٣ _ مُتنَاقِض.
يَحِل المَساء ، يَأتِي اللّيل ، ويستَمر فِي الفَراغ نَفسه ، دُون بِداية جَديدة ولانِهاية للمَالانِهاية المُمتِدة مُنذ تِلك اللّيلة !
كانَ يجلِس وحِيدا فِي غُرفته مُنذ ساعَات يمضِي أوقَاته فِي مَلجأه الوَحيد مُختَليا بِذاته التي لَم يَعد بقادِر علَى استِيعابها على عكسِ السّابق !لطالمَا إمتلكَ سوكجِين ذاتاً مُخِيفة و وَعيًا هائِلا بنَفسه جَعلهُ ينفَصل عن الواقِع تمامًا و يُغادِره ليَرتحِل إلى عُمقِ دوَاخِله بَحثا عَن أجوِبة تَشفِي فُضول روحهُ وتَكشفُ لهُ عن حَقيقة مَشاعِره.
أمَّا الآن... !
باتَ يغُوص فِي عتمَة حالِكة لا يعِي حقِيقة الضّياع الذي يعِيشهُ عبثًا ، يقِفُ بلا قُدرة لمُجابَهة المَرارة التِي تَنساب فِي جَوفه كسُم قاتِل كلّما باغتَته ذِكريات الأمس.
كلَّ يوم يَمر يَشعر أنَّه ليسَ مِن عُمره، و كأنَّما إقتَرضه مِن شَخص ذُو حظٍ سَيء لا حَق لهُ فِي نَيل السَّعادة أو قِسط مِن الرَّاحة !
وقَد كانَ ومَا زَال يَرى نَفسه غَريبا أينَما كانَ وحَيثما حلَّ لذا أمَضى جُلّ عُمره يَشعُر بأنَّ عَليه المُغادرَة...
و لأربَعة عَشر سنَة كامِلة ! فِي كُلّ ثانِية و دَقِيقة مِن كُلّ سَاعة فِي اليَوم طَوال تِلك السّنِين وذَاك الشّعُور ينتَابه بَحثا عَن وطَن وأرضٍ، عَن هوِيّة و بَيت كانَ هُنا بالأمسِ وقَد عَاش فِيه لأعوَامٍ دُونَ هَم ولا حزن قبلَ أن يُحاط بأسلاكٍ مِن هواجس الماضِي.
لِيَعود أخِيرا و يتَفاجئ بِكونه ما زَال غرِيبا فِي عُقرِ دارِه و حتّى عَن نَفسه !
٤/١٢/٢٠١٩
رَغبتِي بالإختِفاء تزِيدُ كلَّ يومٍ...
حَادثَ مُذكرته بِبضع كَلمات ليَضع النَّاطق الأبكم بداخِلها وهمَّ بارجاعِها إلى دُرج مَكتبِه، و كمَا جرَت العادَة عَجز عَن تفسِير العبَثية التي صارَت تَملأه فَقرَّر الخُروجَ فجرًا والمِضي إلى حيثُ لا يَعرفه أحَد.
_أستَخرُج فِي هذَا الوقت؟
سمِع صوتَا مِن العَدم يسأله عَن وِجهته ليَستدِير حيثُ الظَّلام الدَّامس فِي آخر المَمر المُؤدي للغُرف فلمَح فتَى الدُّعابَة يتقدَّم نحوَه يسألهُ بِفضُول
_إلى أينَ أنتَ ذاهِب سيّد جين؟ هَل تشعُر بالمَرض؟
تنهدَ جين يُرخِي بثقَل جسدِه على الجِدار خلفهُ يُطالِع هوسوك فِي صمت لثَواني معدُودات يُفكر بَما يُجيبه و هو نفسهُ لا يعرِف إلَى أينَ هو ذاهِب.
أنت تقرأ
صاحب البيت
Poetryو الحقيقة هي أن اللقاء الذي جمعهم ظنا منهم صدفة لم يكن سوى فشل ذريع لحبكة... حبكة حاكها الماضي المدنس بدماء ابرياء جرمهم الوحيد الثقة ! و قد أقسم الحاضر على تجريدهم من ذاك الدنس بسفك دماء اخرى . و لربما دماء ابرياء ايضا... في مكان حيث لا وجود...