ماذا افعل....؟

48 4 5
                                    

توقفت السيارة لينزل كلاهما
" سننام هنا الليلة " اردف ارثر بهدوء
نظرت مينا له بصدمة " عذرا ؟!"
رفعت مينا نظرها تحملق في الوجه الجدي الذي امامها تغلفه هالة من البرود وربما الياس او الحزن؟ من يعلم ....لا أحد
"كما سمعتي ....اريد أن نبقى الليلة هنا على الاغلب لن يأتي لكن ستكون فرصة لتفقد المكان اكثر فقد مرت مدة على تفقدنا للمكان لذا على الاغلب سنجد شيئا مهما....ربما؟"
علت صدمة اخرى ملامح الشابة الشاحبة امامه واردفت بعدم تصديق ممزوج بغضب وخوف " هل تمزح ...مهلا هل تعتقد ان الوقت مناسب للمزاح حتى هناك في ذاك البيت المهجور اعتاد ان يتواجد من قام بابشع ما رايته لاقرب الناس لي لقد شوه حياتي ..." علت نبرة صوتها في نهاية حديثها...رفعت راسها واتبعت بهدوء"دعنا نذهب ارثر وكفاك جنونا"
"لن نذهب..." رد بملامح جامدة مصرا على قراره المجنون في نظر مينا
"هل تريد التخلص مني؟" سألت بسخرية مع ابتسامة جانبية ساخرة من موقفه
تجاهل الاخر سخريتها واستدار بجسمه مقابلا البيت ناطقا بهدوء"لن افعل ...انا افعل هذا من اجلك.."واتبع حديثه بهمس"او ربما لنفسي ...."
"ايا يكن انا لن اشارك في هذا ساعود" رفضت باصرار
والان ها قد اتى دور قرميدي الخصلات للسخرية"هل حقا تريدين ان تعلمي هوية القاتل ام انك تلعبين في الارجاء فحسب متقمصة دور الضحية العازمة على حل اللغز " اجابها بنفس نبرتها السابقة وكأنه يثار لنفسه
شعرت مينا بالالم لكلماته كيف له أن يستخف بها او بالمها من هو ليؤنبها من الأساس " ان كنت وغدا لا يستشعر مشاعر الناس أو يعلم ما نوع المعاناة التي عايشوها فمن فضلك لا اتركني في حال سبيلي " نطقت بهدوء مع نبرة غضب تخللت صوتها المهتز
القت كلماتها تنظر لملامح الاخر التي لم تستطع تفسيرها مجرد نظرات غامضة وعيون مظلمة لا تعلم ما تخفي وراء ظلمتها ...تحركت بهدوء نحو السيارة فاتحة الباب متخذة من المقعد مكان لها منتظرة من الاخر ان يعي على نفسه وياخذها للمنزل فهي لا تملك خيارا اخر لن تجد سيارة اجرة في مكان مهجور كهذا ولن تخاطر وتعود سيرا على الاقدام ....اسندت راسها على مقعد السيارة محاولة لملمة شتات نفسها تنفست بعمق وتنهدة مغمضة عينيها ليمر شريط حياتها القصيرة امامها
{والدتها ....مختطفوها....كرستين....سليستيا.ميلينا....واخيرا ابتسامة والدها }
تنهدت للمرة الثانية على التوالي لتنزل قطرة دافئة من يسراها دالة على الألم الشديد الذي يعترها ....ما هي الا دقائق حتى شعرت بباب السيارة يفتح ولم يكن الا ارثر الذي خضع لها في النهاية ....تحركت السيارة بهدوء مبتعدة عن البيت المهجور والصمت القاتل مخيم على الأجواء كل منهما غارق في افكاره يتصارع مع ماضيه ومع مشاعره
.

.

.

