حين الفراق ...

4 2 2
                                    


في الليلة الأولى.. ستشعر بأن هذه الليلة لن تمر، وبأن الحياة تواجهك على وجه الخصوص، و بأن الليل مظلم على غير العادة ، وبأن الهدوء ضجيج في الواقع، وبأن فراشك مقبرة، وغطاؤك كفن، وقلبك يئن، وعقلك يصارع، ودمعك ألسنة لهب، ستستفزك ضوضاء الشارع وغضبك دعابة أخيك، ويزعجك الحاح أمك، ستشعر بأن الطعام غير مستساغ، والماء مالح، ستلاحظ بأن غرفتك ضيقة، وبأن السقف منخفض، وبأن أربعة جدران لا تكفي لتسع كل هذه الفوضى ... أعني تلك التي في داخلك. ستشعر بأنك وحيد ولكن لا تلجأ لأحد، في الليلة الأولى تحديداً لا تلجأ لأحد، ولا تنم باكرًا فهنا يبدأ الاستسلام، ولا تقل أنا بخير لأنها كارثة، ولا تتصفح الرسائل القديمة لأنها قديمة، ولا تستمع لأغنية فذلك فخ، ولا تحضر فيلماً لأن النهايات مفبركة، ولا تقرأ كتاباً فالواقع أسوأ، لا تشرب القهوة لأن الأمر يفوق قدراتها، ولا تأخذ دواءً لأن الألم ليس عضوي، وايّاك ايّاك أن تتظاهر بالسعادة ... فهذه التعاسة ذاتها، لا تحاول الانتقام ..

فالعلاقات ليست بحروب، ولا تتأهب بقول شيء ولا تقل شيئاً ابدا .

وأصمت فالصمت يقول كل شيء.

ولكن الليلة ستمر، والحياة ليست عدوك المباشر، والليل مظلم كعادته ولكن لم يحدث أن تكترث، والهدوء سكينة، وفراشك دافئ، وقلبك يحتاج لاعادة تشغيل ، وعقلك يجب أن يستمر في الصراع، ودمعك مهما سخن لن يحرقك ، ودعابة أخيك مضحكة جداً، والحاح أمك هو الحب الحقيق والطعام لذيذ، والماء ليس له طعم وغرفتك رحبة، والسقف أبعد من توقعاتك، وستنجو.. تأكد..

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Sep 11, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

حين الفراق ...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن