البارت الثانى

15 2 0
                                    

- دخل الشيخ المسجد وعلىٰ غير العادة جلس في أحد أركان المسجد صامتًا ،وبعد نصف ساعة قام ليتحدث معنا، بدأ الحديثُ قائلًا : إسمهُ يحيىٰ؛ وقد أحيا فينا الأمل، فوالله لو أخرجنا جيلًا مثلهُ لفوزنا ورب الكعبة.

سأقُص عليكم القصص..
ذات يوم كُنت أجلس مع شاب وجاء إبنهُ وقبّل يدّ الأب ، وجلس بجوارنا، كان التلفاز مفتوحًا علىٰ قناة المجد للقُرآن الكريم ، كُنتُ أنظر إلى الطفل من حينٍ لآخر وهو يُرتل مع الشيخ ، كان الطفل يسبق الشيخ أحيانًا في التلاوة.
وبعد قليل ذهب الطفلُ خارجًا ليلعب مع أصدقاءه ثم جاء سريعًا إلى أبيهِ وقال له: لقد أذن العصر ، يُنادي الله علينا يا أبي ،فـ هيا لنُلبي النداء.

- تعجبتُ كثيرًا مما حدث، فأسرع الأب بقول: كُنت أُريد أن أجعلهُ يعتاد علىٰ الصلاة فطلبتُ منه أنه عندما يسمع نداء الله عليّ يُخبرني بذلك لأذهب إلىٰ الله، وفي كُل مرة كان يأتي ليُخبرني بذلك كُنت أبتسم وأقول له ذكرتني بالصلاة ذكّرك الله بالشهادة، ثم أُخرج له بعض الحلوى،
وبمرور الوقت قال لي أنه يُردد أن يذهب معيّ ، وبالفعل بدأ في الذهاب معي إلى كُل صلاة، وكلما خرجت من المسجد أحضرت له بعض الحلوى ، وأهمسُ له قائلًا: هذهِ هي مكافئتي لك فـ انتظر مكافئة الله.
أصبح يُصلي الخمس فروض وهو عُمره فقط ثمانية أعوام..

أنا أَقضي بعض الوقت في العمل، وباقي اليوم له..
فأنا لم أجيء به إلى الدُنيا لأجعلهُ يفقد حنان الأب،

بعد صلاة العشاء يوميًا نذهب معًا إلى أحد أركان الغُرفة ونأتي بالمُصحف ، هو يجلس ليحفظ وأنا ووالدتهُ نقرأ الوِرد ، هو يعلم جيدًا أن القُرآن هو أساس المَنزل ، وبدون هذا الأساس المنزل سينهار..
سبعة أعوام ونحنُ نفعل ذلك ، حفظَ القُرآن وأصبحَ له ورد خاص به.
لم يقتصر حفظه علىٰ القراءة فقط، بدأ في أن يُحّفظ أُخته الصغيرة القُرآن ليُراجع معها ما حفظ..
إعتاد مُنذُ الصِغر علىٰ أن يستمع إلى القُرآن ف والله ما وجدت أحدًا أكثر سعدًا ممن حمّل القرآن في قلبه.

" كان هذا الحديث أثناء ذهابنا إلى المسجد، انتهت الصلاة وذهبتُ إلىٰ البيت وأنا أبتسم كُلما تذكرت هذا الطفل، كُنت أذهب إلى والده كثيرًا لأراه، كُنت أُحب الحديث معه..

ذات يومٍ رأيتُ الطفل في المسجد يتحدث مع الأب وهو مُنصت جيد إليه ، اقتربت منهم فوجدت الأب يقول له:
الآن يا فتىٰ أصبحت صبي ، عُمرك إحدى عشر عامًا ، ولن تستطيع اللعب مع صديقتك ثانية..
وهذا أمر الرسول صلى اللّه عليه وسلم، سألعب أنا معك ثم إبتسم ..

كُنت دائمًا أرىٰ الأب يجلس معه ويقرأ له قصص عن الرسول ، ودائمًا ما يَقُص عليه بعض القصص عن عُمر بن الخطاب ويُنهي الحديث معهُ قائلًا :
مات عُمر ولكّن أفكار عُمر لم تموت، يُمكنك أن تُصبح عُمر يومًا ما...

كَبر الفتى وأصبح شابًا في الجامعة ، وإستن بِسُنن النبي كُلها، كُنت أراه يجلس في المسجد بعد صلاة العشاء يتدبر القُرآن هو ووالدهِ ،أو يُعطي للناس بعض النصائح ،وأحيانًا كان يجلس صامتًا وينظر إلى سقف المسجد شادر الذهن..
وذات يومٍ همس له الأب قائلًا: ماذا حلَّ بقلبك يا فتى!

"""..على نهج الصحابيات نسير.."""حيث تعيش القصص. اكتشف الآن