( مرة أخرى إنه منتصف الليل، تبا لهذا الرئيس اللعين
دوامي ينتهي عند السابعة حتى لو بقيت في المكتب لوقت إضافي
لن يتجاوز الأمر الثامنة ..
إنها الليلة الثالثة التي يجبرني فيها على البقاء بعد نهاية الدوام ..
هل هذه عقوبة من نوع ما ..
أقصد لا اعتقد أني قمت بأي شيء خطأ طوال مدة عملي في هته الشركة ..
اللعنة .. أنا متعب جدا ...)
كان كلاوس يحاور نفسه وعلامات الحنق بادية بوضوح على وجهه قبل أن يطفئ كل الأنوار
فيختفي ظله في الرواق ولا تُسمع غير تمتمته وخطواته المتثاقلة
في ذلك الصمت العريق والظلام الدامس ..
كان آخر من يغادر نحو منزله في وقت متأخر جدا من الليل ..
الشوارع كلها فارغة حتى من المشردين
الذين يختبؤون تحت الجسور وفي المجاري من هذا البرد القارس ..
انتظر كلاوس مطولا عند محطة انتظار الحافلات ،
لكن ما من حافلة مرت لأكثر من نصف ساعة ..
( هل يتوقفون عن العمل بعد منتصف الليل .. هذا غريب ) فكر كلاوس ..
ثم هم بالوقوف للذهاب إلى منزله سيرًا على الأقدام .. لم تكن إلا خطوات معدودة
ثم توقف ضاربًا الأرض برجله صائحًا كاسرًا صمت هته الليلة
( اللعنة .. أنا أشعر بالتعب من المستحيل أن أذهب سيرا
- أخرج هاتفه من معطفه- سأتصل بجيرمي ليقلني .. لكن كم الساعة الآن
- تفقد الساعة فوجد انها الواحدة والنصف ليلا-
تبا قد يكون نائما الآن ، بل إنه نائم بالفعل ..
يا الهي البرد شديد هته الليلة .. ماذا سأفعل ؟ ... )
فكر كلاوس مليا ثم تذكر أمر سيارات الأجرة التي يمكن طلبها عبر الانترنت ..
ملأ كل ما هو مطلوب في الموقع وانتظر،
لم تكن الا دقيقة حتى اتصل رقم غريب به
( مرحبا معك شركة هوب لسيارات الأجرة .. أنت السيد كلاوس جاكسون صحيح ؟ )
رد كلاوس ( بلى إنه أنا )
السائق ( سأكون عندك بعد قليل، أنا قريب من موقعك .. نتأسف على التأخير )
كلاوس ( هون عليك لابأس ..) ثم أغلق الخط
وقف كلاوس لما يقارب الخمس دقائق ينتظر ..
كان الشارع فارغا تماما والليل دامس لايُسمع فيه إلا صوت الرياح ..
كل البيوت كانت أبوابها ونوافذها موصدة بإحكام
حتى أن النور لا يتسرب من أي شق منها ..
ولم يكن ينير ذلك الطريق الموحش
إلا نور خافت يرتجف لأعمدة الإنارة المبعثرة حتى نهاية الشارع ..الدقيقة السادسة مرت .. إنها الثانية فجرا تماما،
بدأ كلاوس يشعر بالحنق ويقاوم رغبته في الصراخ،
الى أن سمع صوت هدير محرك خافت قادم من الزاوية المظلمة من الشارع ،
انبسطت ملامحه قليلا حتى لمح سيارة الأجرى تقف عنده ..
حدث كلاوس نفسه مستغربا
[ يا الهي هته السيارة قديمة الطراز جدا .. بل .. تبدو أنها قادمة من الخردة أو من زمن آخر .. يا للهول لابد أن هته الشركة قديمة جدا ولم تغيّر حتى سياراتها العتيقة ]فُتح الباب الخلفي للسيارة تلقائيا، فصعد كلاوس تاركا تساؤله اللحظي خلفه،
فكل ما يهمه أن يصل لبيته الدافئ ..
كانت الرائحة داخل السيارة غريبة جدا تملؤها الرطوبة
ويطفو عليها جو غريب، بل إن كلاوس شعر بالبرودة
أكثر مما كان يشعر به وهو واقف عند قارعة الطريق ينتظر لأكثر من نصف ساعة ..
فتح كلاوس فمه ليتكلم فاندفعت كرة بخار من فمه كأنه يقف على قمة جبل ثلجي
( أرجوك شغل التدفئة )
لكن السائق لم ينطق ببنت شفى ، استغرب كلاوس جدا من هذا التصرف
لكنه لم يقوى حتى على تكرير كلامه أو مشاجرة السائق
فاكتفى بوضع يديه داخل جيوب معطفه ليدفئهما أكثر ،
وراح يحدق إلى السائق عبر المرآة الأمامية لكن ملامحه لم تكن واضحة مطلقا
وكان أغلب وجهه مختبئًا تحت قبعته ...
لم يبدو حتى أنه يتحرك كل ما كان يقوم به هو امساك المقود لاغير ..
لكن كلاوس لم يشغل باله كثيرا بكل هذا
لأنه كان يشعر بتعب رهيب وكل ما يفكر فيه هو فراشه الوثير ..
أنت تقرأ
مركبة من دون سائق || قصة قصيرة 👹
Horrorهته الليلة لا تشبه بقية لياليك، لن تقوم بروتينك الممل ولن تفكر في دوامك غدا وبكل تلك المهام الجديدة التي تنتظرك .. هته الليلة قد تعيش مغامرة جديدة .. قد تبيت في بيت لا تعرفه .. قد تسلك طريقًا لم تجتزه من قبل، قد تلتقي أناسًا تراهم للمرة الاول، قد تح...