في ذاك المبنى الشاهق وتحديدا في تلك الغرفة المظلمة التي لا ينيرها سوى الضوء القادم من شاشة الحاسوب المتمركز امام اشعث الشعر الذي كان يبحث بجدية عن صاحب الرقم الذي طلب منه وفجأة ......"وجدته...!"
قفز بفرح من الكرسي جاعلا منه يستقر على ظهره فوق الارضية الباردة .....عاد بهدوء لمقعده مستكملا ما كان يفعله متعمقا فيه ....."م..م...ماذا اقرا...هذا غريب لا يبدو انها مجرد قضية عادية سيد ارثر ..." اردف بهدوء غريب تتخلله الصدمة
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
خيم الليل على الأجواء وازدات برودة الجو ....جرت قدماها بتثاقل نحو الشرفة ....لفحة من البرد لسعت وجهها حين فتحتها تقدمت ببطء محتضنة نفسها معطية نفسها القليل من الدفئ رفعت راسها قليلا واردفت بهدوء" يبدو ان السماء لم ترحب بالنجوم هذه الليلة ..."
شردت في الفراغ ذاهبة بعقلها لذكرياتها ووالدها ...خوفه عليها ..عطفه ...دفئه ...حنانه لقد كان شخصا رائعا حقا ...لم يكن يستحق شخصا مثلي في حياته لربما كان افضل لو نجحت محاولات انتحاري من قبل ...لم يكن عليه ان يوقفني لو لم يفعل لعاش سعيدا ...لتزوج مرة أخرى من إمرأة احبها وانشأ عائلته الخاصة ...لقد كان سيعيش سعيدا ...فقط ...فقط لو لم يوقفني لكان هذا جيدا لكلانا او ربما ممتازا ........
دار الكثير من الحديث في خلدها متحسرة على والدها الذي يبدو أنه ترك فجوة كبيرة داخلها ربما كان شعلة الامل الوحيدة التي فقدتها ...
"هل ستستقبلني ان اتيت لك ..هل ستغفر لشخص سيء مثلي وتستقبلني عندك؟..." اردفت بتعب ظاهر في نبرة صوتها
تحركت قدماها بتثاقل نحو غرفتها بعد غلقها الشرفة دلفت لغرفة والدها واستلقت على سريره اخذة بين يديها احدى قمصانه مقربة اياه لحضنها مستنشقة رائحة من غادرها بلا وداع سالت دموعها بصمت ثم تعالت شهقاتها لتكون الشئ الوحيد الذي يسمع بين جدران هذا القصر الموحش ......
___________________________________________
يقف امام النافذة رافعا نظره للسماء المظلمة تنهد مطولا واردف بهمس "مالذي علي فعله بالظبط.... ليت النجوم تطل علي لتجيبني " تشه..." سخر بابتسامة جانبية ليكلم نفسه مجددا " هل كان ليكون افضل لي لو ذهبت معكما..؟ الم تشتاقا لي ..انا..انا افعل اريد ان اتي لكن هناك شيء في داخلي يمنعني هل ربما انا خائف ...لكن خائف من ماذا بالظبط؟ الموت.....ربما يالي من جبان "  انزل راسه بأسى وتنهد مطولا ربما للمرة المئة لهذا اليوم هذا الروتين يجعله كثير التنهد حقا (فكر في نفسه...)
تقدم بهدوء نحو سريره في زاوية غرفته المظلمة متخذا اياه مضجعا حاجبا عيناه بذراعه مانعا إياها من رؤية ما حولها ..."يبدو انها مصرة على البقاء حية لكشف من اخذ منها روحها ....تعلقها بوالدها وحزنها الشديد جراء فقدانه يجعلني اتذكر الكثير مما لا ارغب بتذكره ويجعل مني شخصا يريد الانتقام كذلك ...ياللسخرية ..انا من وعد نفسه بالا يفعل ...." صمت لوهلة واتبع كلامه بهمس " ماذا فعلتي بي بحق الجحيم ..؟ "
انغلقت جفونه بتعب بعد مدة ليذهب لعالمه الخاص ....


لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Oct 22, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

ذكريات جريمة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن