الفصل الثاني

2.8K 162 49
                                    

مر يومان.....
بممر طويل بالطابق الثاني من الفيلا....فصلت زاوية كبيرة الغرف عن بعضها البعض وخصصت لساعات الصباح وشرب القهوة ريثما بعد إصابة والدة فارس منذ عدة أشهر بمرض جعل حركتها ثقيلة...ولم تستطع الصعود والهبوط على الدرج مثل السنوات الماضية...
وحتى يتثنى للعائلة الاجتماع مع ضوء الشمس الذي يُهاجر ربيعه..
جلست والدة فارس بعدما ذهب ولدها لعمله على أحد المقاعد بهذا المكان الذي يشبه الشرفات..
ارتشفت قليلًا من مشروبها الساخن حتى أتت مدبرة المنزل "نعمة" وأخبرتها بشيء....قالت بهدوء :
_« سيدتي...هناك فتاة تصر على رؤيتك لكي تعمل هنا ، سئمت من إخبارها بعدم حاجتنا لذلك ولكنها لم تكترث بقولي ! »

رفعت السيدة "حكمت" رأسها إليها ونظرت لها بعينيها التي تجمع حولها عدة خطوط تسرد سنواتها الخمسون....قالت المرأة بلطف :
_« حسناّ....دعيها تأتِ وسأخبرها...»

تلقت مدبرة المنزل الأمر وذهبت لتسمح للفتاة بالدخول للسيدة "حكمت"
مرت دقائق حتى شعرت "حكمت" بخطوات تُشبه خطوات الصغار التي تتسلل بمكر فالتفتت بثبات لتجد فتاة لا تعطيها أكثر من الثامنة عشر عاما بجدائلها المائلة لحمرة صارخة....ابتسمت السيدة "حكمت" بلطف وقالت :
_« أردتِ رؤيتي.. ما اسمك أولًا ؟ »

نظرت لها "صابرين" التي تخلت عن مساحيق التجميل وملابسها المثيرة التي ابتاعتها مؤخرًا من ماركات شهيرة وعادت تلك الفتاة الفقيرة بملابسها البسيطة جدًا قبل أن تغرق بعالم الميديا ووسائل التواصل بحثاً عن المال....أطرفت عينيها وكأنها تحرك موضع البراءة المزيفة بداخلها لتدعمها بالحديث وتؤثر على هذه السيدة العجوز....قالت وهي تفرك يديها ببعضهما وتنظر للأسفل بتظاهر وعبوس...قالت بصوت متهدج : « صابرين...»

ثم أضافت بدموع زائفة بعينيها :
_« أريد العمل هنا ارجوك...صديقة لي أرشدتني إلى هنا نظرًا لسمعتكم الطيبة...و....»
صمتت صابرين ولم تتابع...كان الصمت بعد ذلك ضمن خطتها....تساءلت السيدة "حكمت" التي أثرت بها دموع صابرين وبدأت تميل للموافقة :
« و ماذا؟ تابعي يا صغيرة....»

تابعت "صابرين" وعبراتها الماكرة تتمايل على وجنتيها :
_« ليس لي أحد...ولا مسكن ، بحثت عن عمل لمدة طويلة وبكل مرة كنت ارحل باليوم التالي أو بعد أيام قليلة بسبب المضايقات التي تعرضت لها...وأيضاً عملي هنا يسهل ذهابي للجامعة لأنها قريبة من هنا..أنا طالبة..»

تطلعت بها السيدة "حكمت " بتعجب:
_« هل ستستطيعين الربط بين العمل والدراسة دون التقصير بشيء فيهما ؟! »

صححت "صابرين" سريعاً :
_« لا...أنا اذهب للدراسة يومان بالأسبوع فقط...عدة ساعات قليلة وأعود مجددًا..اعدك أن قبل ذلك سانهي عملي كاملًا بالصباح قبل أن أذهب...أعطني فرصة ارجوك..احتاج للعمل كثيرًا...لا أريد العودة للتسكع بالطرقات والنوم على الرصيف....»

نوفيلا « في بيتي عاهرة صغيرة» للكاتبة رحاب إبراهيم حسن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن