أشعب بن جُبير

411 15 5
                                    

_ انا عايز كمان واحدة شيكولاتة.

قالها و هو يمط شفتية في حركة طفولية بريئة، لعبت خالته في شعره، ثم قالت له بضحك :

_ ولد يا معاذ كفاية واحدة النهاردة، بكرا هنبقى نديك تاني.

دبدب على الأرض بقدميه الصغيريتين قائلًا:

_ بس انا عايزة واحدة كمان و دلوقتي و حالًا.

ضحكت عليه مرة أخرى، على الرغم من هيئته العصبية، لكنه يبدو غاية في اللطافة.

_ تعرف يا معاذ انت بتفكرني بمين؟.

هز رأسه نافيًا، ثم قال بفضول طفولي:

_ بفكرك بمين ها ؟.

_ بأشعب الطماع.

رفع كتفيه بعدم علم، فأستطردت هى:

_ متعرفش هو مين صح؟! تحب أحكيلك عنه؟!.

صفق بحماسة شديدة قائلًا:

_ ايوة يا خالتو أحكي.

جلست على أريكتها الصغيرة، و أجلسته في حضنها لتبدأ بالسرد:

_ لو هنضرب مثل في الطمع فأكيد مش هنلاقي أحسن من أشعب الطماع، اسمه أشعب بن جُبير، اتولد سنة 9 من الهجرة، في المدينة المنورة، ابوه كان من مماليك سيدنا عثمان بن عفان، كان مُعمر لدرجة انه عاش لغاية خلافة المهدي، على الرغم من انه اتربي في بيت سيدنا عثمان، و حفظ القرآن و الأحاديث، و كمان كان بينقلها، إلا انه من كتر ما هو كان هزلي و ظريف؛ الناس مكنتش بتاخد في كلامه في أمور الدين أبدًا.

نظر لها معاذ بغرابة، ثم ابتسم لها قائلًا:

_ طب ما هو راجل فرفوش أهو، قولتي عليه طماع ليه؟!

أطلقت ضحكة عالية، ثم مسحت على شعره بحنان، قائلة:

_ لو صبر القاتل على المقتول كان مات لوحده يا أستاذ معاذ، و انت لو صبرت عليا كنت حكيتلك انا ليه قولت عليه طماع، كان راجل ذكي جدًا و فيه صفات كتيير كويسة، بس للأسف كل دا يتمسح قدام طمعه الشديد، و كان طفس جدًا جدًا .

قاطعها معاذ للمرة الثانية، قائلًا و كأنه أكتشف أكتشاف:

_ يعني زي طنط...

قاطعته قبل ان يكمل حديثه:

_ متتكلمش على حد يا زوزا.

قال معاذ لها بتذمر :

_ طب ما انتي بتتكلمي على أشعب، و انا متكلمتش و قولتلك عيب يا خالتو، كملي كملي انا غلطان اني اتكلمت أصلًا.

شهقت بصدمة من حديثه ، فقالت له مبرره موقفها:

_ ولا ولا، انا بقولك حاجة من التراث، و بعدين انا بحكيلك علشان متبقاش زيه مش بحكيلك علشان ننم عليه انت فاهم يلا.

أشار لها معاذ بلامبالة ان تكمل القصة، أخذت نفس عميق حتى ترجع مرة أخرى إلى هدوئها، فاستئنفت حديثها قائلة:

_ كان طماع و جريء في مرة شاف ناس قاعدة بتاكل تحت شجرة، فرحلوهم و سألهم بتاكلو أيه؟!
هما بقا عارفين انه بيسأل علشان ياكل معاهم فواحد فيهم قاله بناكل سم، فقوقف كدا شوية يفكر و بعدين قعد جنبهم ياكل و هو بيقلهم و الله حرام الحياة تتعاش من بعدكم، و نزل و كل معاهم.

تعالت ضحكات معاذ على هذه القصة، و تعالت ضحكاتها هى ايضًا معه، فأكملت له من بين ضحكاتها:

_ ضحكتك!!طب استنى هقولك واحدة كمان، في مرة تانية كان فيه شوية عيال ماشيين وراه و عمالين يرخموا عليه، فهو علشان يمشيهم قالهم روحوا عند سالم بن عبدالله سمعت انه بيوزع بلح و لوز ، فالعيال فعلا سابوه و راحوا لسالم بن عبدالله، فمشي يكمل طريقه و بعدين وقف شوية و قال في نفسه، انا هروح لسالم بن عبدالله يمكن يكون فعلا بيوزع بلح و لوز، ياربي يا معاذ كان طماع اوي، خاف انه فعلا يكون بيوزع من غير ما يديله مبيحبش تفوت عليه حاجة.

و كمان كان دمه خفيف علشان كدا الناس مكنتش بتاخد بكلامه في الأحاديث، مرة واحد قاله يا أشعب انت كنت بتشوف الصحابة و أكيد تحفظ أحاديث، فقالهم : انا أكتر واحد يعرف أحاديث ، فقالوله: حدثنا

فقالهم : حدثني عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه قال: خلَّتان لا تجتمعان في مؤمن إلا دخل الجنة، ثم سكت.
فقالوله: و ما هما الخلَّتان؟!، قالهم:نسي عكرمة إحداهما ونسيت أنا الأخرى.

كانت ستسترسل في حديثها، لكن قطعها صوت شقيقتها الهادئ، قاله بهمس:

_ جدعة يا بت، معاذ الحمدلله نام .

عدلت ياقة سترتها الوهمية بفخر، قائلة:

_ ربنا يقدرني و أنيمه كدا دايمًا.

سألتها شقيقتها بفضول:

_ انتي كنتي بتحكيله ايه ها ؟!

لقطت حقيبتها و هى تتحدث :

_ لا دا موضوع طويل أوي ، زوزا هيحكيلك عليه لما يصحى.

أرسلت لها قبلة في الهواء و هي تخرج صائحة:

_ انا كدا اتأخرت أشوفكم الخميس اللي جاي تصبحوا على خير.

أغلقت معها باب المنزل الخاص بشقيقتها، و هى تُمني نفسها بأن الزيارة المقبلة ليست بعيدة، فكلها ستة أيام فقط!!.

تمت بحمدالله ... انتظروني الخميس اللي جاي و عايزة أعرف أرائكم في السلسة دي ♥️♥️

المصادر: في أول تعليق

على مر العصورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن