الفصل الثالث

2.5K 153 28
                                    

الفصل الثالث
____________

كانت "صابرين" تلاحظ أنه يتحدث دون النظر إليها...يشعل هذا التحدي بداخلها ، والافتتان به أكثر...طريقته تدل أنه رجل لا ينجذب بسهولة لامرأة..وإن أنجذب سيظل ثابتـًا رغم ذلك....
آلت ذلك ربما لحبه لتلك المدعوة بـ"مريمة" الذي تحدث معها منذ قليل ويمدح عينيها....ترى من تكن تلك "المريمة" وما بها يجذبه لهذا الحد ؟!
أجابها على سؤالها سريعـًا : « نعم  »
ثم استدار ليخرج من المكان...دون حتى أن يرمقها بهدوء أو عصبية...كأنها لا تزن بفكره وبنظره شيء!! سيصيبها بالجنون إذا استمر هكذا !!
اوقفته بصوت قوي...خرج من بين شفتيها بلهفة كي لا يبتعد...فإذا أرتضت أسلوبه الفاتر معها فإنها نبذت الأبتعاد...يقول ما يقول ولكن الأهم أن يبقى بالقرب....وقلبها في طريقه للوله بهذا الفارس....قالت: 
« انتظر....»
وقف "فارس" ولم يستدير ولكنه تعجب من هذه الفتاة التي بحديثها شيء غريب يدعو للشك....قالت "صابرين" بتلعثم :
_ « هل أعد لك بعض الأطعمة السريعة أو ربما قهوة ؟»

أجاب مختصراً دون التفات : « لا»
خرج من المكان وارتقى درجات السلم  بخطوات واسعة حتى مضى في طريقه إلى غرفته...راقبته "صابرين" بعدما اسرعت عدة خطوات لمدخل المطبخ كي يتثنى لها أن تراه اكثر بلهفة غامضة...ابتسمت وهي تستند برأسها على الحائط بقلب يبدو أنه عشق من أول نظرة..
بينما" فارس" في طريقه بالممر حتى غرفته نظر جانبـًا باتجاه السلم فلاحظ نظرتها الشاردة من الأعلى...ابتعدت عينيه عنها للأمام في حيرة من أمره....ما بها هذه الفتاة تتفحصه هكذا! لابد أن يتحدث مع والدته غدًا بشأنها....شعور غامض بالخطر يلتف حوله..
دلف لغرفته سريعـًا ومضى للحمام ليتوضأ ويُقيم ليله مع ترتيل آيات الذكر الحكيم مثل ما يفعل كل يوم....
                                               *******                                                        
اغلقت "صابرين" باب غرفتها وهي تبتسم ونظرتها تبدو تائهة بعالم آخر...
ثمة لذة بعذاب الحب تكن أعذب من راحة الوحدة...كانت تُبعد صوت بداخلها يصرخ بغضب "ما تفعلينه خطأ فادح يا فتاة"
أصوات كثيرة ومتضاربة بداخلها...ولكن يبدو أن الشيطان سيطر وزين المعاصي بعينيها....وأن الخطوة الاولى بالمعصية يتبعها فواحش الذنب....
كانت تظن أن الرجال تميل عند الجمال ولم تصدق أن هناك أستثناء بكل قاعدة...
اضجعت على فراشها ونظرتها لا زالت شاردة...الشيء الوحيد الذي عكر صفوها لهذه الليلة تلك الـ "المريمة" التي اعلنت الحرب عليها....حرب أنثى مع انثى...
تاهت بأحلام أتى بها مبتسماً محباً وعاشقاً وجريئـًا....وتابع شيطانها تزيين الذنب بداخلها بشتى الطرق...
                                             *******                                                       

بُهر الليل وانتصف حتى وصفت أحلامها تأجج الاوهام...ليأتي الفجر وساعاته الآمنة على قلوب المؤمنين...
انهى "فارس" صلاة الفجر وسنته بخشوع...وكذلك فعلت " مريمة" بمنزلها....
رفعت يديها بعد الصلاة تدعو في رجاء....
أما قلوب الغافلين كانت في غفلةً عن السكينة والطمأنينة...بدعوات وقت السحر تصعد لربها راضية مستجابة بمشيئته....
فكانت تلك الغافلة تتململ في فراشها برفقة وساوس الشياطين بأحلامها وتمديد طريق الظلام بداخلها...ودائمـًا ما يشغل الشيطان سوى العبد المؤمن الطائع لربه والساجد بين يديه......يسلط عليه اتباعه...ويسلط عليه شهواته..
ولكن من أعرض عن ذكر الله فإن له معيشةٍ ضنكا....
أتت ساعات السحر ومرت بسلام على القلوب المطمئنة حتى طل الصباح....

نوفيلا « في بيتي عاهرة صغيرة» للكاتبة رحاب إبراهيم حسن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن