•••أضواء برتقاليّة صادرة عن يقطينات ذات وجوه مُشوّهة، دمى بيضاء تطفو فوق الأسطح كأشباح تائهة وقهقهات قادمة من كل شارع ومنزل مصحوبة بصرخات مذعورة.
رغم غرابته فذلك الجو لم يكن مُخيفا أو سيئا بأي شكل؛ كانت ليلة الهالوين، الوقت الذي يستمتع فيه البشر بإثارة مخاوفهم والتنكّر على هيئتها نيّة في التغلّب عليها بطريقة ما.
طبعا، انحصر الجوّ الاحتفاليّ فقط على البلدة ولم يصِل للمقبرة المظلمة التي على أطرافها. شجاعة سكّانها ليست بالقدر الكافي لمواجهة مخاوف حقيقيّة كالموت.
أمام البوابة الصدئة وقفت شابة في ثوب أحمر قاتم تُلاعبه الرياح الدافئة لكنها لا تُقلل من ارتجاف أطرافها. داست على غريزتها التي ألحّت عليها الركض في الاتجاه المعاكس وسحبت الهيكل المعدنيّ للخارج.
من لم توقِظه دقّات قلبها الصاخبة أيقظه الصرير الصادر عن البوابة.
«لا بأس، لا شيء يدعو للقلق. المكان وأهله ميّتون بأي حال، لن يُزعجهم هذا الصوت الحاد».
همست لنفسها بنبرة غير صادقة البتة وتقدّمت بخطوات واثقة بـزيف.نظراتها لم تنزح عن حذائها الرياضيّ الأبيض خوفا مما قد تراه إن رفعت رأسها، هي كانت تحفظ الطريق لوُجهتها بأي حال -خاصة في الظلام الدامس.
إلى الجنوب، عشر خطوات بعد ضريح كبير لأحد مؤسسي البلدة، تحت شجرة التفاح العظيمة المحترِقة؛ حجر رماديّ عليه شمعة تُضيئ بوهج دافئ وسط العتمة.
سارت نحوها وقد شعرت ببعض الأمان لمنظرها، تعرف من تركها من أجلها وهي ممتنة له الليلة أكثر من أي ليلة اضطرّت فيها للتسلل لعالم الأموات هذا. جثت لتطبع قُبلة على الضريح البارد ثم حملت الشمعة بين يديها المرتجفتين وتراجعت للخلف حتى تجلس أسفل الجذع الحالك كالسماء.
في ذلك الهدوء، بدأ عقلها بإعادة أحداث اليوم كأصوات قادمة من اللامكان وكل مكان.
«أنظري إليها. قتلتْ حبيبها وتلعب دور الأرملةِ الحزينة».
«هل تظن أنها ستُثير عطف أي أحد بارتدائها لقميصه؟!».
«مؤسف جدًا ما حدث لـ فيلِكس... ضاع عمره بسبب فتاة».
أنت تقرأ
كُروْ ✓
Paranormal«هل أُخبركِ بِسرّ، تُفاحتي؟ الأمواتْ لا يعودون أبدًا لعالم الأحياءْ». ••• • أكتوبر ٢٠٢٠. • مُكتمِلة.