته أيضاً ، في الماضي وقبل عامين تقريباً غادر هذه الفيلا رافضاً العيش فيها ، وأخذ ورث والده والذهاب الي القاهرة ليستقر بعيداً عن جده هو وابن عمه ..
آفاق من شروده علي صوت أيهم حين استطرد بصوت خافت مرتجف :
_ معتز هيا نرحل من هنا ، نحن غير
قاطعه معتز بنبرة جادة :
_ لقد أتينا وانتهي الأمر أيهم ، لا يجب أن نرحل قبل أن يساعدنا
حرك أيهم رأسه يائسا من ثقة ابن عمه ، هو يشعر أن جده سوف يرفض مساعدتهم .. لا لا هو متأكد ..
نهض الاثنين عندما رأي عمتهما ورد الشابة التي لم تتزوج بعد قادمة باتجاههم ..
احتضنهم ورد بشوق ، ثم استطردت بعتاب :
_ تذكرتما أخيراً زيارتنا
وقبل أن يرد أي منهما سبقهم رد الجد الذي دلف للتو الي المكان :
_ ومن قال أنهما تذكران
نكس الاثنين رأسهما بخزي ، واقترب الجد أكثر وتجاهل الترحيب بهما ثم اتجه الي مقعده تحت نظرات ورد المصدُمة ..
عقد ساعديه أمام صدره ، واستطرد بجفاء :
_ ماذا ات َ بكما ؟
صاحت ورد بغضب :
_ ابي
أشار لها بيده أن تصمت ثم نظر إلي الاثنين الواقفان أمامه بنظرات حزينة لم يلاحظها أحد سوي ورد ..
لم تسير المقابلة كما توقع إذا ً .. حسنا لا بأس ، وأردف قائلاً بتحشرج :
_ كيف حالك .. جدي ؟
ابتسم الجد بسخرية قبل أن يقول :
_ ماذا تريدان ؟
لكز معتز ايهم في كتفه حتي يقول اي شيء ، فهو في موقف لا يحسد عليه بعدما تجاهلها جده ..
لب أيهم النداء واستطرد بتوتر :
_ اشتقنا لك كثيراً يا جدي ، وجاءنا لزيارتك
ضحك الجد بسخرية ثم استطرد باستنكار ساخر :
_ حقا !!
صمت أيهم هو الآخر فتدخلت ورد علي الفور بعدما رأت الجو المشحون بينهم ..
_ لا وقت لهذا الكلام بالتأكيد أنتما تشعران بالتعب يمك
قاطعها والدها حين استطرد بغضب :
_ ماذا ات َ بكما الي هنا ؟ تريدان المال مني لتسديد قرضكما
نظر الاثنين له في صدمة وسؤال واحد فقط يدور في عقلهما " كيف عرف والخبر لم ينشر بعد ؟ " ...
*****
" سوفر عليكما الطلب ، انا لن اساعدكما " ..
كلمات جده تردد في عقله حتي هذا الوقت ، فبعد رفض جده القاطع من مساعدتهم أغلقت جميع الأبواب في وجهه ، لا يعرف كيف يجب أن يتصرف الآن ؟ مصيبة وقد حلت عليه ، كان أحمق بالتأكيد عندما اجرم علي فعل شيء كهذا ، ورط نفسه وابن عمه معه ومن أجل ماذا ؟.. من أجل أن يثبت لتلك الخائنة أنه رجل أعمال ناجح ، تبا لك يا معتز .. تبا لك ، اورط الجميع معك ، ماذا ستفعل الآن ؟
ربت أيهم علي قدمه برفق ، واستطرد :
_ هون عليك يا اخي سوف تحل
صاح بغضب :
_ كيف هذا ؟ انت لا تفهم أغلقت جميع الأبواب في وجهنا الآن ، ماذا سنفعل ؟
_ عمتك قالت ستحاول إقناعه مجدداً
قاطعه معتز بسخرية :
_ وتظن أنه قد يفعل هذا ، لن يساعدنا أيهم ، لن يفعل هذا
_ بل سيفعل
التف الاثنين علي صوت عمتهما التي خرجت للتو من مكتب جدهما ، فنهض الاثنين واقتربا منها بسرعة
سألها أيهم في لهفة :
_ سيساعدنا ؟
هزت رأسها بالإيماءة ثم قالت :
_ أجل لكن
استطرد معتز بنبرة غامضة :
_ لكن ماذا ؟
_ لديه شرط
أردف الإثنين بآن واحد :
_ ماذا ؟
_ شرطه ان تبقيا هنا لخمسة شهور
بادئ الرفض واضحاً علي وجههم ، فأكملت ورد :
_ هذا شرطه ..
بادئ أيهم مرحباً بهذه الفكرة كثيراً فقد أتته علي طبق من ذهب ، فهو كان يفكر في أخذ إجازة بعدما ينتهي كل هذا ، كان يريد أن يشعر بالراحة من كل شيء حوله ..
بينما معتز كان متردداً للغاية ، لا يعلم في ماذا يفكر جده ، ولا كيف وافق بهذه السرعة عندما حدثته عمته ؟ ، لا يعلم لماذا يشعر أن كل هذا ملعوبا من جده حتي يثبت لهم أنهما لا يستطيعان فعل شيء من دونه ، وأنهم سيعودان في نهاية الأمر له
_ ماذا قلتما ؟
استطرد أيهم بسرعة :
_ بالتأكيد أوافق
ابتسمت ورد له ثم نظرت إلي معتز وسألته :
_ وانت معتز ؟
_ لا يمكن هذا ، لدي عمل بالقاهرة وأيضاً والدتي وحياتي الشخصية
رددت ورد :
_ يمكنك متابعة عملك من هنا ، وأيضاً حياتك الشخصية ماذا به ؟
صمتت لبرهة ثم أكملت بسخرية :
_ ووالدتك
فهم ما ترمي إليه وقبل أن يرد عليها امسك أيهم ذراعه بقوة ، فنظر معتز له بغضب
فاستطردت ورد بحنق :
_ ارتاحا الآن حتي موعد العشاء و حتي ذلك الوقت فكر جيدا يا معتز ..
*****
استطرد بتحشرج :
_ ماذا حدث ؟
إجابته بحنق طفولي بعدما عقدت ساعديها أمام صدرها :
_ وافق أيهم بينما معتز لا ، لا اعرف ما الغرض من كل هذا
أردف قائلاً بثبات مريب :
_ ستعلمين فيما بعد .. الأهم الآن فلتبعث ِ بأحد الي نبيل
ارتبكت قليلاً ثم تساءلت في توجس :
_ لماذا ؟
انعقد حاجبيه من تبدل حالها ، وذلك الارتباك الواضح علي وجهها ، ثم استطرد :
_ افكر في أن تناول العشاء جميعاً معا
رددت بسرعة :
_ سوف أذهب إليه بنفسي
ضاقت حدقتيه وناظرها بدهشة ، فقالت بسرعة :
_ اقصد أنه لا يجوز أن يذهب أحد من الخدم ، فهذا ليس من الأصول
استطرد بنبرة غامضة :
_ الأصول !!.. حسنا لكن لا تتأخري
هزت رأسها بالإيماءة وخرجت بسرعة من المكتبة ..
وما أن تأكد من خروجها حتي قال بصوت خافت :
_ سأجمع عائلتي حتي لو كان هذا علي حساب أحلامهم ..
*****