النوافذ مفتوحة على مصارعها، النسيم البارد يرفع الأوراق و ينفض رماد السجائر من فوق الطاولة، أوراق، سجائر، أقلام على الأرض، كل شيء مبعثر في الأرجاء
المرأة التي تجلس وسط كل هذا لا تبدو منزعجة، خفضت جذعها لتأخذ قلما و قد أسقطت واحدا آخر مكانه
نظارات طبية تتدلى على جسر أنفها، حركات أصابعها رشيقة للغاية فوق الحاسوب، تمد أصابعها للاتقاط كوب القهوة، خمسة أكواب فارغة موضوع بجانبه
مع نقرة أخيرة أنهت البحث الذي كانت تشتغل عليه، مدت أطرافها بكسل و أمالت رأسها قليلا تفكر في مناظرتها ب برلين الأسبوع القادم
نقلت نظراتها المتكاسلة للشاشة ثانية، البحث أمامها يفترض أن تجهز له على طول الست أشهر الماضية لكنها لم تتذكره سوى بشكل عشوائي في الثانية صباحا
إنها أذكى قليلا مما يشاع، لكن سمعتها الحالية كافية، لا تريد أضواء أكثر.
أنفاس خافتة، تنظر للشاشة لكن عقلها أبعد قليلا، خصلات شعرها تنزلق من القلم الذي يثبتها و تسقط على عينيها واحدة تلي الأخرى
تجلس في وضعية فقيرة، تضم قدما فوق الكرسي و الآخر بالكاد يصل إلى الأرض، كأنها خائفة من نشر أطرافها
تبدو كشخص يضم أجزاءه بيأس، يخشى لو أرخى دفاعاته قليلا أن يتشتت.
في ثانية هوى رأسها على الطاولة، صوت اصطدامها لم يكن عاليا لكن الشقة فارغة سمحت للصوت بالتردد بشكل وحيد
لم يكن الجو حارا لكنها لا ترتدي غير صدرية قرمزية، الوشوم على جسدها تبدو شيطانية للغاية، سواء وشم النمرين التوأمين Sak Yant أسفل ظهرها أو خط الحياة الأحمر على طول ذراعها
عشوائية و ملونة، كلما رأت شيئا رسمته على جسدها، كلما خشيت نسيان أحد طبعته على جلدها كي لا يفارقها.
شبه نائمة رفعت رأسها، تدعك جبينها براحة يدها، خصل من شعرها تم شدها بقوة إثر ذلك، لكنها لم تلحظ
تقلصت المساحة بين حاجبيها كما انتفض كتفيها بريبة، ضمت أطرافها لداخلها أكثر و شدت رأسها بقوة
بصوت مهتز يائس كحركاتها صاحت منفعلة "اصمت رجاء..اصمت!"
الدكتورة هاربر تبدو عليها سمات العجز في هذه اللحظة، بجنون تحدث شخص ما، في شقتها الفاخرة لا يبدو أن أحدا سيرد
لكنها هدأت بعد ذلك، ارتخت أطرافها حتى وقعت على الطاولة ثانية، من كان يزعجها استمع لكلماتها و صمت
يبدو أنها ليست مجنونة، هي فقط لديها عالم منفصل قليلا عن العالم العادي، عالم هي الطيف به، و كل شيء عداها حقيقي.
أيقظها من شرودها جرس الباب، رفعت رأسها ببطء و نظرت خارج باب غرفتها بتعابير كئيبة نوعا ما
أنت تقرأ
Polaroid
Aventuraثم مرت العاصفة، تراكم الحطام و مضى المارة في طريقهم ، تحرك الزمن حاملاً معه ما حدث، انطفأت الشموع على القبور، جفت المياه و لكن الأرض لم تزهر، حملت جسدي المتداعي على طول الطريق، نجا منزلنا و لكن قلبي لم يفعل، في نهاية المطاف مازلت أتساءل، ثم ماذا الآ...