....

108 32 67
                                    

جالسة علی حافة السرير تنظر للأرض في شرود، شعرها الأسود الطويل غطی رأسها من كل جهة وكأن لا وجه لها.

صوت خافت أتی من الحاسوب الذي علی طاولة الدراسة الصغيرة، يخبرها أن رسالة قد وصلتها.

نهـضت لتهمهم بتهويدة غريبة، تعثرت رجلها اليسری الإصطناعية بقلم كان علی الأرض فوقعت، أخذت تئن قليلا وهي تتلوی، وكأنها من مكان مرتفع سقطت.

رفعت جزءها العلوي في تعب، ورأسها يميل كل مرة في جهة، كما لو أنها لا تستطيع حمله.

وقفت أخيراً بعد عدة محاولات فاشلة لتكمل سيرها بمشية مترنحة .. خطت عدة خطوات لتتجاوز مكتبها وتدخل الحمام.

وقفت أمام المغسلة لتبعد الشعر الذي علی وجهها فتظهر ضمادة بيضاء مثبتة بلاصقات علی عينها اليسری، وتبرز جروح بعضها ينزف والآخر ترك ندبة ليست بهينة.

قربت وجهها من المرآة أكثر لتنزع الضمادة، فيظهر محجر عينها الخاوي.

ابتسمت باتساع لتُفاجأ بشكلها، أغمضت عينيها بحزن ووضعت يدها علی شفتها السفلى لتغني تلك التهويدة مجدداً مع همهمات جملت صوتها وجعلت للاغنية صدیً جميلاً.

خرجت بعد أن غسلت وجهها من الدماء، وصلت إلی الكرسي فجلست لترمي رأسها علی لوحة المفاتيح وتجمع قوتها كي ترفع يدها لتدخل إلی الرسالة.

[مرحبااااا..كيف حالك؟.. لقد اشتقت لك كثيرا]

[بخير.. ماذا عنك؟.. أنا أيضا اشتقت لك]

[أنا بخير طالما أنتِ كذلك ^^]

نظرت للحاسوب وخدها الأيمن يلامس خشب الطاولة البارد، تمتمت بابتسامة لتغير وضعية رأسها إلی الجهة الأخری: بخير لأني لستُ كذلك؟

ضحكت بخفة لتدمع عينها اليمنی، وتنزف الثانية دماً.

نظرت للرسالة التي وصلتها

[لقد خرجتُ اليوم للتسوق وجلبتُ أغراضاً للمدرسة، هه أتصدقين أن السوق كان مزدحماً كثيراً؟!.. خِلتُ أنني سأراك هناك، لكنني تذكرتُ أنك لم تصفي لي شكلك، ألن تكون صدفة جميلة لو التقينا؟؟]

[نعم ستكون صدفة رائعة]

[إذا~ هل خرجتِ اليوم إلی أي مكان؟ وأيضا هل بدأت الدراسة عندكم؟]

تلك الابتسامة الواسعة لم تفارقها إطلاقاً، لكنها لا تبدو سعيدة، عيناها الواسعتان لا تكذبان أبداً، عادت لتغني شكواها بكلمات لن يفهمها إنسي، ها هي الآن تجهش بالبكاء ووجهها علی الطاولة تضمه ذراعاها.

مدت يدها لتكتب علی لوحة المفاتيح بأصابعها المرتجفة

[أنا في رحلة مع أقاربي إلی أحد الفنادق، لم تبدأ المدرسة عندي]

[اوه حقا؟! .. يالك من محظوظة، أخبريني هل تستمتعين بوقتك؟ .. ههه أنا احسدك حقا، كيف تذهبين للرحلات دائماً مع عائلتك]

وقفت لتغلق حاسوبها بهدوء وتتحرك ناحية سريرها بِخطاً متباعدة بطيئة.

انتصبت أمام مبتغاها بصمت لتزيل اللحاف المهترء بيديها الخائرتين، وترمي نفسها على الفراش المتمزق ليصدر صوتا أزعجها، أغمضت عينيها الدامعتين ... واستسلمت للموت

‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐

انتهت

في
(الرابع من فبراير سنة ٢٠٢١مـيلادي)

إهداء لـ @تم حذف الحساب.

اشكر كل من وصل/ت إلى هذه العبارة وقرأ القصة كاملة.

أتمنى أنها نالت أعجابكم🌸

في أمان الله.

🎉 لقد انتهيت من قراءة واستسلمت للموت 🎉
واستسلمت للموتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن