كُتلـة الثَلج الأولـي.

68 11 14
                                    

الـواحد وثـلاثون مـن ديـسمـبر عـام ٢٠٢٠
فــرنــسـا - بــاريــس
الـتاسعة مـساءًا.

غشي الليلُ بسكونه على جُدران السماءِ، تشعُ الحانة العتيقة ضوءًا وسط الزقاقِ المُظلم و يملؤها بالداخل الثملون في كل جانب و تتلاقي العُملات داخل صندوق الموسيقي الذي يُعيد تشغيل نفس الأغنية لما يُقارب الخمسة عشر عام.

جَالسًا أمام الساقي علي أحد المَقاعد المُتناثرة، يعبث بكأسه شَاردًا يُحاول إيجاد ضوضاء تَفوق ضوضاء عَقلِه.

«كيفَ حالك اليوم نايل؟» سَأله الساقي بأبتسامة.

«حين تُشرق الشمس من مَغرِبها سأجد إجابة عن سُؤالك توماس.» تمتم نايل بخفوت.

وضع توماس له كأسًا آخر وهو يتحدث :
«كُل يوم سأسألك نفس السُؤال حتي تُخبرني يومًا أنك بأفضلِ حال، السعادة ستبدو رائعة عليك يا صديقي.»

«أخبرتُك ألا تُصادقني فما يعمُ قلبي من ظَلام قد يتسرب لداخل خَاصتك.»

«عندما تجد من تُنير ظلام قلبك سأتركك وشأنك.» سَخر توماس وأكمل ما بيده.

صدر صوت تحطُم زُجاجًا من طاولة خَلفهم ألقي توماس نظرة بفزع و ألتفت نايل عندما ركض توماس نحو ذلك الشجار.

وقع نظره علي فتاة تحمل نِصف زُجاجة مُحطمة وتلوح بها أمام وجه رجل ثمل رثِ الثياب، أقترب توماس منها في محاولة لتهدئتها هاتفًا :

«ماديسون، أضعي تلك جانبًا لا داعي لتلك الضجة.» وضع توماس يده علي كتفها وهي نظرها مُثبت علي الرجل أمامها.

«أنتظر أنت توماس.» أشارت بالزجاجة المُحطمة نحو توماس فـتراجع وتركها تتصرف كما تشاء.

أقتربت نحو الرجل الذي يبدو من قبعته وثيابه أنه أحد سائقي الشاحنات كان أربعيني العمر، بدين تنمو له لحية تفوح منها رائحة الكحول ويترنح ملقيًا نحوها نظرات مُتفحصة.

أقتربت هي منه أكثر ونايل لازال يُشاهدها، لامست أطراف الزجاجة جلد رقبته.

«أرحل من هنا وإلا ستتمني لو أنك فعلت.» كانت نبرتها خافتة تُرسل الرهبة إلي جسدك، ركض السائق للخارج بهلع وهو يسبها بخفوت.

عاد نايل لإسكات القاطنين بداخل عقله، يصارع تناقض نفسه كـكُل يوم.

ألقت هي الزُجاجة أرضًا ونفضت يداها ثم ألتقطت زجاجة آخري من الطاولة وأخذتها متوجهة نحو المقاعد.

Dear Patience «N.H»حيث تعيش القصص. اكتشف الآن