1 | غَريبٌ فِي الليلِ.

3.6K 105 46
                                    

الفصل الأول: غَريبٌ في الليل.





تساقط المطرُ في تلكَ الليلةِ، مطرٌ ناعمٌ يهمسُ بـرقته. بعد تعاقبِ سنواتٍ عديدة، كان كلُّ ما على ميغي فعله هو إغلاق عينيها وَلا تزال تسمعهُ، كَـأصابعٍ صغيرة تقرع على زجاج النافذة. كان هناكَ كلبٌ ينبح في غور الظلام، وَمهما حاولت ميغي أن تتقلب وَتدور في الفراش، فَهي لَم تتمكن من النوم.

كان الكتابُ الذي كانتْ تقرأهُ تحتَ وسادتها، وَهو يضغط بـغلافهِ على أذنيها وَكأنَّهُ يريد إعادتها إلى صفحاتهِ المطبوعة. «أنا متأكد من أن النوم مريح لِلغاية مع وجود شيء صلب مستطيل كَـهذا تحت رأسك» قال والدها مازحًا عندّما وجدَ كتابًا تحتَ وسادتها لِأول مرة. أردفَ: «هيا، فَالتعترفي، الكتاب يهمس لكِ بـقصته في الليل.»

- «أحيانًا، نعم -قالت ميغي لِـتردف- لكنَّهُ يعمل فقط مع الأطفال.»

مِمّا جعل مو يداعب أنفها. لَم تنادي ميغي والدها بـأيِّ شيءٍ آخر غير إسم مو.

تلكَ الليلة -عندّما بدأتْ الكثير من الأمور وَتغيرت العديد من الأشياء إلى الأبد- كانَ لدى ميغي أحد كتبها المفضلة تحت وسادتها، وَنظرًا لِأن المطر لَم يسمح لها بـالنوم، قامت بـالجلوس وَفركِ عينيها طاردة النعاس منها وَأخرجت الكتاب. صدرت أصوات منه عندّما فتحت صفحاته.

إعتقدت ميغي أن هذه الهمسة الأولى تبدو مختلفة قليلاً من كتاب لآخر، إعتمادًا على ما إذا كانتْ تعرف بـالفعل القصة التي سَترويها لها أم لا. وَلكنَّها بـحاجة إلى ضوء. كان لديها علبة من الكبريت مخبأة في درج السرير الخاص بها.
كان مو قد منعها من إشعال الشموع في الليل. لَم يكن يحب النار. «النار تبتلع الكتب» كان يقول دائمًا، وَلكنَّها كانتْ في الثانية عشرة من عمرها، وَبـالتأكيد يمكن الوثوق بها في إتخاذ الحيطة مع ألسنة لهب لِـشمعتين.
كانتْ ميغي تحب قراءة الكتب بـضوء الشموع. كان لديها خمسة شمعدانات على حافة النافذة، وَفي تلكَ اللحظةُ الدقيقةِ التي كانتْ تضع فيها عود الثقاب المشتعل على إحدى الفتائل السوداء، سمعت أصوات خطوات خارجًا.
أطفأت العود بـهلعٍ شديد -اه، وَكم كانتْ تتذكر ذلكَ بـوضوح شديد، حتى بعد مرور سنوات كثيرة- وجثت على ركبتيها لِـتطل من النافذة التي كانت مبللة بـالمطر. عندها رأته!

كان المطرُ يلقي بـنوعٍ من الشحوب على الظلام، وَكان الغريب لا يمثل سوى ظلًا. إنَّ وجههُ كان يتوهج بياضًا عندما نظر إلى ميغي. شعرهُ كان يلتصق بـجبينه المبلل. كان المطر يتساقط عليه، لكنَّهُ تجاهل ذلكَ. وقف هناكَ ِبلا حراك، ذراعيه متقاطعةٌ على صدره كأنَّ ذلكَ قد يُدفئُهُ قليلاً. وَلا يزال يحدق في المنزل.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Nov 10, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

اللـِّسـانُ الفـِضِّيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن