لا اعلم ان كان مقرر قدومي الى هذه الحياة ام انه مجرد خطأ ادفع انا ثمنه. منذ لحظة خروجي وسط الملايين من الحيوانات المنوية او ما يسمى ب"spermatozoïde"، في رحلة البحث عن البويضة "ovule"، بهدف الاكتمال وتكوين ثمرة الالتقاء وهي انا في تلك اللحظة قررت خوض معركة دامية مع البقية وطبعا ها انا ذا حققت انتصارا ليس بعظيم لكنه انتصار للحياة والوجود. بدأت اكبر شيئا فشيئا وسط ظلام حالك في بطن امي، كنت ثقلا كبيرا عليها، اظن انها تلعن ايامها جميعا منذ علمت بوجودي لكنه ذنبها طبعا، لم اكن ادرك حينها ان الظلام و الضيق الذي خلقت فيه هو بداية المأساة. لذلك كنت اركل امي المسكينة شوقا لمعانقة نور الحياة، الى ان اتى اليوم البائس الذى استنشقت فيه الهواء لأول مرة، بكيت الما ولم اعلم ان ذلك تمهيد لما هو اعظم. مرت الأيام سريعا، تعلمت الوقوف دون مساعدة، بدأت انطق الكلمات، وافهم المعاني، كبرت قليلا واصبحت اذهب الى المدرسة التى لطالما اعتبرتها سجن الطفولة ومقبرة الابداع. انها بمثابة الة تجعلنا نسخة واحدة لا احد يفكر كما يشاء، تفرض علينا قوانين وتعاقبنا على تجاوزها، ستعاقب حتى ان فكرت اكثر او ابدعت اكثر، هناك حدود لكل شيء لذلك كنت اعيش اغلب الأشياء في خيالي، اتخيل ما اريد واتكلم ما اريد اتحاور مع نفسي في مواضيع كثيرة، احدثها واسئلها واعاتبها واعلمها كأنني اعيش وسط سجن داخلي ابحث فيه عن الحرية و الكمال الذاتي، الذي نفتقده حين نكون وجها لوجه مع الأخر مع الحياة و مع كل ما هو خرج عن الذات، تمر الأيام سريعا. انني في صراع دائم مع الزمن استيقظ صباحا رغما عني لأذهب للدراسة، كنت متفوقة لكنني لم احس يوما بفرحة النجاح لأنني لم احقق ذاتي بعد، لم افعل ما اريد فعله حقا. يراودني احساس غريب رغم صغر سني في ذلك الوقت ان مااعيشه ليس سوى تحقيق لرغبة المجتمع اللعين الذي اعيش فيه، لكنني كنت مجرد الة صغيرة يتم التحكم فيها و استغلالها لا اكثر . ينتهي اليوم فأعود للبيت و هكذا ينتهي كل يوم مرت سنوات لم يتغير شيئ فقط كبرت اكثر وكبر اليقين و تفاقمت المأساة و بدأ الصراع الحقيقي مع الحياة التي فرض علينا التواجد فيها ولكننا يجب ان نكون اقوياء لمواصلة الطريق الذي لم يبدأ بعد. في تلك اللحظة التي احسست فيها بالألم ادركت انني وضعت قدمي في خط البداية كعصفور صغير في قبضة طفل يضمها فتذوق عذاب الموت فلا هو ذو عقل يحن لحالها ولا الطير ذو ريش يطير و يهرب. اتذكر جيدا تلك اللحظات حين فارقني من كنت احتمي به من كان يساندني و يرعاني يضمني فأحس بصدق حبه لي كان اقرب الى قلبي من ابي، بكيت كثيرا عله يفتح عيناه مجددا لكن الموت سرقه مني دون سابق انذار، احببته كثيرا اكثر من اي شيء ها انا احس بذاك الألم يراودني كلما تذكرت تلك اللحظات كانت تتعالى اصوات البكاء، احسست بخوف شديد وحزن قاتل لم اجد من يظمني ليذهب بأسي. ادركت انني اواجه وحدي حتى امي لم اجدها في تلك اللحظة لتخفف همي اسرعت لأختبأ في ركن البيت وحيدة كانت خيبتي كبيرة، كطفل هرول لأمه باكيا لتحتضنه فصفعته ليكف عن البكاء. اغمظت عيناي لكن دون جدوى، انقبض قلبي رعبا من ذلك المشهد المريع مازلت ارى تفاصيل ذلك اليوم امامي. حتي ان الفقد هو اكبر مخاوفي و اولها منذ ذلك اليوم. مرت ايام قليلة كنت احاول النسيان لكن الألم يسكن في اعماق القلب و يأبى تركي. كأنه يقول لي مازال امامك الكثير فتماسكي، اصبحت لدي صديقة جديدة لقد ولدت منذ اشهر كبرت امام عيني، حتى انني كنت مشرفة على ولادتها انها قطتي الجميلة التي تعلقت بها كثيرا، كنت تقريبا في التاسعة من عمري. كانت هي رفيقتي التي اشعر بإرتياح كبير بجانبها كنت احدثها عن كل شيئ انها تسمعني و تفهمني كانها قطعة من قلبي. تمر الأيام سريعا اكبر و تكبر معي افكاري ومعتقداتي. كنت وحيدة في اغلب الأحيان لا احب الجلوس مع الأخرين اكره الثرثرة، افضل الحديث مع نفسي او حوارا مع قطتي احب الهدوء، الليل، و المطر احب الشتاء والثلج و البحر اعشق الطبيعة و الهواء النقي... احب اللون الأسود لكن امي تكره حبي له، ترفض لوني المفضل بشدة، لا اعلم لماذا لكنه جزء من فلسفة الحياة التي تحكمنا، لا شيء يكون كما اريد، حياة متقلبة، و افكار مشتتة، عقل تائه بين ما احبه انا و ما يفرضه العالم و المجتمع و الطبيعة. تقدم العمر قليلا و اصبحت اعي الأشياء اكثر و بدأ القدر يلعب معي لعبة الحياة .
أنت تقرأ
فلسفة الحياة
Adventureنجد انفسنا في صراع دائم مع الحياة منذ صرختنا الأولى. نبحث عن الوجود و معناه، نصارع الوقت و الزمن والأشخاص، حتى انفسنا احيانا، نسقط وننهزم، وأحيانا نتغلب على الظروف و الألم، منا من يستسلم و يترك نفسه كلألة تتحكم فيه كل العوامل الخارجة عن ذاته. ومنا م...